بعد ان اثبتنا تشتت ذاكرة القرآن في قصة لوط في سورتي هود والحجر,نتعرف الى دليل آخر وقوي على ضعف ذاكرة القرآن والذي يثبّت بشرية القرآن من خلال القصص التي من المفترض ان يكون الله رواها على لسان محمد :
قال الله في قصة نوح من سورة هود:

"قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ ..."(هود 28)


أيضا قال الله في قصة صالح في نفس السورة:

"قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً ..."(هود 63)

اننا في نفس السورة, ولكن في قصتان مختلفتان عن نبيين مختلفين,ينقل القرآن تطابق في الألفاظ عند مخاطبة هذين النبيين لقومهما.
نفس الأمر يحدث داخل سورة أخرى لنبيين آخرين.ففي سورة الشعراء قال قوم النبي صالح له:

"قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ
مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ "(الشعراء153-154)[/COLOR]
وفي نفس السورة قال قوم النبي شعيب له :
"قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ
وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ "(الشعراء 184-186)


هذا التطابق في الاقوال في قصتين مختلفتين وعن نبيين مختلفين يحدث فقط عندما ورود القصتين في نفس الآية, حيث كما نعلم تكون قد قرئت على لسان محمد بأوقات متقاربة, حيث تكون حالة محمد الذهنية والنفسية لم يحدث فيها تغيير ملموس.


فلنر كيف يختفي هذا التطابق ولا نجد له أثر, عندما يكون هناك قصتان وردتا في سورتان مختلفتان(وهذا يعني أن زمنا قرائتهما متباعدان فتضعف الذاكرة), بالرغم ان هاتان القصتان هما عن نفس النبي وعن نفس الموقف و نفس الحادثة التي جرت له:

في سورة الشعراء الآيات 141-151 يروي القرآن عن النبي صالح وقومه:

"كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ
أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ
وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ
الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ
قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ
مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ
قالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ
وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ
فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ
فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ




وروى عن قصة صالح وقومه في سورة القمر الآيات 23-32:

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ
فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ
أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ
سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ
إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ
وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ
فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ "


عندما تكونان السورتان مختلفتان, بينما النبي ذاته ,و الموقف ذاته, لا نجد أي اتفاق في اي من عبارات الجدل والحوار.

عندما نكون في نفس السورة,مع نبيان مختلفان ومواقف مختلفة, نجد تطابق في عبارات الجدل والحوار.


هذا هو الدليل القاطع على ذاكرة قرآنية مرتبطة بالزمن