{myadvertisements[zone_1]}
كيف يفهم المسلمون مبدأ التقية و كيف يطبقونه؟
إبراهيم غير متصل
بين شجوٍ وحنين
*****

المشاركات: 14,214
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #13
كيف يفهم المسلمون مبدأ التقية و كيف يطبقونه؟
انتقد كثير من الناس المسيحية و قالوا إن كان الله محبة كما تقولون، فلماذا كل هذه الدموية في العهد القديم؟ هل غاب إله المحبة عن العهد القديم؟ الأمر الذي دفع بعض المسيحيين أنفسهم أن يتنصلوا للعهد القديم و قالوا إنهم لا يريدون من الكتاب المقدس أكثر من الأناجيل الأربعة. في الحقيقة، هذه الشكوى ليست حديثة بل سبقهم إليها مارقيون في القرون المسيحية الأولى و الذي نادى بأن العهد القديم له إلهه و إله المسيحية إله آخر. و نحن بدورنا نسألهم: عندما كانت عادة يسوع أن يذهب إلى الهيكل و يفتح السفر فهل كان يقرأ العهد الجديد؟! الجواب هو: كلا. نراه تارة يقتبس من إشعياء و تارة من سفر دانيال و تارة أخرى من سفر المزامير و سائر أسفار العهد القديم. و كان يشير إليه بإيمان عميق قائلا: \"لأنه مكتوب\" كما قال للشيطان في تجربة البرية مثلا. كان العهد القديم (أو \"الكُتُب\" بتعبير آخر له) هو كتاب يسوع و كتاب الرسل الذين رافقوه في مسيرته و قال لهم: \"على كرسي موسى، جلس الكتبة و الفريسيون. فكل ما قال لكم أن تحفظوه فاحفظوه و افعلوه و لكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون و لا يفعلون\" (متى 23: 2). هنا يريد المسيح أن يقول لنا إنه و برغم من فساد بعض ربابنة اليهود في ذلك الوقت حيث حُملوا التوراة و لم يعملوا بكتاب الله، فنحن يقع علينا إلزام أن نؤمن و نصدق بكل ما جاء في هذه \"الكتب\" و أيضا \"نحفظها\" في قلوبنا و نطبقها بأفعالنا.

نظرة العهد القديم في الله ثابتة مع الأجيال لأنها شاملة صادقة. يظهر ذلك في وصف ملامح الله و صفاته المميزة عبر صفحات العهد القديم. نقرأ بين دفتي العهد القديم عن هذا الرب-واسمه يهوى-إله رهيب و جذاب معا، خفي و حاضر أبدًا، رهيب في عظمته و قداسته و عدله، جذاب في صلاحه و عنايته و تنازله. إنه يجمع بين السمو و القرب معاً، بين كونه إله مختاريه و في الوقت نفسه إله الكون أجمع. يا له من إله يلج التاريخ و يوحي لنا من خلال التاريخ و أيضا يعمل في التاريخ و به. إله يختار و يحبّ و يخلّص و يفدي، يقود و يحكم. إله يظهر ذاته بكلمته و عمله، بواسطة مختاريه في وقت معين و بيئة معينة ساعة يشاء و حيث يشاء. قطعا هو إله قوي الشخصية و فعّال لما يريد. و مع حركة الزمن يأتي العهد الجديد و يتبنى هذه النظرة لله بالكامل كما جاءت في العهد القديم و دون أي تبديل. و بناء عليه، فإله العهد الجديد، إله و أبو ربنا يسوع المسيح، ليس إله الفلاسفة، حسب تعبير باسكال، بل إله إبراهيم و اسحق و يعقوب، أي يهوى إله العهد القديم، و هذا الأمر عينه هو ما أشار إليه المسيح عندما خاطب نفر من اليهود أتباع شيعة الصدوقيين فقال: \"و أما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قِبَل الله القائل: أنا إله إبراهيم وإله إسحق و إله يعقوب. ليس إله أموات بل إله أحياء\" (متى 22: 31). أمران يحضران هنا من كلام المسيح: أولا عبارة المسيح \"الله القائل\" و هو يشير إلى آية من أيات العهد القديم المتكررة الورود. الله هو القائل و ليس مجرد بشر. ثانيا، هذا الإله الناطق في العهد القديم هو أيضا من يتكلم المسيح الآن بلسانه باعتباره \"نطق الله\" أو \"كلمة الله\". و كيف ينطق المسيح إلا بكلام الله الآب الذي أرسله و هو إله العهد القديم الذي أرسله في \"ملء الزمان\" أي بعد اكتمال الوقت المناسب ليختم به الإعلان. لا يمكن أن نستغني عن العهد القديم لأنه جاء كتمهيد إيجابي للعهد الجديد؛ فيأتي العهد الجديد و يستخدم الكثير من تعابير و أفكار و صور العهد القديم مبلوراً إياها بكثافة غنية و عمق جميل فكانت هذه الصور و التعابير أداة طيعة لإعلان البشارة الجديدة.
و كيف ننسى أن مؤلفي العهد الجديد كانوا يهودًا أنفسهم، و كذلك الرسل بل و يسوع نفسه؟! كان العهد القديم كتابهم المألوف، يعيشون في عالمه و مناخه الديني و الإجتماعي، و كان عالم العهد القديم هو عالمهم الروحي الوحيد، فتشبعوا منذ الطفولة، بأفكاره الدينية، و استعانوا بمفرداته و لغته الروحية، في صلواتهم و في أحاديثهم عن الله و الإنسان و العالم. لذلك لا يجب أن نتعجب إذا لجأ الإنجيليون و المسيحيون الأوائل إلى مفردات العهد القديم و تعابيره في إعلان البشارة و في تدوين أحداث العهد الجديد.

و ها نحن في مطلع القرن الواحد و العشرين و نريد أن نقرأ العهد القديم و كأنه كُتب في قرننا هذا. يجب أن نضع في الاعتبار أن العهد القديم موجّه إلى أناس من الشرق القديم تختلف تقاليدهم عن تقاليدنا و كذلك عقليتهم و طريقة التفكير و التعبير عندهم تختلف عن عقليتنا الحاضرة نحن أبناء المشرق الحديث. هذا الواقع من مقومات الوحي الإلهي لإله نعبده و يتحدث على مر التاريخ و قد اعتاد أن يتحدث إلينا في وقت معين و بيئة معينة. لذلك يتكلم الله مع الناس بلغة الناس، أي حسب عقلية عصرهم و تقاليدهم و أساليبهم الفكرية و التصويرية.
01-21-2005, 08:10 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كيف يفهم المسلمون مبدأ التقية و كيف يطبقونه؟ - بواسطة إبراهيم - 01-21-2005, 08:10 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  المسلمون ليسو متدينين يسرى عبد السلام 0 359 12-05-2013, 12:56 PM
آخر رد: يسرى عبد السلام
  عود على بدء, كيف يتعبد المسلمون في القطب؟ عبدالله بن محمد بن ابراهيم 3 862 06-03-2013, 07:55 PM
آخر رد: صلاح الدين بن شبيبة
  و الأن أيها المسلمون هل ستجاوبوني على هذا أم ماذا ؟؟؟ الجوكر 35 11,147 04-28-2013, 10:24 PM
آخر رد: سامي بحبك
  متى يصل المسلمون التقليديون درجة العاص بن وائل رغم كفره الواضح؟ جمال الحر 0 593 03-03-2013, 02:01 PM
آخر رد: جمال الحر
  لماذا ترك المسلمون الجهاد coptic eagle 68 9,135 04-19-2012, 02:32 AM
آخر رد: ahmed ibrahim

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS