صبحي الطفيلي الأمين العام الأسبق لـ"حزب الله" تحدث لصحيفة الشرق الاوسط : إيران خطر على التشيع في العالم ورأس حربة المشروع الأميركي والمقاومة في لبنان "خطفت" وأصبحت حرس حدود لإسرائيل
الشيخ الطفيلي في أول حديث صحافي منذ تواريه: أنا مستعد لأكون وزيرا للعدل أو مسؤولا عن القضاء الذي سيتولى محاسبة سارقي المال العام .
فقد كتبت الشرق الاوسط :
استقبلنا "الشيخ"، كما يختصر انصاره حديثهم عنه، في ما وصفه بـ"الصالون" وهو يشبه الغرفة ومساحته تقارب العشرة امتار مربعة، منتعلاً خفاً بلاستيكياً وفوق رأسه صورة كبيرة لـ"رفيق دربه"، آية الله الخميني، والى جانبه رشاش من طراز كلاشنيكوف.
سألناه: ما الذي جعلك تختفي عن الساحة ولماذا قرار العودة الآن؟ وما هو وضعك القانوني؟ فأجاب: "اذا كان لا بد من تكريم احد في لبنان، فهو انا. فقد اسست المقاومة التي اخرجت العدو الاسرائيلي من ارضنا المحتلة، ووقفت الى جانب قضايا الناس وما زلت". لقد بدأت حركتي التي سميت "ثورة الجياع" عام 1997 بعدما رأيت ان الوضع الاقتصادي ينذر بأكبر الاخطار والناس لم تعد قادرة على الاحتمال. وقد حاولت القيام بتحرك لاجبار الدولة على النظر الى قضايا البقاعيين واللبنانيين عموماً، ودعوت الجميع الى مؤازرتي او على الاقل الحياد، لكني فوجئت بورثة الخميني (حزب الله) يقفون الى جانب سارقي المال العام وناهبي ثروات الدولة والمعتدين على الشعب ضد شعبنا وامهات الشهداء والفقراء. وذلك بذريعة ان دعم المقاومة لا يجعلهم قادرين على الخوض في المواضيع الاقتصادية والحياتية. وهذا منطق سخيف، والاسخف منه ان لا مقاومة الآن. فأين نصرة الضعيف والمسحوق؟ وللمفارقة ان بعض المسؤولين الايرانيين - في مواجهة حركتي - وعدوا بأن لديهم مشاريع ستنفذ خلال ستة اشهر وستغير اوضاع المنطقة بشكل كبير، لكن السنوات مرت وهذه المشاريع لم تبصر النور.
* اذاً، تعتبر ان المقاومة انتهت؟
ـ
وهل ذلك موضع نقاش؟ لقد بدأت نهاية هذه المقاومة مذ دخلت قيادتها في صفقات كتفاهم يوليو (تموز) 1994 وتفاهم ابريل (نيسان) 1996الذي اسبغ حماية على المستوطنات الاسرائيلية وذلك بموافقة وزير خارجية ايران.
لكن هذا التفاهم اعتبر انتصاراً للبنان لأنه حيد المدنيين اللبنانيين ايضاً واعترف بشرعية المقاومة، مع ان عمليات للمقاومة تحصل في مزارع شبعا بين الحين والآخر هذا التفاهم الهدف الاساسي منه تحييد المقاومة وادخالها في اتفاقات مع الاسرائيليين، كما ان العمليات الفولكلورية التي تحصل بين حين وآخر لا جدوى منها لأن الاسرائيلي مرتاح، وهل هناك فرق بين الاسرائيلي في مزارع شبعا والاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة؟ هذا اعتراف بالاحتلال، انا ارى ان الخيام (بلدة حدودية لبنانية) هي مثل عكا وحيفا. وما يؤلمني ان المقاومة التي عاهدني شبابها على الموت في سبيل تحرير الاراضي العربية المحتلة، تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الاسرائيلية، ومن يحاول القيام بأي عمل ضد الاسرائيليين يلقون القبض عليه ويسام انواع التعذيب في السجون.
* اي سجون؟
ـ لقد حدثت اكثر من حالة، وقد سلم الذين قاموا بمحاولاتهم الى السلطات اللبنانية التي اخضعتهم للتحقيق والتصنيف.
* متى كانت لحظة التحول في الموقف الايراني حيالك، وهل كان لايران دور في ابعادك عن مركز القرار في الحزب؟
ـ رغم كل ما حصل معي، كنت حريصاً على ابعاد وضعي الشخصي عن الوضع العام، كما لم اتناول ايران وشخصياتها القيادية رغم كل الاحداث الماضية والحالة الشخصية. كنت حريصاً على ان لا ادخل اي قضية عامة في اطار وضعي الشخصي. لكن بعد التحول الذي حصل في الموقف من المقاومة وتحول ايران الى منسق للشؤون الاميركية في المنطقة رأيت ان اخرج عن صمتي.
