تتصدر ساحة الفكر الحر واجهة النادي لتعبر كما يعبر اسمه عن تبنيه للفكر بشكل عام، وللحرية الفكرية بشكل خاص.

ولكن، وبعد تجربة سنوات، هل وصلت هذه الساحة إلى ما هو مرجو منها ؟ وهل استطعنا أن نصل إلى فكرٍ ما ؟

إن ميزة الفكر، أنه يحتوي الإبداع والتأثير. الإبداع كقدرة على الخلق والتجديد، ليس للتأقلم مع التطورات كما يظن البعض، وإنما لإحداث هذه التطورات ذاتها.
فالفكر يأتي من الفكرة، والفكرة إبداع. وهي إن لم تؤثر فستظل فكرةً وتذهب في طي النسيان.

والفكر إن لم يكن سمحاً عذباً، لنفر الناس، وجعلهم يسدون آذانهم وعقولهم.
فعليه أن يتسم بالسماحة والعذوبة.

والفكر قد يكون نقلاً أو ترجمة، فهو يومها فكر تفاعلي يقارب بين الناس، ويدفع من فاته القطار ليلحق بالركب، ويبين جوانب من الحياة لم يكن المتلقي يراها من قبل.

والفكر حوار منطق وعقل، لا يجوز أن يكون حوار عاطفة وشعارات. فالمنطق والعقل ليس لهما قالب وهما متغيران متجددان مع وجود أسس ثابتة راسخة لهما في نفس الوقت.
بينما العاطفة والشعارات قوالب حنين أو يأس تمنع من التجدد وتبطئ الحركة.

الفكر مشاركة وحوار، فهو إن أتى بلهجة الفرض والقسر أثبت منذ البداية عجزه وضعفه عن الكسب، أما إن أتى بلهجة التداخل والمشاركة كان تفاعل الآراء ووجهات النظر كفيلاً بإثبات صدقه وصحته.

الفكر قابل للخطأ كما هو قابل للصواب. وقد يناسب فترة ولا يلائم أخرى. فهو عرضة للقدم كما هو وسيلة للتجديد.
قد يحيا ويدوم وقد يموت ويندثر.

الفكر لا يوجد إن لم يوجد المتلقي، كما لا داعي لوجود سلعة إن لم يوجد زبون لها.
فهو لا يقوم فقط على صاحب هذا الفكر، بل يقوم أيضاً على متلقي هذا الفكر من متبنٍّ له آخذٍ به، أو رافضٍ له يناقشه ويشذبه.

فهو إذاً إبداعٌ وتأثير، وسماحة وعذوبة، ونقل وترجمة، ومنطق وعقل، ومشاركة وحوار، وخطأ وصواب، وعطاء وتلقٍّ.

هل نسيت شيئاً ؟

(f)