قبل حرب أكتوبر بقليل تحدث مسئول مصري مع وزير الخارجية الفرنسي قائلا له إن الشرق الأوسط علي وشك الإنفجار فرد عليه الوزير الفرنسي قائلا ليته ينفجر فالإنفجار أفضل من الوضع الراهن وبالفعل نشبت الحرب وخرج كل طرف منها يدعي أنه المنتصر ثم بدأت مفاوضات فض الإشتباك الأول والثاني وكان ذلك بداية الطريق لتوقيع معاهدة كامب ديفيد التي لولا حرب 73 كان من المستحيل علي مصر أن تجلس علي طاولة المفاوضات مع إسرائيل فهزيمة 67 لم تنتج إلا لاءات عبد الناصر الثلاثة.
رغم توقيع تلك الإتفاقية إلا أن المنطقة لم تشهد سلاما حقيقيا ولكن فترات هدنة قصيرة يتبعها إستئناف القتال والسؤال الأن هل من الممكن أن يكون الإنفجار الحالي هو مقدمة لسلام حقيقي بالمنطقة يحترمه كل الأطراف?

بالنسبة لإسرائيل ونتيجة إختلال ميزان القوة لصالحها فهي لم تكن معنية بأي تسوية سلمية وتقديم أي تنازلات وأصبحت نظرية نتانياهو السلام مقابل السلام وليس السلام مقابل الأرض هي حجر الزاوية في التفكير الإسرائيلي ولكن إسرائيل اليوم غير إسرائيل الأمس التي أتي إليها الصهاينة المثاليون من كل فج عميق وكانوا مستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل بنائها وبمرور الوقت تحول الحلم اامثالي الخاص بأرض الميعاد إلي مشروع تجاري يهمه حساب المكسب والخسارة أكثر مما يعنيه السير علي خطي الأباء المؤسسين وبالتالي أصبح البعد الإقتصادي لأي مواجهة أهم من البعد الإيديولوجي وبدلا من الصراخ لإنقاذ المعبد الثالث وأرض الميعاد أصبح الصراخ اليوم بسبب ضرب السياحة وإنعدام الأمن اللازم للإستثمار وأصيب الإسرائيليون بالإنهاك من كثرة الإنفجارات والعمليات الموجهة ضدهم

بالنسبة للعالم العربي فقد أصبح جسدا بلا رأس فالقوي الفاعلة به قبلت بالأمر الواقع وأعترفت بإسرائيل علنا أو سرا ولكن أيضا هذا لم يجلب السلام فقد تحولت المواجهة من مواجهة بين دول إلي مواجهة بين إسرائيل ومنظمات مسلحة غير ملزمة بأي إتفاقية أو قانون دولي وغير مكترثة برد الفعل علي تصرفاتها وأصبح ضرب إسرائيل بالنسبة لها هدف في حد ذاته وليس تكتيك للوصول إلي نتيجة محددة علي الأرض وهذا الوضع بالرغم من كونه منهكا لإسرائيل فأنه كالقنبلة الموقوتة التي لايعرف أحد متي ستنفجر وهذا ماحدث في المواجهة الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل

أعتقد أننا اليوم في مرحلة تشبه مرحلة مابعد حرب أكتوبر فكل طرف يستطيع أن يخرج ليقول للعالم أنه منتصر وهي اللحظة التي يكون فيها الجميع مهيئا للجلوس حول طاولة المفاوضات والوصول لحل شامل لكل القضايا العالقة أما إذا تطور الأمر لنصر إسرائيلي وسحق حزب الله أو قرار من مجلس الأمن بوقف القتال ضد رغبة إسرائيل ممما يظهر حزب الله بمظهر المنتصر فلن يكون هناك سلام بالشرق الأوسط لعقود طويلة قادمة وسنظل ندور في نفس الحلقة المفرغة فبعد حزب الله سيأتي من يحل محله وإذا توقف القتال وبقي حزب الله كما هو فستشعر إسرائيل بأن هناك unfinished business مع حزب الله .