تروتسكي
عضو رائد
المشاركات: 955
الانضمام: Apr 2004
|
مراجعة شجاعة وشاملة
[U] ناهض حتر
واجه الرئيس الامريكي, بوش الصغير, عاصفة فوز الديمقراطيين في انتخابات »الكونغرس«, بانحناءة اطاحت وزير دفاعه العقائدي - الفاشي دونالدرامسفيلد. وهذه بداية قوية لاستعداد بوش الصغير للتخلي عن عناده الشهير, واللقاء مع الديمقراطيين في منتصف الطريق, وترجح التحليلات الصحافية من العاصمة الامريكية, ان نقطة المنتصف هذه, سوف تكون توصيات »لجنة جيمس بيكر« الخاصة بالعراق, والمشكلة بالاساس من الحزبين الامريكيين المتنافسين.
ومركز هذه التوصيات - كحال السياسة الامريكية في الشرق الاوسط - هو العراق لكن, من اجل ضمان انقاذ ما يمكن انقاذه من النفوذ والمصالح الامريكية في هذا البلد, فان التوصيات تقترح مفاوضات مع ايران وسورية, بشأن المسألة العراقية.
واقعياً, سوف تؤدي هذه المقاربة الى تغيير في الخطط والمداخلات والاصطفافات الامريكية في المنطقة. فالحرب ضد ايران اصبحت مستبعدة, وكذلك التصعيد ضد سورية, وتباعا سوف يكون هناك تهدئة ومساع سلمية في لبنان وفلسطين.
مقابل التعاون الايراني - السوري في العراق, نرجع »أ« معالجة دبلوماسية حتى لو كانت متشددة - للملف النووي الايراني »ب« شطب هدف اسقاط النظام السوري او تركيعه, وتحجيم ما يسمى المحكمة الدولية بشأن اغتيال رفيق الحريري, والبحث في اعادة ترتيب العلاقات السورية - اللبنانية »ج« التحريك الدبلوماسي لملف الجولان »د« تحسين شروط المصالحة في لبنان, وتسوية الملفات الاسرائيلية - اللبنانية »ه¯« استيعاب »حماس« وتجديد المساعي السلمية على المسار الفلسطيني.
وليس بالضرورة ان يؤدي كل ذلك الى نتائج ملموسة, لكن سوف يتم دفع العجلة السياسية, ونزع الالغام المتفجرة مع المحور الايراني - السوري وامتداداته في فلسطين ولبنان. وهو ما ينسف الافتراضات »التي كان ينظر اليها على انها حتمية« للسياسة الخارجية الاردنية.
لسنا الآن في لحظة هجوم وتصفية حسابات. كلاّ, اننا نقول - فقط - ان السياسة الخارجية الاردنية كانت تقوم على افتراضات? وهي تفاعلت اكثر مما يجب مع هذه الافتراضات.. التي تتساقط الان. وهو ما يتطلب القيام بمراجعة شجاعة وشاملة, للحفاظ على مصالح الاردن ودوره في المرحلة المقبلة.
ومن اجل ان تكون هذه المراجعة ذات صدقيّة, اقترح على وزير الخارجية الصديق عبدالاله الخطيب - المقبول من كل الاطراف في البلد - الدعوة الى لقاء مع فعاليات برلمانية وسياسية واعلامية, والتوصل الى اجماع حول مقاربة جديدة, وعرضها على المراجع الحكومية وصانعي القرار.
»المراجعة الاردنية« لا بد ان تكون عاجلة وجريئة, قبل ان تبدأ »المراجعة الامريكية« بالعمل. ففي الحالة الاخيرة, سوف تبدو التغييرات في السياسة الخارجية الاردنية, حلقة جديدة من التبعية, والسير وراء خطى الامريكيين.
قبل ان تفتح واشنطن خطوطها مع طهران ودمشق وحزب الله وحماس.. نرى ان تبادر عمان لطيّ الملفات والتوصل الى »تنظيم الخلافات« مع هذه القوى في خطوط ساخنة, تستخدم كل اشكال الاتصال الرسمية والشعبية, المباشرة وغير المباشرة.
وقد غدا من الضروري - من اجل حرية الحركة - الانسحاب من التحالفات القائمة الآن مع اطراف النزاعات; مع فتح ضد حماس او مع قوى 14 شباط ضد ائتلاف حزب الله - التيار الوطني الحر.
وقد اصبح من الممكن الآن, اتخاذ موقف سياسي متشدد من اسرائيل, وربط العلاقات الثنائية بوقف العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني والعودة الى طاولة المفاوضات.
غير ان كل المقاربات الاردنية, في كل الاتجاهات, ينبغي ان يكون لها مركز.. يتمثل في تطوير مبادرة اردنية مستقلة نحو العراق, وفتح خطوط الاتصال مع القوى العراقية, بشأنها.
أنا, اذن لا استبعد, بل اؤيد بشدة دوراً اردنياً مميزاً في العراق, لكن بشرط ان يكون اردنياً - لا تابعاً - وهدفه الحفاظ على المصالح الاستراتيجية الاردنية في بلاد الرافدين, وليس تحصيل مصالح آنية مرتدة لاحقاً في شكل خسارة استراتيجية.
وللاردن ميزات مهمة تؤهله لاقتراح مبادرة خاصة به بشأن العراق فبلدنا ليس صغيراً بحيث لا تسمع كلمته.. وليس كبيراً بحيث يخشى من اطماعه, وللاردن علاقات خاصة مع اوساط النظام السابق وقاعدته الاجتماعية, يمكن توظيفها في سياق جديد لا طائفي ولا يرتبط بخطط الامريكيين.
مصالحنا في العراق ضخمة للغاية وبعيدة المدى.. وهي ليست فقط مصالح اقتصادية او امنية بل استراتيجية فالعراق هو عمق الاردن في مواجهة اسرائيل واطماعها, والسند التاريخي للاردن »في كل العهود قبل نيسان 2003«.
آن الأوان لكي نتحرك جدياً انطلاقاً من العراق - في كل الاتجاهات على المستوى الاقليمي. وشرط نجاح هذا التحرك ان يكون مستقلاً.
العرب اليوم
|
|