حافظ الشيخ صالح

صحيح أنّ عبدالحليم خدّام لبث ثلاثين سنة، أو أزيَد، في خدمة النظام السوري الطائفي، ولكنّ الصحيح أيضاً هو أنّ يقظات الضمير قد تحصل حتى عند حضور الموت والاحتضار، ولذلك فلا وجه إنكار هاهنا على عبدالحليم خدّام أنْ يستيقظ ضميره بعد كلّ الزمن المديد، ويُعلن البراءة من النظام البوليسي الدموي الباطش، ويقول من باريس كلاماً بليغ القسوة، من الـمُتوقع أنْ يتبعه ما هو أقسى منه في الأسابيع والشهور التالية.

قال خدّام إنّ هذا نظام يقوم على: «هذا ابن عمي، وهذا ابن خالي«، إيماءة منه صريحة إلى النظام الطائفي والعشائري وشبه العائلي الذي مركزهُ جبال اللاذقية النصيرية، وعلى وجه الخصوص بلدة القرداحة، مسقط رأس حافظ أسد، وقال خدّام إنه منذ مجيء بشار لم يُقصّر في النصيحة له، وفي محاولة ترشيد خطواته وقراراته، ولكنّ الرئيس لم يأخذ قَطّ النصح، وبقي أسير الحلقة الضيّقة من القابضين على رقبة النظام: «ابن عمي وابن عمتي، وابن خالي وابن خالتي«، تلكم الحلقة التي قادته إلى شاطئها بعيداً عن شاطئ الشعب، وأوصلتْ مشاريع الإصلاح، وهي مُتنوعة كثيرة، الى الطريق المسدود، فأجهضتها كلّها مرّة واحدة، وهذا من أسباب الورطة الإقليميّة والدولية التي يتخبّط فيها النظام الآن، وسط عزلة شبه شاملة ومُتصاعدة.

من الصعب القول إنّ انشقاق عبدالحليم خدّام حالة فردية معزولة، بلْ الواقع أنها علامة من علامات أزمة النظام كاملاً، وهي دليل على استفحال الأزمة من كلّ جوانبها ووصول الأمور إلى ما قبل حافة السقوط النهائي في الهاوية، وبالتأكيد أنّ الحلف الأمريكي/ الصهيوني، في غارته الآنَ على سورية، هو عاجز عن تحقيق أهدافه وبلوغ غاياته لو أنّ نظام الأمر الراهن الحاكم الآن، ومنذ 1963، في سوريّة، كان في حال من الصلح مع جمهور الشعب، ولم يكن ضيّق القاعدة الشعبيّة جدا، ولم يكن مرتكزاً في بلدة واحدة وجوارها من جبال اللاذقيّة.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=153187&Sn=shkh