يكرس هذا المقال ثقافة الحوار بين التراين المتخاصمين : الاسلامي والعلماني .. وتنبع أهمية هذا المقال من كونه يصدر عن منظر علماني بارز .. وهذا ما يناقض الصورة النمطية الاسلامية التقليدية للعلماني الكاره للاسلام والساعي لهدمه !! ..

ربما اختلف مع الاستاذ عزمي بشارة في بضعة نقاط .. لعل من أهمها ايماني بان الديمقراطية العلمانية (كما يقول العزيز لوجيكال ) شرط لأي حل .. وأعتقد أن الديمقراطية لا يمكن أن تنفصل عن العلمانية، فالممارسة الديمقراطية تعني ببساطة شديدة : المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار ، وحتى تكون هذه المشاركة حقيقية وفاعلة لا بد من توافر شرطين اثنين هما :
1- المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات على أساس المواطنة بغض النظر عن الفوارق الدينية والعرقية والسياسية والجنسية ….
2- ضمان حرية الفرد الكاملة في الكلام والتعبير والتنظيم والعمل السياسي …
فالديمقراطية هي حرية الفرد في التعبير والكلام .. هي حق الآخر في الوجود وحريته في العمل والتعبير .. هي المساواة بين الجميع دون تمييز على أساس الدين أو العرق او الجنس أو القومية .. هي نسبية الحقيقة : أي الاعتراف المسبق باحتمال خطأ الذات الذي يقابله احتمال أن يكون الآخر على صواب … هي حق الأقلية في أن تتحول الى اكثرية ، وحق انتقال السلطة الى المعارضة .. فبدون هذين الشرطين لا يمكن القول بوجود ديمقراطية حقيقة .. وهنا يأتي دور العلمانية لضمان احترام هذين الشرطين ، فالعلمانية بهذا المعنى ليست غاية بحد ذاتها بل هي مجرد هيكلية قانونية تضمن احترام المساواة والحرية ..
فالعلمانية كما افهمها هي بناء الدولة ( كمؤسسة ) على أسس ديمقراطية تستوعب الجميع، وتوزيع الحقوق والواجبات على افراد الشعب على اساس المواطنة دون أي اعتبار للانتماءات الدينية او المذهبية أو العرقية أو الجنسية، وبناء سياسة التشريع على المصلحة النسبية والمتغيرة في الزمان والمكان وليس على مفاهيم مطلقة وثابتة كالحلال والحرام ..
العلمانية كما افهمها هي وسيلة للاعتراف بالآخر وحقه في الوجود والعمل والمشاركة والتعبير عن الهوية ( دينية او ثقافية او عرقية )
العلمانية كما افهمها مظلة انسانية كبيرة يعيش تحتها ابناء الدولة بوصفهم مواطنين فحسب ، لا مسلميين ومسيحيين ، سنة وشيعة ، …..
ان الدولة هي كيان معلمن بطبيعته ، لا يمكن ان يصطبغ بصبغة دينية ، فالدولة ملك للجميع ومن اجل الجميع .. اذن … يستحيل في رأيي قيام ديمقراطية حقيقة دون علمانية .

هذا فيما يتعلق بما اعتقد أنه تلازم حيوي بين العلمانية والديمقراطية ..

فيما عدا ذلك .. أرى أن رسالة المقال مصيبة تماما .. فلا اؤمن بديمقراطية تستبعد أحد .. بل لا يمكن اصلا ان تنشأ ديمقراطية حقيقية قائمة على اقصاء فريق أو فصيل تحت مسميات ( الكفر أو انكار هوية الأمة ! .. أوالظلامية أو الرجعية أو التخلف ... ) .. وأحسب أن التيار العلاماني مطالب بالمراجعة الفكرية الدائمة لخطابه، وتقديم اجوبة صريحة على مخاوف الاسلاميين بخصوص قبول مشاركة الاسلامي أو فصل الموقف حول المسائل ذات الحساسية الخاصة (الحجاب مثلا كحرية شخصية وقناعة دينية لا يجوز الاكراه على نزعه، كما لا يجوز الاكراه على فرضه ) ..

هناك عبارة هامة قالها بشارة وهي :

Arrayوطبعا يفترض ان تلتزم الحركات الإسلامية الواسعة بمبادئ الديموقراطية وليس فقط بوسائلها وأدواتها. وهذا لا يعني فقط اجراء انتخابات بعد انتهاء مدتها في الحكم، وأن تسلم السلطة سلمياً إذا لزم كما تسلمتها، بل ان تحترم أيضا حقوق المواطنة والحريات المدنية أثناء حكمها، التي لا تحترمها حاليا الأنظمة العلمانية. ومن نافل القول إن دول أوروبا الشرقية لم تحترمها ايضا في مرحلتها الاشتراكية التي ايدها بعض المثقفين العلمانيين الذين يعارضون ديموقراطية تشمل قوى الإسلام السياسي حاليا. كما يفترض ان تقبل الحركة الإسلامية بالأجندة الوطنية في عملها وأن تحترم مفاهيم السيادة الوطنية. ويجب أن تفعل كل هذا ليس فقط في الحوار مع القوى الأخرى وانما ان تثقف كوادرها على ذلك ايضاً. [/quote]

فهل قدم الخطاب الاسلامي مقاربة حقيقية لقبول الآخر غير الاسلامي ؟؟ .. ترى هل يمكن أن تأتلف ثقافة قائمة على الفرز الطائفي والديني للآخر مع قيم التعددية وقبول الآخر ؟ ..

كيف يمكن أن ننتظر نشوء ديمقراطية حقيقية في ظل ثقافة تؤمن بأن العلمانية ردة !!!!!!!!!!!!! كما قال المنظر الاسلامي الوسطي !! يوسف القرضاوي ؟ ..

اسئلة برسم الاجابة من قبل الاسلاميين ..