إسمي حسان ، صحفي صغير للغاية وكاتب أصغر من صغير .. ليس لي صوت مسموع ولا أكتب في السياسة للمطبوعة التي أعمل بها .. عادة أكتب لتلك المطبوعة عن هيفاء وهبي دون حتى أن أجرؤ على الكتابة عن تفاصيل إحدى عملياتها التجميلية الأربعين وإن كانت أجرتها لأذنها أو أنفها أو شفتها العليا أو حلمة ثديها .. تلك خطوط حمراء لا أجرؤ على تجاوزها ...
عليه ، ففضائي السياسي الوحيد هو الإنترنت .. ومن تكون هذه الإنترنت ، ومن يقرأني بها ؟!
بالعادة ، وأقولها صادقا ، أكتب لمعجباتي .. وعليه أيضا ، فإن صوتي لا يبرح مكانه وإن تجاوز مكانه قليلا فلقراء يقرؤون الإسم لا المضمون .
رغم ذلك ، رغم كل ذلك .. فلست أجرؤ على أن أتوقف عند دعوتي لاغتيال بوش دون أن أكمل المقال لأصل إلى المغزى منه وإلا سأتهم بالإرهاب وبخرق قوانين البلد الذي أعيش فيه ، وبخرق القانون الدولي ، وبالتحريض على قتل خليفة الدولة التي لا تغيب عنها الشمس والتي يأتيها ريع الغيمة حيث أمطرت .. وإن سلمت من كل هذا وذاك ، فكيف سأسلم من سهام المتربصين بكل صغيرة وكبيرة يحصونها ؟!
لذا سأتراجع عن دعوتي ..
لست أدعو لاغتيال جورج بوش ولا جورج مايكل ، حتى وإن كنت أتفه وأقل شأنا من أن يسمع أيا منهما عني أو عن دعوتي ..

إلا أنني أستطيع محاججة أمريكا بكبرها إن بقيت صامدا على موقفي وعلى دعوتي ، فالقانون الأمريكي الذي تسامح مع دعوة القس الإنجيليكي الشهير بات روبرتسون والواعظ الذي يتحلق حول برنامجه التلفزيوني ملايين المؤمنين لاغتيال الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز ، سيتسامح بكل تأكيد مع صحفي صغير لا صوت له ولا حجم ولا وزن دعا في ساعة شيطان إلى اغتيال جورج بوش قلب الأسد .

ليس للوقاحة الأمريكية آخر ..
حقيقة ، هي ليست وقاحة بل منتهى ( الواقعية ) التي لا يمكن لدولة بعظمة وقوة أمريكا إلا أن تمارسها كما هي : take it or leave it .. إقبلها أو ارفضها ، وكوننا عباد الله الصاغرون ، فسنقبلها حتف أنفنا .

لو كان نيافة القس صاحب فضيلة سلفي ..
لكان أول من رجمه قومه وأجهدوا أنفسهم بالتنقيب في قواميس الدنيا عن أوصاف تليق برجل الدين الذي يدعي دينه التسامح ، ثم يدعو لاغتيال جورج بوش .. جورج بوش بجلالة قدره !!.

إلا أنه ..لحظة ..
ومن قال أن نيافته ينطبق عليه ما ينطبق على شيخ سلفي وهابي غارق حتى أذنيه بالتطرف والإقصاء ؟
فروبرتسون – ولله وللتاريخ – حاول من خلال دعوته أن يقدم خدمة إنسانية جليلة للشعب الفنزويلي الطيب كي لا تدوسه سنابك خيل الله ، ذلك ان تصفية رجل مشاغب عديم التربية كهوجو تشافيز جسديا ، أفضل من أن تكرر أمريكا الدرس العراقي وتحتل هذا البلد الآمن وتأخذ شعبه في جريرة مغامر أحمق يتحكم بمستودع ضخم للنفط يمكن أن يلحق ضرراً بالغاً بأمريكا على حد تعبير الواعظ القس الذي يبث برنامجه عبر CBN وليس عبر قناة الجزيرة كيوسف القرضاوي ، وبكل أسف ولوعة .

أكرر أسفي واعتذاري عن دعوتي لاغتيال بوش ، جورج دبليو بوش ... وبكل تأكيد فلست أدعو لاغتياله ، لا بل ربما أدعو له في سري بطول البقاء .
ما أحمقني ..
كعربي أغوص في وحل الشخص الرمز .. الرجل الوطن .. الآلهة الأعلون .. الشمس التي تدور حولها الكواكب ، اعتقدت لوهلة أن التاريخ الأمريكي ربما سيتوقف لو أن دعوة رجل هامشي مثلي وجدت من يسمعها ، ونسيت أن جورج بوش ليس أكثر من ترس صغير في ساعة كبيرة مليئة بالتروس ، وأنه عندما يموت ، فإنه سيموت كأي رجل أمريكي وسوف لن يحظى – ربما – بأكثر من جنازة رسمية تنساه بعدها أمريكا ، وربما سيحظى – وبأحسن الأحوال – بتكريم رمزي كأن يطلق أتباعه الأنجيليون اسمه على إحدى كنائسهم تخليدا لذكرى رجل عظيم حمل الصليب إلى النجوم كان اسمه جورج بوش قلب الأسد ...
ثم ستستيقظ أمريكا وتكمل تاريخها من جديد .