قمة السخافة أن نتقافز كالأطفال من فكرة لأخرى لنرش على كل فكرة بعضا من سلاطة اللسان، وغشاوة القلب، ونتن الألفاظ وفاحشها، ثم نعدو إلى غيرها في بعثرة للنصوص، وخلط لعباس بدباس!
بين يدي المتخصصين آلية لضبط الحديث والفقه والتفسير وفق منهجية علمية منضبطة...
وبين يدي الجهلة أن يتقافزوا كالبهلوانات ليلوثوا كل شيئ بسخيف أطروحاتهم وعجاج خلطهم!
أنت يا صاحبي الكنعاني لا تميز بين حديث وأسطورة...
ولا بين إسرائيلي وإسلامي..
ولا بين موضوع وصحيح...
كله عندك صابون يمكنك أن ترغي به ما تشاء، لتطلق فقاعاته وتملأ بها فضاء الحوار بلا معنى!

تسأل عن أهل الذكر وأهل الاستنباط فهلا تواضعت لتتعلم، أم أن إسقاطات البذاءة نهج من لا نهج لديه!
نعم في من يحسب على أهل الذكر من ينحرف عن الجادة، وماذا يعني؟
أولم يحدثنا القرأن عمن ينحرف عن آيات الله

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ } {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الأعراف175-176
ها بين يديك من مثال قرأني صريح ينطبق على القرآني كما ينطبق على غيره بل هو بالقرأني ألصق..
أو لم يقل القرأن نفسه فيمن يرفع شعار نصرة آيات الله

{اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }التوبة9
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ }النساء44
والله ما رأيت قريبا من أولئك الذين أوتوا نصيبا من الكتاب إلا القرأنيين في عصرنا،{الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ }الحجر91 فراحوا يقسمون كتاب الله لآيات يؤمنون بها وآيات يكفرون بها، {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83
آيات يعممونها بأهوائهم..
وآيات صريحة مثل {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7 فيقصرونها على خصوص سببها وهو الفيئ...
آيات يؤمنون بشطرها الأول ويكفرون بشطرها الآخر!
مثل: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }آل عمران132،
بل ما وجدت القرأن قط، جاء بأمر (أطيعوا الله) إلا مقترنا بالرسول، اقتران الشهادتين بوابة إسلام الوجه لله، والحكمة من هذا ظاهرة، فمن يطع الرسول فقد أطاع الله، ولا سبيل لطاعة الله إلا تأسيا بهذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي ما أرسله الله هملا.. سبحانه وتعالى...
إن القرأن خاطب أصحاب الضلالة القرأنية، الذين يكذبون الرسل منذ القرون الأولى، فقال لهم: {أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ }البقرة87

أولم يكن في دعاء أبي الأنبياء ما يوضح مهمة الرسل التي تنكرون: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة129

لذا قال القرأن الذي تزعمون الانتماء له: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }البقرة151 {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ }آل عمران164

أولم يقل القرأن الذي تزعمون الانتماء له في كل منكر للسنة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً }النساء61

إن الكفران بتعاليم محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو كفران بالكتاب الذي تزعمون الانتماء له، لأن مهام الأنبياء دائما وأبدا هي بيان ما يخفى من الكتاب، {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ }المائدة15

من هنا فدعك يا صاحبي من سب فلان وعلان، فصاحب المنكر أنكره الأزهر الذي تعرض به قبل غيره، ويبقى أن الشاذ لا حكم له، والقرأن الذي حدثنا عن متاجرة بعض الناس بآيات الله، ومنهم ذلك الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها، هو هو –أي القرأن- الذي أمر {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }القصص87

فشذوذ فرد أو أفراد عن المنهج لا يبرر لأحد أن يستهزئ بالكتاب أو السنة، {وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم}البقرة231
موضوع وعاظ السلاطين مرفوض عالما كان سالكه أو جاهلا، أزهريا أو قرأنيا، وبين يديك القادياني القرأني وخبصاته مع الإنجليز، بل وخبصات أتباعه حتى الساعة مع الصهاينة، فلا ترم الناس بالحجارة فبيوت القرآنيين أهش من زجاج مشعور!

نأتي للنقطة الأخيرة بخصوص رأي الجماعة كعاصم من أهواء الأفراد التي لا يمكن قبولها متسلطة على رأي المجموع لا شرعا ولا ديمقراطية مع احترام خصوصيات الأفراد في دائرتهم الفردية، لا حين يتعدى سلوكهم حتى يدخل في دائرة المجتمع...

طبعا وجدت أن كلامي قمة السخافة، وما ناظرني أمثالك إلا غلبوني في سلاطتهم!
حين تتحدث عن اختصاص فأنت تتكلم عن واقع، وشرع
الخبير الطبي ليس بمقدوره أن يفتي بطبه والفقه معا إلا أن تكون له أهلية الاختصاص في العلمين معا...

هذا ليس في الأحكام الشرعية فحسب..

القاضي في محكمته لا يستطيع أن يصدر حكما وهو جاهل ببعض الفروع الفنية المرتبطة بقضيته...
استحضاره لخبير فني يشخص له الحالة الفنية لا يعني أن هذه الحالة كفوؤة بنفس القدر في إصدار الحكم القانوني...
الأعمال الهندسية المدنية تتطلب أحيانا إخصائيين في التربة والمياه، هؤلاء الأخصائيين المؤهليين للفتيا في اختصاصهم غير مؤهلين يقينا للبت في اختصاص المهندس المدني الذي لا يستغني عن ملاحظاتهم الفنية...
لذا وجدنا أن المجامع الفقهية الإسلامية ضمت في عضويتها أطباء وخبراء متنوعين بعضهم بعضوية دائمة، وبعضهم بصفة استشارية، وبقي العمدة في الاختصاص الفقهي هو الذي بذل من جهده في تحصيل هذا العلم ما لم يبذله غيره...

