أخي البشري:

قراءة أي نص يجب أن تكون قراءة تذوقية. يعني عندما أقرأ آية جميلة مثل "قل كل يعمل على شاكلته" باعتبارها آخر ما أعجبني مؤخراً في القرآن من تأملاتي فيه فعندها أقرأ الكلام وأتدبر فيها وأتجاوز المعنى الخارجي وأدخل لما وراء الحروف. لهذا قالوا المعنى في بطن الشاعر. لاحظ كلمة بطن. التأمل الباطني هو المطلوب هنا وما يسمونه بالانكليزية mystical. باعتقادي أن كل ما جاء من تعبيرات مثل أبوة الله وبنوة فلان هي ليس لوصف الله بقدر ما هي لتقريب الإنسان من الله حيث "اللفظ" بشري محض والله ليس بحاجة للفظ يصفه ولغاتنا لا تصفه مهما حاولت. إذن قولنا أن الله أب لنا هو لأجلنا نحن. عندها نذكر الحديث القدسي المعروف: الأغنياء وكلائي والفقراء عيالي. كل جاء في الحياة الإيمانية ليس الله المقصود به لأن الله مكتفي بذاته ولكن يحوك الإنسان ما شاء من التعبيرات والعقائديات لحل معضلته وتفسير لغز علاقته بربه الخالق. تاره يراه البصير مع أن البصر شيء مادي والله ليس له عينين مثلا ولا شفتين إلخ. ومع ذلك "نخترع" لفظ لوصفه حتى يزداد وصالنا به ويتأصل.