* نعود الى لحظة التحول في ما يتعلق بالمشروع الذي كنتم تمثلونه في "حزب الله" والذي يحمل عناوين عدة منها عدم المهادنة والمواقف الحادة، بالاضافة الى ارتباط اسم الحزب في تلك الفترة بملفات خطيرة مثل خطف الرهائن وغيرها.
ـ الحديث عن ملف الرهائن الغربيين له وقته. ونحن نؤكد ان لا علاقة لنا به. اما في شأن التحول الذي تتحدث عنه فهو يتلخص بأمرين، الاول ان هناك سياسة في ايران بدأت تبرز بعد رحيل الامام الخميني، وكان واضحاً ان هذه السياسة ستصطدم بفهمنا للاسلام. والامر الثاني ان هناك اشخاصاً بطبيعتهم لا يحبون التزلف.
* تقصد انت؟
ـ قلت مراراً للايرانيين انه عندما تصطدم مصلحتهم مع قناعتي سأغلب الاخيرة،
ولن اكون ابداً عميلاً لايران ولسياستها، انا اخوكم وشريككم لا اكثر ولا اقل. لكن في كل العالم، الاقوياء لا يرغبون بالشركاء، بل يفضلون الضعفاء الذين يدينون لهم بالولاء الاعمى. انا لا احب ان يداس على قدمي لاتحرك في اي اتجاه. وهل من بين فقهاء المسلمين من يقول بجواز نصر وتأييد الظلم على الفقراء والمسلمين؟ ولهذا عندما لا تستطيع ان تتماشى مع النظام يصار الى ابادتك بالقوة وبالوسائل المتاحة.
* لكن الحزب تميز بعدك بنغمة لبنانية.
ـ من يقول في لبنان ان ايران لا تتدخل كاذب. القرار ليس في بيروت وانما في طهران.
* حتى خلال ولايتك؟
ـ نعم، حتى خلال ولايتي كان لـ(القيادة) المركزية في ايران موقعها في القرار. لكن حينها كان هناك انسجام في المواقف والقرارات. ولم نكن نعتبر ان القرارات تملى علينا، بل هي قناعاتنا. وحين يأتي امر من الامام الخميني او غيره ممن يعينهم يقول لنا قاتلوا اسرائيل، فنحن لا نعتبره امراً بل هو من قناعاتنا.
* هل كان رحيل الخميني بداية الفراق مع ايران؟
ـ لنقل: بداية التباين.
* الا ترى تعارضاً في ما تتحدث به عن التواطؤ الايراني وبين الضغوط التي تمارس اميركياً وغربيا على ايران؟
ـ حتى لا نخدع انفسنا، اقول لا شك في ان هناك حواراً اميركياً ـ ايرانياً بدأ قبل غزو العراق. وان وفداً من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية المؤيد لايران زار واشنطن لهذه الغاية. والتيارات الايرانية في العراق هي جزء من التركيبة التي تضعها الولايات المتحدة في العراق. حتى ان احد كبار خطباء الجمعة في العاصمة الايرانية قال في خطبة صلاة الجمعة انه لولا ايران لغرقت اميركا في وحل افغانستان. فالايرانيون سهلوا للاميركيين دخول افغانستان ويسهلون بقاءهم الآن. اما القول عن اعتقال سفير سابق هنا او حديث عن سلاح نووي هناك فهو يدخل من باب السعي الاميركي لتحسين شروط التعاون الايراني. التشيع يستخدم الآن في ايران لدعم المشروع الاميركي في افغانستان. ومن هنا اقول لكل الشيعة في العالم ان ما يجري باسمهم لا علاقة له بهم. وهذه اعمال المتضرر الاكبر منها الاسلام والتشيع.
* اتقول ان هناك خطراً على التشيع من ايران؟
ـ نعم، لأنه يمكن ان بعض القوى تريد ان تثبت سلطانها. وانا مطمئن الى انه سيأتي اليوم الذي يهزم فيه الاميركي، وعندها سيكون هناك غضب على كل من سار في مشروعه. وقد تجري انتقامات وتصفيات يذهب ضحيتها شيعة الاقليات لأن ايران دولة قوية تستطيع ان تحمي نفسها. نحن بما نمثل من تشيع حقيقي نعلن صراحة وبوضوح اننا نرفض اي سياسة من ايران وغيرها بدعم الغزو الكافر لبلادنا. ونعتبر هذا الفعل عملاً عدوانياً على امتنا. ولا يجوز لهذا الشعب الطيب الذي اتى بالامام الخميني ان يكبل ويمنع من القيام بواجباته. واتوجه الى كل المسلمين في العالم لأقول لهم ان اي عمل يدفعكم للتناحر يخدم العدو.
ما رأيكم ؟؟؟؟؟؟؟؟