بالنسبة لي الموضوع أنا انتهى، وأما بالنسبة للأخ زيد -الذي أنا على علم بغضبه مني جدا بل وجدا جدا- فلا أظنه انتهى، ولكني أجد نفسي قد قدمت ما أقدر عليه وأرجو أن لا أكون قد تعصبت في بياني وردودي جدا، والتي إن كنت أصبت فيها أو في بعضها فإنها من العلي وإن كان من سوء فمن نفسي التي هي بالسوء أمارة.

كلمة كنت أريد من الأخ زيد الوصول إليها مذ مداخلتي الأولى والتي عله ظنها ضعفا مني، أو قل ضعفا في أدلتي التي إنما هي أدلة علمائنا علماء الإسلام، كلمة بسيطة وسهلة ويسيرة، كنت أرجو أن يقف عندها من أعز وأحترم، وإن كنت أسأت له إساءات لا تقل عن إساءاته فيما أرى لعلماء الإسلام، والتي جعلتني أثور فيما أجزم خارج نطاق المعقول، الكلمة تلك أن لا معصوم إلا من عصم الله، والبخاري ليس بمعصوم وإن كانت العصمة لا تنافي صحة ما في كتابه من خبر وأثر أو حديث، لكن ومع هذا فإني لا أنا ولا غيري يستطيع الجزم فعلا بصحة كل ما في البخاري إلا من باب ما بلغنا، وإلا فإن الآحاد ومهما بلغ في العدد قد لا يصح وإن ظن الناس صحته، وقد يصح والناس تظن فساده، وهناك فوق هذا من الدرجة ما نعرفه بالمتواتر الذي لا نحكم إلا بالقطع بصحته، ودون ذاك ما نجزم بكذبه، إن كان الراوي له بالكذب معروفا ولم يأت من طريق آخر ولو ضعيفا وفي ذات الوقت مخالفا لأمر من أمور الإسلام أو اعترف صاحبه بوضعه وتلفيقه.

البخاري ليس معصوما وكذا مسلم ولا أجزم أنا ولا غيري بصحة ما في كتابيهما إلا بقدر ما يجزم القاضي بصحة شهادة الرجلين العدلين.

قد يكون في البخاري من المسند ما ليس بحديث من النبي صلى الله عليه وسلم؟ نعم قد يكون كذلك. هل يحق لنا أن نراجع أحاديث البخاري وننظر فيها؟ نعم يحق لنا ذلك.

لكن لا نجزم بشيء من ذاك إلا بعد مراجعة سليمة على أسس حكيمة، يقوم بها من درس وفقه علم اللغة وتفسير القرآن وفقه الحديث، وبعد المراجعة والتمحيص والتنقيح، وإجماع أو شبه إجماع ممن درسوا هذه العلوم وفقهوها حق الفقه وحق الفهم.

هذا رأيي والله تعالى أعلى وأعلم مني ومن غيري، وإني إذ أختم بهذه الكلمات التي لن أكتب بعدها في هذا الموضوع بإذن الله ولا كلمة أطلب إلى أخينا زيد جلال أن يسامحنا عن ما بدر في حقه فإنه آخر المطاف يظل أخا لنا في الإسلام، والأخ يسامح أخاه، هذا إن كان لا زال يعتبرنا إخوة له.

قد أكون أسأت لك في الحوار أخي الكريم ولكن قلبي عليك أبيض وعلى غيرك من أمة الإسلام.