أعادت الأحداث الجارية بالعراق الأن إلي ذاكرتي أحداث الحرب الأهلية اللبنانية التي كنت متابعا ليومياتها ووقائعها عبر وسائل الإعلام المختلفة وكنتيجة طبيعية لتلك المتابعة تنتابني نوبة من الضحك الهستيري كلما سمعت هذا الطرف أو ذاك في هذا اللبنان يتحدث بجدية عن أهمية معرفة من وراء إغتيال الحريري فلبنان الذي عرفته لاأحد يهتم فيه بمعرفة القاتل لأن الجميع مشغولين بالقتل والتخريب لدرجة أصبح معها محاولة معرفة من قتل من شئ ساذج وعبثي

في بداية متابعتي لتلك الحرب كنت معتقد أن لبنان تلك دولة عظمي كثيفة السكان بسبب حجم الدمار والتخريب الذي تنقله الأخبار يوميا إلي أن أشتريت يوما مجلة الحوادث التي كان رئيس تحريرها سليمان اللوزي - أغتيل ولم يعرف قاتله لليوم - وفوجئت بالعدد الحقيقي للسكان لكن المفاجئة الكبري أنه بداخل هذا العدد كان هناك حصر لعدد الميلشيات المسلحة بلبنان وقد كان عددها يفوق ال120 ميلشيا مسلحة وبعملية حسابية بسيطة أكتشفت أن في هذا اللبنان كل واحد إبن دين كلب زبالة ملهوش أي لزمة في هذا العالم مكون ميلشيا مسلحة والأغرب كان عن المرتبات التي تدفعها تلك الميلشيات للبهايم المنتمين لها وقد كان المبلغ وقتها يتراوح بين 300 دولار في حالة الميليشيات المبتدئة و500 دولار في الميليشيات ذات التاريخ الإجرامي العريق والحقيقة موضوع المرتبات تلك أثار إستغرابي لسببين أولهم أني كنت معتقد أن هؤلاء الحيوانات يقاتلون من أجل قضية ما بصرف النظر عن عدالتها من عدمه وبالتالي فقد كنت أعتقد أنهم متطوعين لوجه الله والوطن وبدون مقابل والسبب الثاني هو مصدر تلك الأموال التي تدفع للبهايم فقد كنت لسذاجتي معتقد في البداية وبسبب الدمار الشامل الذي كنت أراه علي شاشات التلفزيون أن لبنان لايوجد بها دولار واحد سليم ولكن بعد التقصي والبحث أدركت أن كل واحدة من تلك الميلشيات لها مصدر تمويل خارجي بالإضافة للأنشطة الإجرامية الداخلية كوجود ميناء خاص لكل ميلشيا لزوم تجارة السلاح والمخدرات وبدأت الصورة تتضح في ذهني وأكتشفت إني أمام شعب بالكامل قرر أن يتاجر ببلده وأن يؤجرها مفروشة لكل من يستطيع أن يدفع الثمن وبعد إدراكي لذلك توقفت عن محاولة فهم أو عقلنة مايحدث وأختلطت أسماء الميلشيات وقادتها بوقائع المجازر ولم يعد مهما بالنسبة لي معرفة الميلشيا التي ينتمي إليها كل كلب هناك فالجميع في نظري مدان إما بالصمت أو بالمشاركة الفعلية وكان أكثر مشهد معبر عما وصل إليه ذلك الشعب هو مشهد خروج القوات الأمريكية من هناك بعد تفجير ثكنات المارينز فقد حضر شخص لبناني يحمل لقب وزير الدفاع مراسم توديع القوات الأمريكية وفوجئ بالعناية الفائقة التي يوليها الأمريكيون لعلم بلادهم والطريقة المميزة التي يطوون بها العلم فأبتسم في بلاهة في وجه القائد الأمريكي وقال له بما معناه إذا كنتم تحبون الأعلام لتلك الدرجة فتستطيع أن تأخذ أيضا العلم اللبناني - من كتاب من بيروت للقدس لتوم فريدمان - ولكن ظلت كثير من مفردات تلك الحرب عالقة بالذاكرة الخط الأخضر - تل الزعتر - الأشرفية - بيير الجميل وأولاده ـ جبهة حراس الأرز - المرابطون- إبراهيم قليلات - قصف متبادل - قذائف الهاون - الكفاح المسلح - علي حسن سلمة - جورجينا رزق - أحمد جبريل - سليمان فرنجية وولده توني - رياض الصلح ـ كمال جنبلاط وولده - نبيه بري - حركة أمل - سعد حداد -أنطوان لحد - سليم الحص - سيارة مفخخة - نقاط تفتيش - تراشق بالأسلحة الخفيفة - قتال بالسلاح الأبيض ـ شارع الحمرا -شرمطة ومنيكة فراغية - بيروت ذات الشقين الغربي والشرقي - حزب الله - نهر البارد - البداوي - صابرا وشاتيلا - إيلي حبيقة - سمير جعجع - غزو إسرائيلي - سهل البقاع - الحشيش - إقليم التفاح - الموحدون - الناصريون ـ المتناكون - حافظ الأسد - القذافي - الإمام الصدر - الموارنة - الكتائب - كميل شمعون وولده - كورت فالدهايم - وقف إطلاق النار - خرق وقف إطلاق النار - إطلاق نار متقطع - إطلاق نار عشوائي ـ قناصة - أسطح المباني - أكياس الرمل ـ السنة - الشيعة - الأرمن -حسن نصر الله - زغرته- إختطاف رهائن - إيران - الإفراج عن الرهائن - إختطاف طائرة - منظمة التحرير الفلسطينية -الإفراج عن الطائرة المختطفة - إختطاف رهائن جدد - أسلحة أمريكية لإيران - الإفراج عن الرهائن الجدد- إختطاف رهائن أخرين - لاشئ - العثور علي جثث الرهائن - ميشيل عون - صواريخ الكاتيوشا - تهريب - دولارات مزورة - إلخ إلخ إلخ وإختلاط مشاهد الجثث والأشلاء وفي خلفيتها المباني مرصعة بطلقات الرصاص وقذائف الهاون جعل منظر عربيات الإسعاف بشقيها الصليب والهلال الأحمر وهم يحملون المصابين مثير للضحك والبكاء فالصليب والهلال هم علي رأس قائمة الإتهام في إشعال تلك الحرب كما أن إسعاف المصابين يصبح مفهوما عندما تحدث كارثة كإنهيار مبني ولكن إذا قررت مجموعة من الحيوانات أن تمارس القتل العشوائي ضد بعضها فلماذا إضاعة الوقت والمال في إسعاف المصابين والأجدر بهم إستغلال تلك الأموال في شراء السلاح لإنهاء المهمة بأسرع مايمكن وعندما تم إتفاق الطائف كان مصدر السعادة الوحيد لي هو أني أحسست أخيرا أنه من الممكن أن يتكرم علينا الحيوانات زعماء الطوائف والميليشيات بلبنان بإعطاءنا هدنة من رؤية وجوههم الكريهة التي تصدرت نشرات الأخبار لسنوات طويلة كمقدمة للإعلان عن مجزرة جديدة أو إنفجار سيارة مفخخة ولكن كما يقول المثل ديل الكلب عمره ماينعدل ولو علقوا فيه قالب وخرج قتلة الأمس يتباكون علي إغتيال الحريري كما لو أن هذا شئ غير طبيعي في لبنان وبهذه المناسبة أحب أوجه رسالة للشعب اللبناني الشقيق أقولهم فيها إن رفيق الحريري ليس أول الضحايا ولن يكون أخرهم وإذا أردتم أن تعرفوا القاتل الحقيقي له فالأمر لايستدعي لجنة تحقيق دولية ولا معامل جنائية وكل ماعليكم فعله لمعرفة الفاعل أن تنظروا في المرآة وأود أن أبلغكم أن رفيق الحريري شخص غير مهم وليس له أي قيمة أو لزمة وكل مافي الأمر أن إغتياله تقاطع مع مصالح دول كبري فقررت إستخدام إغتياله لتمرير أجندتها الخاصة ولولا هذا لما وجدتم شخص واحد يقول لكم البقية في حياتكم في شهيدكم الخرافي

