أعتقد أن الأمر أعقد مما قد يصوره ويتصوره نيوترال وليلين؛

فضمن هذا التصور لماذا لا يطغى على الأرض من ناحية ديمغرافية فقط الأكثر جمالاً وغنى وذكاء؟
أعتقد أن الأمر يتعلق بعوامل كثيرة، فالفقر أو المعاناة في الحياة قد تكون كثيراً ميزة في التطور، ويكون الرخاء والحياة الهنية الناعمة وبالاً على بعض المجموعات.
فالمخ يتطور أكثر بالاستخدام والاستعمال ومواجهة الصعاب، وكلنا نعلم أننا نتمرس أكثر من خلال مصاعب وتجارب الحياة في كل المجالات.
أذكر أني ترجمت ههنا مرة مقالاً طويلاً عن الأشجار، وأن أحد أنواع الأشجار انقرض نهائياً عن وجه الطبيعة بسبب صفته الطاغية على وجه البسيطة، إذ أن تغير عوامل الأرض في مرحلة ما أنهته لأنه في الفترة السابقة لم يكن له أي أعداء طبيعيين تجعله يطور أنظمة حماية ومناعة[*]، بينما بقت أنواع أخرى من الكائنات النباتية الصغيرة المهددة كل يوم والتي تعتبر هشة. كمثال فإن الحشرات الهشة القابلة للفعس بسهولة هي أنجح الكائنات على وجه البسيطة جمعاء :D

لذلك فباعتقادي أن الشعوب التي تتعرض للمحن والصعوبات والمآسي والمجاعات والحروب، قد تكون مستقبلاً الأقدر على مواجهة التحديات والأقدر على البقاء، إذ أن من بقي وسلم منها هم بالذات الأقوى. بينما من يعيش طول عمره بالرخاء فإنه قد يذهب بـ"شربة مية" مع أي امتحان جديد بسيط ومباغت، وتغير لموازين القوى الطبيعية.

(f)


[*] اقتباس من الموضوع (كيف غيرت الشجرة وجه الأرض):

Arrayففي نهاية العصر الديفوني, -365 , -355 مليون سنة .. فإن 75 بالمائة من الكائنات الحية إختفت. و تعتبر ثاني (من أصل خمسة) إنقراضات "extinctions" .
و شجرة الأركايوبتريس "Archaeopteris" الفاعل الأساسي لهذا العهد, إختفت بدورها أيضاً. و السبب بذلك عدا العصر الجليدي الذي تسببت به هي, فإنها سقطت ضحية عظمتها و سيطرتها نفسها. فبدون وجود أي كائن عدو لها و بذلك عدم تطويرها لأي شكل من أشكال المناعة فإنها سقطت عند أول هجوم , أو عند أول تقهقر لعوامل تواجدها الطبيعية. [/quote]