{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قاتــل عــلي
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #1
قاتــل عــلي
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها & إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحـسبه & أوفى الـبـريّة عـند الله ميزانا

عمران بن حطان



(1)




"قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم" .. كانت هذه الكلمات تنبعث برتابة من جوف الكعبة. وحدّة الصوت ... تتعالى شيئا فشيئا؛ وهو، لا يعلم لمَ يحسّ أنه الوحيد الذي يسمعه ... فكل ما حوله لا يشِ أبداً بأي اكتراث له. قام من مكانه، وتوجّه للكعبة، ومع كل خطوة يخطوها نحوها، كان يشعر بهزّة أرضيّة خفيفة تتزايد كلما اقترب. ما كاد أن يصل حتى اهتزّت الأرض كلها بقوّة رهيبة أوقعته أرضا، تلاها تحطّم جدار الكعبة وتناثر أحجاره في كل مكان.. ومن بين هذا كلّه تفجّر نور شديد الوهج يعمي العيون. وعلى الرغم من شدته إلا أنه استطاع لمح خيال ما، كان الخيال يتقدم إليه ويسمع منه ذات الصوت يتردد بقوّة : "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم" ... صاح عبد الرحمن بن ملجم بقوّة : " من أنت ؟ " ... هنا عاد النور إلى مكانه وانطفأ وترمم حائط الكعبة كما لو أنه لم يتحطم وتلاشى الصوت تماما ، ولم يتبقّ إلا هذا الرجل الذي يشبه الحسين بن علي، لكنه أكبر منه. شهر بن ملجم حسامه، عندما لاحظ هذا الشبه، لكن، وفجأة، ارتفع الرجل للسماء ... وقبل أن يختفي بين الغمام، سمعه يقول : أنا رسول الله !

استيقظ ابن ملجم فزعا من هذا الحلم ، كانت حبّات العرق قد ملأت جبينه. قام من مكانه وأخذ يغسل وجهه ، رفع رأسه إلى المدى لير ما إذا قد جاء صاحباه أم لا، ولمّا أنه لم يَر أحدا، أخذ جولة حول خيمته وصعد فوق إحدى الكثبان القريبة.. وراح يرقب كل ما حوله. وبينما هو غارق في تأملاته، إذ بذكرى البارحة تطلّ برأسها: أشلاء الموتى، والدماء، وجيش عليّ يعمل القتل في أصحابه. يتساقط أصحابه : واحدا تلو الآخر، وكأن الموت يومها وباءً لا يبدأ بالواحد منهم حتى ينتقل للآخر. كان الخوف هو الآخر يشير للصحراء البعيدة، فما كان منه إلا أن لاذ بالفرار. " الفرار .. آه" انقبض قلبه... واستحال لون وجهه واغرورقت عيناه بالدمع. تملكه إحساس شرس باللاجدوى، لم يكن هذا أول هروب له، عادت به ذاكرته إلى ماض سحيق، عندما أعلن جدّه وقومه رفضهم إعطاء أبي بكر ما كانوا يعطون الرسول من زكاة .. فما كان من أبي بكر إلا أن أرسل خالد بن الوليد بجيوشه. لما تسامعت قبيلته بمقدم خالد، استعدت للقتال، وتعاهد عبد الرحمن وصبية معه على أن يدافعوا عن أهاليهم حتى الموت. ما إن تعالت تكبيرات جند خالد، وانتشروا خلال القبيلة كما الشياطين .. حتى لاذ هو بالفرار. يتذكّر جيّدا أنه علم بانتهاء المعركة عندما استنشق رائحة الدمّ المختلطة بالغبار، عندما عاد لمضارب القبيلة كان أول وجه رآه: وجه جدّه المضرج بالدماء .. ودموع عماته ونساء القبيلة وهن يسقن سبايا إلى أبي بكر ! كان الغضب لا يتوقف عن النموّ في داخله، ولم يكفّ لسانه عن نثر اللعنات : "لعن الله قريشا ... لعن الله قريشا ".

لم يكد يغرق كليّا في ذاكرته، حتى انتهى إلى سمعه وقع حوافر خيل صاحبه. كان البُرَك التميمي أول الواصلين، ولم ينقض كثير من الوقت حتى التحق بهم عمرو التميمي . كانت ذكرى معركة الأمس ، ولوم بعضهم بعضا على الفرار ، والحزن على الأصحاب الذين قضوا .. كان كل هذا هو الذي يسيطر على جوّ الحديث. كان عمرو التميمي يؤجج الحقد في صاحبيه ، راح يعدّد من مات في المعركة ... حتى انفجر في صاحبيه قائلا :
-ما نصنع بالبقاء بعدهم ؟
أجاب البرك وقد تبللت لحيته بالدمع :
-ماذا ترى ؟
-نشري أنفسنا بقتل أئمة الضلالة ونريح الناس منهم !
كانت غيمة من الصمت تحيط بابن ملجم .. كان وجه عليّ ، وحده وجهه الذي يراه الآن، بكل تقاسيمه، لحيته البيضاء، عينيه الهادئتين. كم مرة خدعهم ؟ حكّم الناس في حكم الله، ولمّا أن عزله صاحبه جنّد الجند للقاء معاوية! لمّا أن كُتب لهم النصر على عائشة، منعهم من السبي في الوقت الذي يشتري أم حبيب التي قادها ابن الوليد بعد إغارته على عين التمر! ألأنهن مضريات يمنعنا عنهن؟! اسودّ قلبه تماما في هذه اللحظة، وصاح بصاحبيه :
-لعن الله قريشا .. أنا أكفيكم عليّا !
هنا لمعت عينا عمرو، فأردف بحماسة:
-وأنا أكفيكم عمرو بن العاص !
نظر الإثنين إلى البُرَك ، الذي هرب بعينيه عنهم .. وقال بتردد:
-لكنّ معاوية لا يتحرك إلا ومعه جنده!
اقترب منه ابن ملجم وفي عينيه الشرّ، وأخذه من مجامع ثوبه وقال:
-فتكون الشهادة إذن !
نظر إليه البُرّك .. وبعد لحظات قال :
-هو ذا ، سأكفيكم معاوية !
بعدها اتفقوا على أن يكون القتل في يوم واحد ، عند اكتمال البدر في رمضان، وأقسم كل واحد منهم أغلظ الأيمان على أن يقتل صاحبه أو يموت دونه !
07-09-2007, 02:24 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
قاتــل عــلي - بواسطة العاقل - 07-09-2007, 02:24 PM
قاتــل عــلي - بواسطة العاقل - 07-09-2007, 02:27 PM,
قاتــل عــلي - بواسطة العاقل - 07-09-2007, 02:31 PM,
قاتــل عــلي - بواسطة السيّاب - 07-09-2007, 10:45 PM,
قاتــل عــلي - بواسطة السيّاب - 07-09-2007, 10:48 PM,
قاتــل عــلي - بواسطة طيف - 07-10-2007, 01:31 AM,
قاتــل عــلي - بواسطة السيّاب - 07-10-2007, 04:29 AM,
قاتــل عــلي - بواسطة العاقل - 07-10-2007, 07:57 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS