عزيزي جواد
وما تراه أنت رقي يجدر بنا أن نرتقي إليه، أراه أنا انحطاط لا يليق بنا الانحدار إليه!!

إذا ما العاصم من رأيي ورأيك، أو بتعبير القرآن: هوى نفسي وهواك {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى}النجم23 {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ }ص26

العاصم هو رأي الجماعة، فهو دائما وأبدا خير من رأي الفرد

وكما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (ما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن)

يد الله مع الجماعة ولا تجتمع الأمة على ضلالة...

وهذا بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء في محكم التنزيل:

{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء115

سبيل المؤمنين هو الحكم وهو العاصم من أن نتبع أنا أو أنت الهوى فيضلنا عن سبيل الله...

وبعد...

فأخبرني: رأي الأزهر أقرب لرأي الأمة أم رأي معشرك القرآنيين؟

أما بخصوص فقرة الدستور فلو غيرك قالها يا جواد!!

هل غدت أمريكا قبلتنا التي نولي شطرها؟

وعموما وبرغم مفاجأتي بموقفك من الطرح الأمريكي دعني أقول لك:

ما هي مساحة الدين والشريعة في الشارع الأمريكي والغربي عموما؟

هل يشكل الدين مساحة ضخمة من الهوية الغربية أم أنهم منذ نفروا من الكنيسة وطلقوا البابوات المتألهين صاروا بالجملة لادينيين، واللادينية شيئ من الإلحاد، لكنه إلحاد جزئي...

كفروا بالله إلها حاكما، وآمنوا به ربا يتصنعون له بالطقوس في المناسبات

أما نحن الناس فنؤمن برب الناس ملك الناس إله الناس، لا توحيد لنا بإيماننا بربوبيته دون ألوهيته، ولا ربوبيته بدون ملكه، فهو المربي المالك المتأله الذي تخضع كل الخلائق لعظمته سبحانه.... هذا هو الفهم الإسلامي الشمولي للفظ الجلالة تعالى الله علوا كبير...

العلمانية تفصل بين سلطان الله في السماء (ملكه وربوبيته) وسلطانه على الأرض (ألوهيته)

تفصل بين خلقه وأمره، والله سبحانه يقول: (ألا له الخلق والأمر)

هذه هويتنا التي يؤمن بها سوادنا الأعظم في عالمنا الإسلامي...

العلمانية الغربية هوية القوم هناك على النقيض من هذا التوحيد...

التوحيد والفصل لا يلتقيان...

غير أنه حضاريا فالعلمانية الغربي هي عين الديمقراطية في مجتمعاتها، لأن الناس خضعوا لها طواعية بعد تجربة مريرة...

العلمانية في مجتمعاتنا ليست ديمقراطية...

كل التجارب العلمانية الشرقية جاءت بانقلابات عسكرية وتسلط فوقي لم تستشر الشعوب المسلمة فيه...

من هنا فأنا أفهم أن الحضارة هي الخضوع لإرادة الأمة

لهويتها التي تراضت عليها...

حين تضمر مساحة الدين -لا سمح الله- في مجتمعاتنا إلى الحد الموجود بالغرب، فلن تجد لا للأزهر وللحركات الإسلامية ولا للدول الإسلامية تلك المطالبات الحافلة بتحكيم الشريعة...

أما قبل ذلك، ومن أجل الحضارة التي تندبها، عليك أنت أن نرقى لمستوى احترام إرادة الأمة

علينا جميعا أن نتبع (سبيل المؤمنين)

علينا أن نكون ديمقراطيين حقا لا ادعاء ولا انتقاء..

وبهذا الاحترام نكون حضاريين حقا...

واسلموا لود واحترام