بالنسبة للعراق فالحقيقة إستخدام تعبير منع نشوب حرب أهلية تعبير خاطئ لأن الحرب الأهلية تدور رحاها منذ فترة والتعبير الأدق هو وقف الحرب الأهلية وليس منعها والسيناريو المتوقع للعراق لايختلف كثيرا عن السيناريو اللبناني فبعد فترة من إقتتال الحيوانات هناك لمدة تتراوح بين 15 إلي 20 سنة يتم خلالها تدمير العراق بالكامل سيجتمع من تبقي من البهايم أو أولادهم علي قهوة بلدي في شبرا الخيمة أو أي مصيبة تاخدهم لإقتسام ماتبقي من العراق ونفس المفردات التي أمتعنا بها الشعب اللبناني الشقيق علي مدار سنوات يقوم أشاوس الرافدين بإعادة الحياة فيها وبدأوا في تكوين القاموس الخاص بهم

الأحداث الأخيرة والتي بدأت بتفجير أوضة نوم الإمام حسن السمكري تقطع الطريق علي أي إنسان يحاول أن يكون متفائلا وسط تلك الأحداث فهذا التفجير هو الوحيد علي ماأعتقد الذي لم يسقط فيه ضحايا من البشر ومع ذلك فقد كان هو مفجر الغضب عند الشيعة وهذا يعطي صورة جيدة عن أسلوب تفكير هؤلاء الناس ولا أعتقد أنها مبالغة أن أقول أن صدام حسين هو الوحيد الذي تمكن من فهمهم والتعامل معهم فخلال عقود رضخوا لحكمه بدون أن يتجرأ واحد منهم علي رفع رأسه بل وجعلهم يحاربون من أجله أمهم الروحية إيران ورجلهم فوق رقابتهم وفي أعقاب حرب الخليج وبعد إحساسهم بقرب نهاية صدام ونتيجة لوعود أمريكية تمردوا عليه وكان رد فعله باللغة الوحيدة التي يفهمونها وعند الغزو الأمريكي لم يتذكر واحد منهم بلد إسمه العراق بل طائفة تسمي الشيعة وكانت صورهم وهم يقبلون يد الجنود الأمريكيين عند دخولهم بغداد أبلغ تعبير عن وضاعة وحقارة تلك الطائفة- لم يثوروا بسبب القتل العشوائي عن طريق الزرقاوي وجماعته -لم يثوروا من أجل الإذلال اليومي الذي يتعرضون له علي يد الأمريكان لم يثوروا من أجل نهب المتحف العراقي ولكن ثاروا من أجل نسف ضريح ترقد تحت قبته رمة متعفنة وعلي الطرف الأخر يوجد أهل السنة والجماعة المقابل الموضوعي للعلويين في سوريا الذين تنعموا في حكم صدام حسين وعندما سقط الصنم لم تكن قضيتهم هم الأخرين بلد إسمه العراق ولكن عدم السماح لخدمهم السابقين بالوصول للسلطة ولو عن طريق قتل الأبرياء بالسيارات المفخخة وأصبح مشهد الأمريكيين وهم يحاولون التوفيق بين السنة والشيعة كأنه مشهد من إحدي مسرحيات صمويل بيكيت حيث يقوم المغتصب بمحاولة عقد صلح بين إثنين من ضحاياه حتي يتمتع بإغتصابهم بدون مشاكل تعكر صفوه

الحل الوحيد الأن لإيقاف شلال الدم في العراق وقد يعتبره البعض جنونا ولكن لاخيار غيره هو الإفراج عن صدام حسين وتنصيبه رئيسا للعراق لأنه الوحيد القادر علي التعامل مع تلك الحيوانات ومجرد صورته ستجعل كل كلب يلزم حدوده فوجود الأمريكيين يزيد النار إشتعالا وتسليم السلطة للبقر من أمثال الجعفري والسيستاني والإنسحاب يعني إستمرار حمامات الدم وشعب كهذا لايستطيع تقويمه إلا صدام حسين

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم