في موضوع آخر تسائل الزميل روميو عن معجزة النبي محمد. وقلت في ردي على تسائله ان معجزة محمد هي القرآن. للاسف خرج ذلك الموضوع عن إطاره وتشعب. قال الزميل روميو: "اذا كان القرآن هو المعجزة فهذا كلام كبير و يحتاج إلى موضوع منفصل". لذا افتح شريط جديد لمناقشة هذه النقطه. ومن لديه اعتراض أو تعليق فاليتفضل ويبدي رأيه. وارجو ان لا يخرج الموضوع عن اطاره مرة أخرى. وابدأ الموضوع بنفس الرد السابق، وذلك ليتسنى لمن لم يطلع عليه ان يقرأه هنا. يتبع الاقتباس أضافة أخرى.

اقتباس:  Grendizer   كتب/كتبت  
معجزة محمد هي القرآن، وتحدى قريش بأن يأتوا بسورة من مثله. والمعجزة هي التحدي، ولا معجزة بدون تحدي. ولكن قبل الحكم على القرآن على انه معجزة أو لا، دعنا ننظر الى ما قاله الكتاب المقدس عن معجزات موسى حتى نستطيع المقارنه وبعد ذلك نقيّم معجزة محمد (ص). يذكر كتاب الخروج في الباب السابع قصص موسى وفرعون، ويقول بان موسى ضرب بعصاه ماء النهر فتحول دما. عندما نتخيل هذا الامر نجده شيئ عظيم تقشعر له الابدان، كيف يتحول الماء الى دم؟ ولو حدث هذا الشيئ مع سكان مكه ربما سقطوا مغشيا عليهم. ولكن الكتاب المقدس لايتركنا في حيرة من هذا الامر. ويقول بعد ذكر هذه الحادثة بإن سحرة فرعون فعلوا أيضا نفس الشيئ وحوّلوا الماء دما. الآن لانجد غرابة في الموضوع. فما وجدناه من وجهة نظرنا شيئ عظيم، رآه غيرنا شيئ بسيط ومقدور عليه. ثم يحكي قصة أخرى ويقول ان موسى أخرج الضفادع من النهر. ويضيف بأن سحرة مصر أيضا فعلوا نفس الشيئ بسحرهم وأخرجوا الضفادع من النهر. طبقا لما ورد في الكتاب المقدس فان ما فعله موسى لم يكن بالامر المستحيل. وكانت هناك جولات ومباريات بين سحرة فرعون وموسى. فلم تكن آيات موسى تجعل فرعون يسقط على الارض مغشيا عليه، بل استهزأ بها ثم أحضر سحرته وكانوا لموسى خصما عنيدا والنتيجة متقاربه الى ان تمكن موسى أخيرا ان يحسم المباراة لصالحه بضربات الترجيح.

وعندما نقرأ عن المسيح في الكتاب المقدس نجد ان أعماله كانت كلها سريه. فمرة يحي وحده ميته ثم يسأله أبوها كيف أحييتها، فيقول المسيح: هي لم تكن ميته وانما كانت نايمه! ومرة أخرى يشفي أعمى ويقول له لا تخبر أحد. المعجزة لا تكون معجزة إلا اذا ما اقترنت بالتحدي. فأين هذا التحدي اذا كان الامر في غاية السرية؟ وعندما طالبه اليهود بأن يريهم آيه، لم يستشهد بإحياء الموتى وشفاء المرضى، وإنما قال لهم شعب شرير يريد آيه، ولن يرى إلا آية يونان. ولكن حتى آية يونان لم يراها اليهود، التي هي أصلا كانت مخصصة لهم. تصور انني جئتك وادعيت بأني قمت بعمل نادر. ستقول أرني ما عملته. فيكون ردي إسأل صديقي لتتأكد؟ ستقول، أنا لم أصدقك أنت، فهل تريدني ان اصدق صاحبك؟ ولماذا لاتكون متفق مع صاحبك على هذه الكذبه؟ إذا كنت صادقا فيما تقول فأرنا ما لديك. وغير ذلك لا نقبله منك. فمعجزات المسيح الباهرة التي تذهب العقول لم يراها إلا أصدقاءه فقط! فهل هذه معجزات؟ وأين التحدي؟ وما يدريك لو ان المسيح أظهرها لاستطاع اليهود ان يفعلوا نفس الشيئ، كما عمل سحرة فرعون نفس الاشياء التي عملها موسى؟ الشيئ يا عزيزي لا يكون معجز فقط لأني أراه بنظرتي المحدوده على أنه شيئ معجز، ولكن الكلمة أولا وأخيرا لصاحب الاختصاص. وما يبدو في نظري في غاية الصعوبة، ربما لايساوي عند المختص شربة ماء. ولكن عندما يفشل صاحب الاختصاص على الاتيان بمثله، فهذا يثبت قوة الخصم.

الآن تصور لو أن النبي محمد عمل لقريش كما عمل موسى لسحرة فرعون. سيقولوا له حضرتك جاي تتشطر علينا، تعرف اننا لا نفهم شيئا في الاشياء التي تعملها. كيف نستطيع معرفة حقيقة الاشياء التي تعملها. لعلها تكون سحر. ونحن لانفهم شيئا في السحر. هل أنت ياسيد روميو ستقبل بهذا النوع من التحدي. هل ستقبلها من واحد ميكانيكي ان يتحدى نجّار في أعمال الميكانيكا؟ هل ستقبلها من واحد يدعي انه طبيب ان يظهر شطارته على ناس لايفهمون شيئا في الطب؟ هذا نوع من التحدي الذي لا يقره عقل ولا منطق. ولكن التحدي المعقول المحترم هو ان تتحدى صاحب المهنه. وتتحداه في المهنة أو اللعبة التي يجيدها. تهزمه في ملعبه وأمام جمهوره.  

القرآن تحدى قريش بأن يأتوا بسورة من مثله. فعجزوا عن فعل ذلك. يعني انهم خسروا في لعبتهم المفضلة من أول جوله. فقامت عليهم الحجة. وقالوا "لو نشاء لقلنا مثل هذا". طيب قولوا مثل هذا، فأنتم الآن في ملعبكم وبين جمهوركم وحكم المباراة أيضا منكم، فلماذا لاتقولوا مثل هذا؟ وكل ما زاد عن التحدي الاصلي يعتبر نافلة. فمثلا ورد في القرآن نبؤة انتصار الروم. فهذه النبؤة قد صحت وتحققت وتعتبر آية دالة على صدق نبؤة محمد. ولكنها ليست معجزة لأنها خلت من التحدي. والسبب في خلوها من التحدي هو ان قريش لم يشتهروا في التنجيم والتنبؤات بالغيب. فلا توجد حكمة في تحديهم في شيئ لايجيدونه. هذا مع العلم لو أن هذه النبؤة لم تتحقق لانهار دين محمد من أساسه، ومات في مهده. وسورة الروم ستكون بمثابة إعتراف صريح من محمد على كذبه. ومع ذلك لاتعتبر معجزة. وهكذا نجد معجزة القرآن هو أنسب معجزة لقريش. وكل شيئ سواها لا يصلح إلا ان يكون إضافة ثانوية لاتقوم به الحجه، كآية إنشقاق القمر التي ورد ذكرها في القرآن وتواترت فيها الاحاديث.

هذه الصور أخذها جنود أمريكان من مشاهد إحتفالات الصوفية في العراق. وكما ترى فان مايقوم به هذا الشخص ليس من الخدع السينمائيه. وهذه الامور مشهورة عند طرق الصوفية الرفاعية.

إقتباس:
الطريقة الرفاعية: تنسب إلى ابي العباس أحمد بن أبي الحسين الرفاعي ويطق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق. وبعد فقدان الشيوخ المتمكنون ظهروا بعض الدخلاء المنتسبون لهذه الطريقة جماعة يستخدمون السيوف ودخول النيران في اثبات الكرامات.
المصدر: موسوعة ويكيبيديا

السؤال الان، هل المعجزة هي كل أمر خارق للعادة، أم انها الشيئ الذي يعجز الناس على الاتيان بمثله؟ وعلى من تقام الحجه؟ على أي ناس أم على أصحاب الاختصاص فقط؟ وكيف لغير المختص ان يستطيع تمييز المعجزة عن غيرها من السحر والشعوذة؟

توجد مقولة منسوبة الى بوذا تقول: "شاهدوني وانا أدخل النار لكي تتأكدوا من انني أقول الصدق". يردد هذه المقولة الكهنة البوذيين في احتفالاتهم التي تقام في شرق أسيا ويدخلون النار ويبقون داخلها لفترة ثم يخرجون دون ان يحترقوا. فهل هذا يعني انهم يقولون الصدق وانهم على الحق. طيب الصوفيين يفعلون أيضا نفس الشيئ ويدخلون النيران. فهل هؤلاء أيضا على الحق؟ وهل الذي لايدخل النار يعني انه كاذب وعلى باطل؟

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية انه تناظر مع أحد مشايخ الصوفية الرفاعية وأخذ الصوفي يتحدث عن كرامات أوليائهم. فقال ابن تيمية نحن لانريد كلاما بل نريد عملا. انت تقول بانكم تدخلون النار دون ان تحرقكم. الآن سنوقد نارا وادخلها. فأخذ الشيخ الصوفي يماطل ويقول بأن ما نفعله يعلمه الجميع ونقوم بهذه الكرامات أمام الناس، إسأل من شئت وسيخبرك، الخ. قال ابن تيمية للحضور آتونا بالحطب وأوقدوا النار وسنرى اذا استطاع الشيخ عبدالله ان يدخل النار كما يدعي. إخلع ملابسك وادخل النار الآن. فرفض الشيخ الصوفي وانهزم. ويقول ابن تيميه ان هؤلاء الذين يدخلون النار يضعون على اجسامهم خليط من الزيت والخل والضفادع ويقرأون عليها طلاسم غير مفهومه. وبدون هذا الخليط فان النار ستحرقهم. وفي تلك المناظرة لم يكن خليط الشعوذة متوفر للشيخ الصوفي ورفض دخول النار. في مثل هذه الحالة، إذا أراد الله ان يبعث رسولا لهذه الفئة من الصوفية، فإنه سيؤيده بمعجزة دخول النار بدون زيت، لكي يتبين للمختصين في هذا العمل ان مايشاهدونه يفوق الاعمال التي يعملونها. وانه من نوع مختلف ليس فيه شعوذة ولا طلاسم. أمّا ان يرسل الله رسولا مؤيد بمعجزة دخول النار الى قوم لاعلم لهم بدخول النار، فهذا شيئ لايقره عقل ولا منطق.

قال تعالى: "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون. لقالوا انما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون" (الحجر 14-15). هذه الآية ضربها الله مثلا. ومعانيها واضحة لا تحتج الى شرح. والقصد منها هو: كيف ستتمكنون يا مشركي مكه ان تتأكدوا من ان أبصاركم تسكرت ليست لأنها مسحورة، وإنما الكون الخارجي هو طبيعته الظلمة. لكي يدركوا ذلك لابد لهم من معرفة هذه المعلومة معرفة جيده. المعجزات التي يؤيد الله بها رسله لابد ان تكون من طبيعة الاعمال التي اشتهر بها القوم المرسل اليهم، وإلا لما استطاعوا تمييز المعجزة من السحر والشعوذة. والمعجزات يوجهها الله لأهل الاختصاص فقط. وعندما تقام الحجة على المختصين لايجد العامة سندا يدعم أهوائهم. نستنتج مما سبق ان القرآن هو أبلغ حجة على قريش. وهو أيضا حجة على البشر الى قيام الساعة. وآياته مبينة ومفصّلة لقوم يعلمون.