مقدمة
"فلابد أت تأتى العثرات و لكن ويل لذلك الإنسان الذى به تأتى العثرة " ( مت 18 : 7 ) .
" يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " ( الحجرات 6 ) .
بادئ ذو بدء نقول أنه لا تعارض بين القرآن و بين إدانة يهوذا فالقرآن لم يذكر شيئا عن يهوذا سواء بالإدانة أو بالبراءة و إثبات صحة القرآن لا تستلزم بالضرورة تبرئة يهوذا حيث من الواضح أن هذا هو الهدف بصرف النظر عن أى محاولات لإستنطاق النصوص الإنجيلية بما يوافق هواهم .
النية المسبقة
1 - لا تؤخذ الأناجيل بإسلوب كيف عرف هذا و كيف سمع ذاك فالسيد المسيح الذى قال فى القرآن " و أنبئكم بما تأكلون و ما تدخرون " ( آل عمران 49 ) هو القائل فى الإنجيل " الأعمال التى أعملها يعملها هو أيضا ( المؤمن ) و يعمل أعظم منها " ( يو 14 : 12 ) فالوحى و الأعمال الخارقة لا تدرس بهذه الكيفية
2 - لا يستطيع إنسان أيا كان إخراج شيطان من شخص أرتضى أن يسكن فيه .
3 - روح الآب لا يعط عصمة و كان ديماس يبشر مع بولس الرسول و لكن بولس يذكر عنه " ديماس قد تركنى إذ أحب العالم الحاضر " ( 2 تى 4 : 10 ) .
4 - لا توجد لدينا عقيدة المبشرين بالجنة و التبشير لا يحدد أسماءا بعينها و لكن عروش و عرش يهوذا ذهب إلى متياس ( أع 1 : 26 ) .
5 - سابق علم الله لا ينف مسئولية الإنسان عن أعماله " و فيما هم يأكلون قال الحق أقول لكم إن واحدا منكم يسلمنى " ( مت 26 : 21 ) فالمسيح هنا علم مسبقا بخيانة يهوذا و لكنه هو القائل " فكيف تكمل الكتب أنه هكذا ينبغى أن يكون " ( مت 26 : 54 ) و أيضا " و لم يهلك منهم أحد إلا ابن الهلاك ليتم الكتاب ( يو 17 : 12 ) .
6 - إختلاس يهوذا من الصندوق يوضح مدى حبه للمال و لكن من القائل أن المال هو السبب الوحيد لما فعله يهوذا ؟
7 - الإله لا يخطئ و لكن كل ما حدث تم حسب الخطة الإلهية و دون إجبار لأحد .
8 - دور يهوذا هو تحديد الميعاد و المكان المناسبين .
العشاء الأخير1 - إنجيل يوحنا كتب متأخرا عن بقية الأناجيل لذلك ركز الوحى على أمور بعينها دون الأخرى و رغم ذلك فلقد ذكر العشاء الأخير ضمنا فى يوحنا 13 .
أما الآية المذكورة فى متى 24 : 35 فتتحدث عن خراب أورشليم و هذا حدث سنة 70 م بالفعل و عن نهاية العالم و هذا آت .
2 - أ - ردة الفعل : -ردة الفعل المتوقعة من بطرس حدثت بالفعل من قبل فى ( مت 16 : 21 ) و كان رد المسيح هو " إذهب عنى يا شيطان أنت معثرة لى " فمن المنطق ألا يكرر بولس ردة الفعل هذه ثانية لذلك على العكس من ذلك فردة الفعل هنا منطقية و متماشية مع سياق الأحداث .
ب - ذكرنا من قبل أن دور يهوذا هو تحديد المكان و الميعاد المناسبين .
3 - ما حدث على وجه القة هو ما ذكره إنجيل يوحنا " فغمس ( المسيح ) اللقمة و أعطاها ليهوذا " ( يو 13 : 26 ) .
4 - لا ندرى هل يوحنا تجاهل العشاء الأخير كما ذكرت سابقا أم فطن للمشكلة هنا ؟
5 - جاء المسيح لغتمام هذا العمل فليس بالمستهجن أن يقول " اعما ما أنت تعمله و لا تبطئ " .
6 - يهوذا خائن و سيظل خائنا و الله هو الذى يخرج من الجافى حلاوة " ( قض 14 : 14 ) .
مثال : إذا سجن إنسان بسبب وشاية ظالمة و استغل هذا الإنسان فترة سجنه فدرس و اجتهد و حصل على الدتوراة و هو فى السجن فهل هذا الفعل يبرئ من وشى به و يجعلنا نكافئه بدلا من أن ندينه ؟ بالطبع لا .
7 - القول عن نبوءة هوشع " يحيينا بعد يومين . فى اليوم الثالث يقيمنا فنحيا أمامه " ( هو 6 : 2 ) .
__________________
1 - يظل الإنسان فى المسيحية مخيرا حتى لو أكل من جسد و دم المسيح فهناك من يخونون المسيح رغم غقدامهم على التناول فالعصمة غير موجودة فى المسيحية .
2 - مكان يهوذا فى الملكوت استبدل به متياس كما ذكرت سابقا فالحديث عن أماكن و عروش لا عن أشخاص .
3 - 4 -من السذاجة تصور القول بعد كل حديث للمسيح موجه إلى التلاميذ أن يستدرك قائلا " عدا يهوذا " فمرة واحدة تكفى حين قال " لم يهلك إلا ابن الهلاك " ( يو 17 : 12 ) .
5 - الوحى خلاف شهادة العيان .
- يوحنا هو أكثر التلاميذ عمرا .
- الأناجيل تتكامل و تكاملها يعطى صورة ثلاثية الأبعاد .
______________________
1 - من الواضح أن مفهوم القيامة لم يكن واضحا تماما فى ذهن التلاميذ .
- الصراع ليس بين المسيح و اليهود فالبشر ما هم سوى أداة فى يد إبليس لتنفيذ أفكاره فمصارعتنا ليست مع دم و لحم ( أف 6 : 12 ) بل مع أجناد الشر الروحية و غلبة العالم بمعنى غلبة رئيس هذا العالم و هو إبليس ( يو 14 : 30 ) أما روح الحق فهو الروح القدس و المسيح فى المفهوم المسيحى ما زال موجودا فى العالم الروحى غير المرئى .
- " أتظن أنى لا أستطيع الآن أن أطلب من أبى فيقدم لى أكثر من اثنى عشر جيشا من الملائكة فكيف تكمل الكتب " ( مت 26 : 53 ) .
فى الآية السابقة ردا على تساؤلات كثيرة حول سبب تمكن اليهود من المسيح .
2 - ذكر الكاتبان نص زكريا لأنه ببساطة هو النص الذى ذكره المسيح فالقول منسوب للمسيح . اما تتمة النص فلا يتناسب مع الحدث لأنه على حد قول بطرس الرسول " أقامه الله ناقضا أوجاع الموت إذلم يكن ممكنا أن يمسك منه " ( أع 2 : 24 ) .
مسألة القيام : - إذا كانت هناك إشكالية بخصوص إحدى الآيات التى تحدثت عن قيامة المسيح فهناك العديد من الآيات غيرها التى تتحدث عن نفس الموضوع فعلى سبيل المثال : " من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغى أن يذهب إلى أورشليم و يتألم كثيرا من الشيوخ و رؤساء الكهنة و الكتبة و يقتل " ( مت 16 : 21 ) .
" و فيما هم نازلون من الجبل أوصاهم يسوع قائلا لا تعلموا أحدا بما رأيتم حتى يقوم ابن الإنسان " ( مت 17 : 9 ) .
" و فيما هم يترددون فى الجليل قال لهم يسوع . ابن الإنسان سوف يسلم إلى أيدى الناس فيقتلونهمت 17 : 22 - 23 ) .
"و فيما كان يسوع صاعدا إلى أورشليم اخذ الإثنى عشر تلميذا على انفراد و فى الطريق و قال لهم ها نحن صاعدون إلى أورشليم و ابن الإنسان يسلم إلى رؤساء الكهنة و الكتبة فيحكمون عليه بالموت و يسلمونه إلى الأمم لكى يهزأوا به و يجلدوه و يصلبوه" ( مت 20 : 17 - 19 ) .
" و ابتدأ يعلمهم ان ابن الإنسان ينبغى أن يتألم كثيرا و يرفض من الشيوخ و رؤساء الكهنة و و الكتبة و يقتل و و بعد ثلثة ايام يقوم " م 8 : 31 ) .
" لأنه كان يعلم تلاميذه و يقول لهم ان ابن الإنسان يسلم إلى أيدى الناس فيقتلونه و بعد أن يقتل يقوم فى اليوم الثالث " ( مر 9 : 31 ) .
" قائلا أنه ينبغى أن ابن الإنسان يتألم كثيرا و يرفض من الشيوخ و رؤساء الكهنة و الكتبة و يقتل " ( لو 9 : 22 ) .
" و أخذ الاثنى عشر و قال لهم ها نحن صاعدون إلى أورشليم و سيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان . لأنه يسلم إلى الأمم و و يستهزا به و يشتم و يتفل عليه و يجلدونه و يقتلونه ( لو 18 : 31 - 33 ) .
" و قال لهم هكذا هو مكتوب و هكذا كان ينبغى أن المسيح يتالم و يقوم من الأموات فى اليوم الثالث " ( لو 24 : 46 ) .
" لأنهم لم يكونوا بعد يعرفون الكتاب أنه ينبغى أن يقوم من الأموات " ( يو 20 : 9 ) .
4 - كان الإحتياج لعطية الروح القدس واضحا الأمر الذى ناله التلاميذ يوم الخمسين فالكلام سهل و الفعل صعب و إن كنا نقول هذا عن التلاميذ و أولهم بطرس فما بالك بيهوذا فالأمر لا غرابة فيه .
( يتبع )