Array
عزيزاي ليوجيكال والصديق اللدود زيوس، والحكي للجميع،

هنا نخالف هذا المنهج إن اقتضى قياس الحاضر على الغائب، لما في ذلك من مغالطة، ولا أظن أن العلم يقتضي هذه المغالطة..

المغالطة هي قياس الحاضر المعلوم على الغائب المجهول لظن نظنه، رغم أن الأصل الحكم على الواقع المحسوس الذي هو الحاضر الشاهد، وما يصدق عليه يصدق على جنسه الغائب، وليس العكس هو الصحيح، بأن يقدر واقع الحاضر المعلوم على ما نظنه من غائب مجهول في نفس الجنس.
[/quote]


عزيزي نظرية التطور هي مثل قضية قتل. نجد السكين على الارض، و نجد جسم القتيل، و نجد الطعنات في صدره، و نجد آثار خطوات القاتل و بصماته، الخ. ثم يحاول المحققون بناء نظرية لما حدث، بما يوافق المعطيات.

اذا كنت تسمي هذا "قياس الحاضر على الغائب"، فسمه ما شئت. لكن هذا هو المنهج العلمي. "الحاضر" هو المعطيات التي نجدها أمامنا من آثار و معاينات، و "الغائب" هو حادث القتل نفسه الذي لم يره أحد و لكن نحاول اعادة تصويره عقليا في نظرية تتوافق مع المعطيات.

العلم يقتضي هذا الأسلوب، و هو الأسلوب المطبق في الكثير من العلوم و لا يقتصر على نظرية التطور، مثل علم الاثريات و الجيولوجيا و علم الفضاء، و الكثير من "العلوم التأريخية" ان صح التعبير، أي العلوم التي تحاول فهم ما حصل في الماضي بناء على معطيات الحاضر.

كما ترى، فالأمر ليس سحرا و لا غريبا و لا جديدا، بل هو أسلوب علمي صحيح يتم استعماله في الكثير من الامور و المجالات.

فقط يعني نظرية التطور بالذات هي التي يعترض عليها الدينيون!! كل الامور و المجالات و العلوم التي نعتمدها و نتبعها في هذا الاسلوب لم يعترض عليها احد، و لكن نظرية التطور، لأن المعطيات و النتائج فيها لم ترق للبعض، هي التي يعترضون عليها بالذات.

أشتم رائحة الايديولوجيا يا عزيزي. المسألة ليست "مغالطة" قياس الحاضر على الغائب، و لا نقص الادلة، و لا "الفهم الخاطئ" للمعطيات، و لا بطيخ احمر و اصفر. الموضوع و ما فيه ان نتيجة البحث العلمي لم ترق للدينيين، فبدأوا ينبشون في كل صغيرة و كبيرة، و يبحثون في أي شعرة او خيط يمكنهم من خلاله أن يهاجموا نظرية التطور بالذات.

أنظر مثلا لنظرية الانفجار العظيم. سبحان اللـه يا أخي!! هذه النظرية لا تتعارض مع المفهوم الديني القائل ان العالم لم يكن موجودا أزلا بل وُجد في لحظة معينة، لذلك لا نرى الكثير من الدينيين يعترضون عليها! لم نجد أي ديني يعترض قائلا انه لا يوجد أدلة كافية، و لم يرفع أحد دعاوي في المحاكم الامريكية ضد نظرية الانفجار العظيم، و لم تتقدم أي كنيسة بمشروع تدريس نظرية مغايرة لهذه النظرية. و لم يقل لنا أحد أن هذه النظرية تقيس الحاضر على الغائب و مش عارف ايش.

عجبي.