الفقهاء وعلماء الشريعة لم يزعموا –في الحالة الإسلامية السنية على الأقل- أنهم وكلاء حصريين عن الله سبحانه، ولكنهم سلكوا في طريق العلم وجهته العصرية، ودرسوا في الجامعات وحضروا الدراسات، واستفرغوا الوقت والجهد الكافي لممارسة الاختصاص، ثم هم بعد التخرج كباقي الاختصاصات، منهم الموفق الذي يفتح الله عليه، ومنهم الذي يضله الله على علم، وكم من طبيب ومهندس ومحام وخبير أخذوا أعلى الشهادات ثم كان منهم الكوارث التي تهون في جانبها بعض أخطاء الفقهاء دون تبرير لخاطئ دون آخر، وما الأخطاء الطبية التي فتكت بالآلاف، وصنعت العاهة بمئات الآلاف بخافية على أحد، ولا الأخطاء الهندسية التي قوضت مباني مأهولة على أصحابها الآمنين بخبر غريب أيضا، ولا المحامين الفاشلين الذين ترقوا لأعلى المناصب القانونية، ثم ضيعوا حقوق الأبرياء العدلية، ولا الخبراء الذين يقدمون الدراسات بعد الدراسات ثم تكون الكوارث من وراء إهمالهم أو جهالتهم بأبسط الإجراءات!

فهل يقول عاقل بعد هذه الممارسات الخاطئة، ليمارس الطب كل دعي بلا اختصاص، وليزاول مهنة المحاماة كل من يرى في نفسه الأهلية، وليبن الجسور والمنشآت كل من جمع قرشين بدون دراسات ولا التزامات هندسية!

عموما أعتذر إن ند مني في معرض الحماس بعض ما يسوء الزميل فلسطيني كنعاني، وقد طرق الباب بقوله: (قمة السخافة) فكان عليه أن يصبر على الجواب...

أما أخي طيف فأتفق معك أخي الكريم في أن باب الاجتهاد مفتوح إلى يوم القيامة لا يملك أحد أن يقفله، وأن الله يبعث في كل جيل من يجدد أمر الدين أو ما أسميته أنت بالشريعة، وإن كان هناك رأي محترم آخر يقول بأن الشريعة ثابتة والفقه متغير، وأنا لا أتفق معه...

فقط ما خالفت به هو أهلية الاجتهاد، وأقصد به الاختصاص...
ليس كل أحد مهيئ للفتيا فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار)

طبعا لا كهنوت ولا بابوية ولا رجال دين في الإسلام، ولكن فيه علم له منهجه، من سلك طريقه وصل غايته، ومن تخبط دونه زلت به قدمه، وأنكرته أمته، وأظن أننا متفقون جميعا أن الفتاوى الفردية ممن لا يملك أهلية الاجتهاد، وخاصة من مراهقي القاعدة ومنظمات العنف، دفعنا ثمنها غاليا، والكل يطالب بوقف هذه التخبطات غير المنضبطة...

مرة أخرى أؤكد أننا لا نطالب ببابا كالمسيحيين، ولا بمرجع وولي فقيه كالشيعة، فمرجعيتنا نحن أهل السنة هي المنهج، وربما ارتبط اسمنا بالمنهج بينما ارتبط اسم غيرنا بالأشخاص...

فلا نحن محمديون، ولا علويون، وشيعة، القضية ليست عاطفة ولا أشخاص، القضية عندنا منهج، أي سنة، لذا فنحن أهل سنة مسلمون، لا نكفر أحدا من أهل القبلة، ولا مرجعية لنا غير منهجنا وهو المنهج الراشد الذي أوصانا به النبي صلى الله عليه وآله وسلم

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي

طريقتي
نهجي
أما الأشخاص بما فيها شخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم فما نحن عبيدها

وصدق الصديق يوم قال: (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)

وصدق العلي المتعالي سبحانه (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)
وصدق سبحانه إذ يقول: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي)
ويقول: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين)

هذه الآية الأخيرة تخفى على كثيرين ممن يتعلقون بالأشخاص، ويرتبطون بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم رباط النسب والدم...
الله سبحانه يقول لنا جميعا أن صلتنا بمحمد جميعا صلة واحدة لأنه ليس أبا أحد من رجالنا، ولكن رسول الله وخاتم النبيين

رسولا للعالمين لا للهاشميين ولا للقرشيين ولا للعرب ولا جنس دون جنس..
من هنا كان نداؤه الخالد:
يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئا!

عود على بدء
فنحن لا نحجر واسعا، فالاجتهاد مفتوح لأهل الاجتهاد، أهل الذكر الخبراء الذين يستنبطونه

هؤلاء هم من قال الله فيهم:

{فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}التوبة122

انظر إلى هذا الاقتران الجميل بين الجهاد والاجتهاد
كلا المهمتين سماها القرآن بالنفير
والأمة مدعوة بنص القرآن لتفريغ مجموعة منها لتتفقه في الدين ولتنذر قومها إذا رجعت إليهم...

شكر الله لك ما أثرته من حماس بموضوعك هذا أخي طيف...

وأشكر للجميع حسن إصغائهم
واسلموا لود واحترام:redrose: