العزيز آمون .
الأخوة الكرام .
يا عزيزي .. نعم أوافقك أنه لا بد أن نلجأ لفكر جديد حتى نسير في هذا الطريق الوعر الذي نقحم أنفسنا كعرب فيه ، متصورين تركيا دولة عربية لها نفس مناخنا السياسي و ثقافتنا الأصولية . فمن عاش في تركيا ولو قليلا يعلم أن شيخ الإسلام هناك لا يذهب للمسجد سوى في المناسبات ، ولو ذهبت مثلي إلى مسجد السلطان أحمد الرائع في صلاة العصر فلن تجد سوى صفين لمصلين معظمهم عرب من الخليج أو من كبار السن ، و باقي المسجد تجول فيه الوفود السياحية ، و يكفي هناك أن يقرأ السياسي الفاتحة ليكون إسلاميا متعصبا !.
حسنا حتى لو دققنا في هوية حزب العدالة و التنمية .. هل هو حزب إسلامي بمعايرنا العربية ، و هل تقوم برامجه على الشريعة الإسلامية ، وهل يسعي لتطبيقها ، و هل يستمد نصوصه من الفقه الحنفي ؟.
الإجابة هي لا كبيرة باتساع بحر ايجه ، إن حجم الخطاب الديني لهذا الحزب أقل من كل الأحزاب المصرية بما في ذلك حزب الوفد الليبرالي و الحزب الوطني الذي لا لون له ، بل ربما حزب التجمع اليساري ، هذه الحقيقة يعترف بها حتى الأصوليون من عينة فهمي هويدي و النفيسي !.
إن سقف الليبراليين المصريين مثلا هو وصول حزب مثل حزب أردوجان إلى السلطة لا أكثر!.
لماذا كانت إذا الأزمة الرئاسية في تركيا ؟.
إن الجيش التركي هو الحامي الغيور لتقاليد العلمانية ، هذا الجيش و غيره من مؤسسات الدولة الأرستقراطية كالقضاء تتخذ موقفا متطرفا لا مساوما من أي مظاهر إسلامية للدولة و تراها مناهضة للجوهر العلماني لتركيا ،و قد ساهم التردي الثقافي و الحضاري للدول الإسلامية في تعميق الإزدراء للمظاهر الدينية الإسلامية ، لهذا فارتداء السيدة الأولى للحجاب هو بمثابة صفعة لكل ما بناه أتاتورك و تتمسك به الأرستقراطية الوطنية ، علينا أن نتذكر أن مؤسسة الأركان العامة التركية هي التي ركلت رئيسا سابقا للوزراء ( أربكان ) خارج الحياة السياسية و كادت تودعه السجن لأنه تعامل مع الإسلام السياسي بشكل جدي !.
من الجدير بالملاحظة أن دول الإتحاد الأوروبي المسيحية هي التي كانت تسعى لدعم وصول جول الإسلامي للرئاسة و منع تدخل الجيش ضده ، هذا التدخل العسكري يمكن أن يذهب بجول لحبل المشنقة -كما حدث لعدنان مندريس- و ليس فقط لرئاسة الدولة .
إن خيارات تركيا كلها علمانية .
علمانية متطرفة لا مساومة على نمط خالد الذكر مصطفى كمال أو علمانية ذات غطاء ديني تذهب أحيانا لصلاة الجمعة على نمط جول و أربكان و أردوغان .
و لكنها في كل الأحوال علمانية لا تعرف كثيرا عن صيام رمضان ، و آخر ما تفكر فيه أن الإسلام هو الحل ، أقصى ما يأمله إسلاميوها ألا يكون الإسلام هو المشكلة .
تحياتي .