منذ دخلت هذا النادي وأنا أراقب عن بعد كل من يتشدق مهاجماً الآخر.

وأنى ذهبت رأيت الكلام والنقاش محتداً.

الكل فيلسوف والكل صحفي والكل عالم والكل هو وحده الطبيب الجراح الذي يريد استئصال الفساد والخراب والفقر من بلاده بكلمتين لا ثالث لهما يعتقد أنه الأول الذي توصل إليهما دون غيره.

وأخص في هذه الأيام الوضع في سوريا وكل من وجد البلسم السحري لشفائها.

كلما دق الكوز بالجرة، نادى المنادي دقت الكوز بالجرة، فلتنتناقش ولنتشاجر.
وصار الكل وكالة أنباء رويترز ماشاء الله، وداس على الآخرين وشتم هذا وقذف أبا ذاك.

الأكثر تهذيباَ يكتب فقط كي يتجاوز عدد قرائه عدداً معيناً، وليرضي غروره فتبرق عيناه عندما يرى أن العداد اجتاز المائة أو المائتين.... وتارةً يميل إلى هذا واخرى إلى ذاك، تراه ماركسياً اليوم ومتأسلماً غداً فقط كي يقرأ له الباقي.... وما الجدوى ؟

وما مدى مسؤولية كل منا عندما يكتب ؟

أريد قبل كل شيئ أن أسأل سؤالاً واحداً....

من ممن يتشدق بالحل أو حتى ببحثه عنه موضوعي تماماً وليس له مصلحة في انهيار باتت علاماته وشيكة ؟

من ممن يصيح ويعلو بصوته منظراً على غيره يداه فعلاً في النار إذا وقعت الواقعة ؟

أكاد أقسم أنهم أقل من خمسة في المائة إن استثينينا من دخل بمعرفين ليتناقش مع نفسه بعقيدتين لعقدة نفسية والأحرى به أن يلجأ إلى معالج نفسي بدل نقاش أمور وطنه المصيرية مع شيزوفرنيته...

- وخروجاً عن الموضوع، الأنكى أن هناك من يدخل بمعرف رجل ومعرف امرأة في آن واحد لتعلن المرأة حبها له، ويرضي نرجسيته ومرضه.


أعيد السؤال من منكم مسؤول عما يقوله ؟

من منكم مسؤول إن سقط الشهر المقبل أو العام المقبل طفل من بلده لنقص دواء أو غذاء هو ساهم فيه وأصابعه تتلاعب بلوحة مفاتيح كمبيوتره ؟

طبعاً سيكون وقتها مديراً تلفازه على قناة الأغاني يرقص طرباً على هيفاء أو غيرها...
أو سيكون يشرب كأساً مع صديقه حالماً بالهجرة إلى بلد آخر.

الناس بالناس، والقطة بالنفاس... ولا أحد مسؤول.....

قبل أن تفتح أبواب جهنم، وتدخلوا في باب العبيد لله أو لأمريكا أو غيرها.....
قبل أن تصيحوا لا مفر من الله إلا إليه، ولا مفر من أمريكا إلا إليها، أقول لكم :
الله لم يأت نصره منذ قرون... كما لن يأتي نصر أمريكا أبداً.

الكل مسؤول... والقضية ليست فقط في ضغط زر نسخ/لصق... القضية مسؤولية عن فكر ندعيه وثقافة قد تصل بنا إلى الأعلى أو إلى الحضيض....

ومن كان جاره بخير فهو بألف خير..........

ولن يموت طفل واحد من بلدي كما يموت أطفال فلسطين والعراق.

الحاضر يعلم الغائب.

رفعت الأقلام وجفت الصحف.