{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
الروائي والأديب العالمي (الطيب صالح).. المنسي!, شبح السيرة الذاتية ..
الاعصار غير متصل
عضو فعّال
***

المشاركات: 213
الانضمام: Sep 2003
مشاركة: #1
الروائي والأديب العالمي (الطيب صالح).. المنسي!, شبح السيرة الذاتية ..

هدوء (الطيب صالح) -الكاتب السوداني العالمي- وإبتعاده عن الأضواء، بإلاضافة الي عدم إحترافه الكتابة كـ "مهنة"، مسح عليه شبهة التواضع، فأصبح ما أن يتعلق النقاش بأمره، إلا وينحرف النقاش حول كم هو متواضع.. وبما ان التواضع في العقلية السائدة صفة إيجابية ومحببة، فإن (الطيب صالح) نفسه إستكان لهذه "الشبهة" - متناسياً أن المفردة المعاكسة لتواضع الكاتب ليست هي غروره أو تكبره -، حتى صار أمر كتابته عن نفسه فيه خيانه للجمهور الذي أعجب به واصبح يتناقل أعماله كأغاني وطنية مقدسة!

في روايته "موسم الهجرة الي الشمال".. (( التي توصف بأنها ساهمت في تعريف الرواية العربية للمحافل الثقافية الدولية ))، تم إتهام (الطيب صالح) بأنه إنما يكتب عن نفسه، وهو الإتهام الذي كثيراً ما أغضبه.. والإتهام في حد ذاته كفيل بأن يكتب عن سيرته.

أصدر (الطيب صالح) مؤخراً عن (دار رياض الريس للنشر) مجموعة من خمسة أجزاء معنونة بمختارات بدأها بـ "المنسي"، وختمها بـ "المتنبِـي".. أغلبها كان مجموعة عن مقالاته التي كان كتبها بالصفحة الأخيرة بمجلة "المجلة".

(المنسي)، هو صديق مقرًب للطيب صالح، يقول:
" لكننا أصبحنا صديقين حميمين بعد ذلك. بل إنني من سائر أصدقائنا المشتركين، أصبحت بمثابة أب روحي له. " [ص/ 12-13].

المنسي شخصية عادية.. يقول عنه في بداية الكتاب: " مثًل على مسرح الحياة أدواراً عدة.. حمَـالاً، وممرضاً، ومدرساً، وممثلاً، ومترجماً، وكاتباً، وأستاذاً جامعياً، ورجل أعمال، ومهرجاً.. ولد على ملَة، ومات على ملَة. ترك أبناء مسلمين وأبناء مسيحيين وأرملة!! حينما عرفته أول مرة كان فقيراً معدماً، ولما مات ترك مزرعة من مائتي فدان من أجود الأراضي في جنوب إنجلترا،وقصراً ذا أجنحة، وحمام سباحة، واسطبلات خيل، وسيارات.. وخلًف أيضاً مزرعة من مائة فدان في ولاية (فرجينيا). " [ص/ 9-10].

يقول الكاتب المغربي الراحل (محمد شكري) في كتابه النقدي الموسوعي "غواية الشحرور الأبيض":
" الأدب هو أن تصنع من أشخاص عاديين نماذج اسطورية كما يفعل (جابريال ماركيز) و(الطيب صالح). ".

وهو بالفعل ما قام به الطيب صالح في "المنسي"، رغم أن الكتاب (مخنوق) بالواقع ولا يسمح هذا النوع من الكتابة للخيال بإلاندياح.. إلا أن الطيب صالح ببذرته الأبداعية ضخً عليه نفسه الأبداعي فأصبح المنسي هذه الشخصية العادية الذي وصفه بـ "يخطف الأدوار من مسرح الحياة دون أن يوكله أحد بعملها"..

هذا (المنسي) الذي ليس له دور واضح على الحياة أصبح يخرج من قلم الطيب صالح كشخصية فخمة جديرة بالقراءة، وهو تدريجياً تحرك في الكتاب من مجرد صديق للطيب صالح إلي بطل لكتاب (المنسي) يتتبعه القاري بنفس مضطرب.. كما أن الطيب صالح - وهو الأهم - التف حول المنسي، فقد وجد فيه فرصة مناسبة لكتابة سيرته وإشهار بطاقته الشخصية.

" عرفته العام 53، أول عهدي بهئية الإذاعة البريطانية (BBC)، فكنا نعطيه أشياء يكتبها أو يترجمها وأدواراً صغيرة في التمثيليات الإذاعية تعينه على العيش والدراسة. " [ص/ 11]..

" كان يسكن عني غير بعيد في حي (فولهام) وأنا في حي (ساوث كنزنجنتون). ". [ص/ 12]..

" كان بيتنا في (ثيروليبليس) قبالة متحف فكتوريا وألبرت. ". [ص/ 27]..


هكذا حمل صدر الكتاب تفاصيل دقيقة عن سيرة الطيب صالح في ادوار متبادلة بين المنسي والطيب صالح يجعل الكاتب من نفسه احياناً (خلفية) للعرض وكثيراً ما يكون (بطل) الكتاب خلفية للعرض ويكون الكاتب هو (بطل) الكتاب، كتب الطيب صالح عن نفسه تفاصيل ظلً يتناقلها الناس بين مؤيد ومعارض رغم انه كان ببساطة يمكنه نفيها أوتأكيدها بـ (جرة قلم)، لكنه ظل يتعامل مع الكتابة عن نفسه كـ(تابو) لا يستقيم وسيرته.

إلا أنه في المنسي خط خطوط عرضية عن سيرته يمر احياناً علي تفاصيل غير مهمة بتفصيل دقيق فيكتب -مثلاً- عن الترزي الذي يخيط عنده.. " كذلك اكتشف (منسي) بقدرته الخارقة على الإكتشاف ترزياً ماهراً في منطقة الـ (إيست إند) الفقيرة يتقاضى نصف الأسعار التي يتقاضاها الترزية. ". [ص/ 16]..

