كنت اشاهد برنامج نقاشات حول السياسة، و جاء احد الحاضرين بفكرة أردت طرحها هنا:

التفوق العلمي و الصناعي و الحضاري في اوروبا سببه الاساسي هو الانفرادية او تفرّد الانسان. فالانسان الذي يسعى الى تحسين وضعه هو كإنسان يجد حافزا للابتكار، و من جهة اخرى فالقوانين السياسية و الاجتماعية التي تركز على حريات الاشخاص تؤدي بالضرورة على تفوق حضاري يقوم على قيمة الشخص (و ليس العشيرة او الشعب ككل).

و سبب هذا هو أن دين الانسان الاوروبي كان المسيحية، و المسيحية هي بجوهرها دين افراد و ليس دين "أمة" كالاسلام. طبعا الاصوليون البروتستانت و المحافظون الكاثوليك كانوا يرون المسيحية بشكل مختلف في الماضي، و لكن في العصور الحديثة و بسبب ثورات فكرية مثل ثورة مارتن لوثر، عادت المسيحية لأصلها قبل تبني الامبراطورية الرومانية لها، و أصلها هي أنها دين أفراد، يهتم بخلاص الفرد و بضميره و روحانيته، و ليست دين أمة يشرّع كل صغيرة و كبيرة و يحد من حريات الشعب بأكمله بقوانين و تشريعات لا أول لها و لا آخر.

أضاف المتحدث أنه لا يعني بكلامه هذا ان المسيحية تؤدي الى التطور و الاسلام يؤدي الى التخلف، أو أن المسيحية بجوهرها أفضل من الاسلام. فهو لا يؤمن بالدين ككل. و لكن الدين "الشخصي" يشكل أساسا قويا للتقدم و التفوق، بينما "دين الأمة" يؤدي الى تكبيل التقدم و تحديد الحريات و بالتالي التفوق. بكلمات أخرى أي دين شخصي كأساس و كخلفية فكرية هو أقوى من دين الأمة في بناء الحضارة.

طبعا أنا كمشاهد لم أقتنع بهذا الكلام كليا. فعلى سبيل المثال: الشيوعية هي نظام أمة يفتقر الى الحرية الفردية، و مع ذلك فهي كانت متقدمة تكنولوجيا و وصلت الى الفضاء. و الاسلام كذلك في الماضي مع كونه نظام أمة كان متفوقا علميا و تكنولوجيا على الغرب.