«نيويورك تايمز»: بعد تزايد النفوذ الايراني أمريكا بحاجة لتغيير جذري في استراتيجيتها إزاء العراق

بقلم ويسلي كلارك
في الوقت الذي كانت فيه ادارة الرئيس بوش ومنتقدوها يخوضون مناقشات حامية حول المدى الذي يتعين فيه على جنودنا البقاء في العراق، كنت انظر الى هذه المسألة في الواقع من خلال عيون اصدقاء امريكا في منطقة الخليج.
اذ يرى هؤلاء ان ايران تبرز الان بصفتها المنتصر الاكبر بعد الغزو الامريكي للعراق كما ان استراتيجية بوش الجديدة وردود الديموقراطيين عليها تخطيء الهدف على نحو خطير.
هذا الانتقاد مروع بالطبع، لكنه صحيح لسوء الحظ، ففي الوقت الذي كان فيه الجنود الامريكيون يموتون وهم يقاتلون المتمردين السنة و«الجهاديين» الاجانب، حقق رجال الدين الشيعة في العراق، اهدافا سياسية مهمة جدا كان منها وضع ايديهم على عائدات النفط، تعزيز دور الدين في الدولة، وانشاء ميلشيات كبيرة للدفاع عن مكاسبهم وقضاياهم مع انسحاب الامريكيين ومغادرتهم للبلاد.
بالطبع ترى الدول المجاورة للعراق ان هذا التطور يحوله الى دولة عازلة، يهيمن عليها الشيعة ويعزز قوة ايران في الخليج مع سعيها للحصول على اسلحة دمار شامل وتصعيد لهجتها ازاء اسرائيل.
ويحدث هذا في وقت يُظهر فيه النهج الامريكي ادراكا بسيطا لسياسة وتاريخ الشرق الاوسط.
هذه المسألة تناولها معي اكاديمي كويتي بارز بالقول: تكمن افضل وسيلة للتعامل مع اعدائك في العالم الاسلامي في استيعابهم لانه لن يكون بوسعك قتلهم جميعاً. وإذا ما حاولت ذلك ستثير امامك المزيد من الاعداء، لذا، عليك كسب ولائهم والعمل لاعادة ضمهم للمجتمع والحكومة من جديد كما ينبغي استخدام الضغط العسكري بطريقة محسوبة بحيث يفيدك في خطب ودهم.
اذا كان مثل هذا الانتقاد صحيحا - واعتقد ان من الصعب انكاره - علينا اذن ان نواجه مضامينه وهنا ينبغي ان نلاحظ ان «السير على النهج» الذي نحن فيه يثير مخاطر اضطرارنا لانسحاب بطيء مكلف من العراق في وقت تزداد فيه احتمالات تشرذمه وتحالفه مع ايران.
كما ان سحب جنودنا بسرعة وفقا لجدول زمني، كما يطالب الاعضاء الديمقراطيون في الكونغرس، سيؤدي ببساطة الى اضعاف قدرتنا في التأثير على النتائج، ويثير خطر اندلاع صراع اقليمي أوسع.
لذا، نحن بحاجة للحفاظ على قواتنا في العراق، لكن علينا تعديل استراتيجيتنا بشكل جذري والى اكثر مما دعا اليه الرئيس بوش في الأسبوع الماضي.
فمن الناحية العسكرية على القوات الامريكية والعراقية السيطرة ليس فقط على الجانب العراقي السوري من الحدود بل وايضا على الجانب الشرقي اي الحدود مع ايران.
لقد اثبتت الاستراتيجية الراهنة في تطهير المناطق الواقعة قرب الحدود مع سوريا من المتمردين ثم تركيز قوات عراقية فيها تدعمها وحدات امريكية متحركة نجاحها، لكن يتعين توسيع هذه العملية لتشمل ايضا المناطق الجنوبية الشرقية التي بها كثافة سكانية شيعية، حيث اصبحت معبرا لحركة مرورية كثيفة من ايران كما نحتاج ايضا لنشر من ثلاثة الى اربعة الوية- حوالي 20 الف جندي- مع معدات استطلاع جوي كافية لمراقبة الحدود العراقية التي تمتد آلاف الاميال.
وبالتعاون مع القوات العراقية، علينا مواصلة جهودنا العسكرية في العمل ضد قواعد ومعاقل المتمردين في مناطق السُنة.
وربما تتطلب هذه العملية خلال السنة القادمة او نحوها من اربعة الى ستة اولية من الفرق المقاتلة اضافة لاحتياطي عملياتي ربما من 30 ألف جندي لكن يتعين ان تسير هذه الجهود مع العمل لاستيعاب العناصر المسلحة ودمجها في المجتمع ومن ثم الاستفادة منها في القضاء على ما تبقى من مقاتلين اجانب.
جدير بالذكر ان اتصالات متقطعة جرت في الفترة الاخيرة بين المسؤولين العراقيين والامريكيين من جهة لكن ينبغي ان تؤدي مثل هذه الاتصالات الى المزيد من المناقشات حول مسائل معينة مثل العفو عن المتمردين الذين يلقون اسلحتهم وفرص مشاركتهم في الحياة الخاصة والعامة.
وعلى العراق بدوره البدء كما ورد في الدستور الجديد، بحظر الميلشيات المسلحة، ولاسيما في مناطق الجنوب.
ومن الافضل بالطبع تحقيق هذا طواعية من خلال الوسائل السياسية لكن من الضروري توافر القوة الامريكية ايضا للاستعانة بها كملاذ اخير.


تولى ويسلي كلارك قيادة حلف شمال الاطلسي من عام 1997 الى 2000 وكان مرشحا سابقا عن الحزب الديموقراطي في انتخابات الرئاسة الامريكي