وأحياناً عن الجزار الذي يشتري منه اللحمة.. " أول مرة رافقت منسي الي محل ذلك الجزار أعطاني كمية عظيمة من اللحم..الخ. ". [ص/ 22]..

وهكذا يتدرج بإحداث الكتاب ليسلط الضوء علي أركان سيرته.. يحكي عن بدايته بلندن حيث كان يعمل بإذاعة الـ (بي.بي.سي)، وأنه وهو دون الثلاثين وصل الي وظيفة (مساعد مدير) قبل أن يدخل المنسي ليعكر عليه إنسياب حياته المهنية، فيظهر المنسي كـ(كومبارس) للكاتب في سيرته الملتفة حوله، الا أن الكاتب يواصل على إنتهاج هذا الرصد الملتف من سيرته..

يحكي عن فترته العملية الثرًة بدولة قطر.. وعن رحلاته العملية الي بعض العواصم العالمية.. وعن بعض المهام التي قام بها في هذه الرحلات.. كما حكي عن الفترة التي عمل بها بمنظمة الـ (يونسكو) بطريقة تحمل في ظاهرها رصد لسيرة صديقه المنسي وفي باطنها هي رصد لسيرة الكاتب.


كتابة السيرة الذاتية أمر يقوم به الكاتب لا للإضاءة على تفاصيل حياته فحسب، بل هي - ايضاً - تضئ على جمهور الكاتب ومعجبيه بعض تفاصيل أعماله الأدبية، وهو - مثلاً- ما كان يدركه الكاتب الكولمبي الكبير (جابريال ماركيز) الذي أصدر مؤخراً سيرته علي صفحات "نعيش لنحكيها" أو "نعيش لنرويها" - في ترجمة مختلفة-، والتي أدرك من خلالها الجمهور كيف أن جابريال ماركيز صنع من أحداث واقعية أعمالاً صارت مرايا عاكسة للواقع الكولمبي وفتحت منافذ الحياة الكولمبية على العالم.

وعلى المستوى العربي قام بكتابة السيرة الذاتية وبأشكال مختلفة أدباء سلطت الضوء على أعمالهم كـ (حنا مينا) - الكاتب السوري الكبير -، الذي كتبها في شكل روايات، و(محمد شكرى) - الكاتب المغربي -، الذي أيضاً كتبها علي صيغة رواية، والكاتب الراحل الكبير (عبد الرحمن منيف)، الذي كتبها اثناء رصد ذاكرته للأمكنة. وجميعهم كان جمهورهم في حوجة لإضاءة بعض اركان عاتمة في رواياتهم ما كانت لتكون لولا رصدهم لسيرتهم الذاتية..
فالكاتب لا يمكن أن يكتب إلا بذاكرته الخاصة وذاكرة الكاتب تتشكل من تجربته الشخصية إذ لا يمكن أن يستلف تجربة وذاكرة يكتب بها. هذا بالأضافة الي ان بعض الأعمال تصيب صاحبها بلعنة وإتهام انه يكتب عن نفسه هذا الإتهام يصيب العمل الفني بالضعف فيهبط به من مقام الفن الي درك الرصد العادي لتفاصيل حياته وهذا الرصد لا يحتاج لأديب للقيام به وهذه اللعنة -لعنة هذا الإتهام - لا فكاك عنه إلا بكتابة السيرة الذاتية.. هذا بإلاضافة الي أن أعمال بعينها تحتاج الي سيرة الكاتب، يدخل من بينها كتابات (الطيب صالح)، فيكفي انه كما اسلفنا كان في مقام الإتهام بإنه من خلال رواياته يكتب عن نفسه فحسب.

يقول الطيب صالح أنه حينما اتصل بـ (باربرا) -المرأة التي وصفها بأنها تمثل الأم الروحية للـ (المنسي)-، يقول:
" حينما اتصلت بها قالت لي في نهاية المكالمة:
- طبعاً سوف تكتب عن منسي؟.. كنا قد اتفقنا ان نكتب قصة حياته معاً.. كان سيكون كتاباً مهماً.. سوف أفكر لعلني أكتب عنه ولو بعد حين!!!. ". [ص/ 57].

ويضع القارئ في حيرة عظيمة.. يقول أنه قد يكتب عن (المنسي) والكتاب عن المنسي بين يدي القاريء، لكن الطيب صالح يبدو أنه لا يعتبر ذلك كافياً.. أم أنه يقصد أنه يكتب عن نفسه حالياً، وسيكتب عن (المنسي) عندما "يفكِـر"!!
10-29-2006, 03:37 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الروائي والأديب العالمي (الطيب صالح).. المنسي!, شبح السيرة الذاتية .. - بواسطة الاعصار - 10-29-2006, 03:37 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  التنطيم العالمي للأخوان المسلمين يطل برأسه في الخرطوم!! الزول سالم 0 630 11-16-2012, 03:56 AM
آخر رد: الزول سالم
  دول حلف الناتو في مشروعهم العالمي الجديد، إلى أين..؟ الملكة 2 966 06-21-2012, 12:36 AM
آخر رد: الملكة
  دين صالح لكل زمان ومكان حائر حر 1 815 01-20-2012, 10:05 AM
آخر رد: السلام الروحي
  السيرة الذاتية لكريستوفر هتشنز طنطاوي 4 1,130 05-07-2011, 02:09 PM
آخر رد: الحوت الأبيض
  رداً على فضيلة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب observer 4 2,256 01-10-2011, 01:56 AM
آخر رد: عاشق الكلمه

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS