Array
الزميل المحترم / بهجت (f)

ما تفضلتم بذكره خلال هذا الإقتباس و بالرغم من أنه قد يمثل الحل الوحيد السلمي للحاق بقطار التقدم في أقل فوضى ممكنة - إلا أنه و بنفس الوقت يسحب الأمل في هذا الحل.

فنحن نفتقد على مستوى واقعنا تلك السلطة الواعية. أو أية قوى قادرة على دفع و حماية عملية الإنتقال التدريجي لليبرالية و لا أعتقدنا قد نملكها في الحاضر أو المستقبل القريب.

ففي العالم الغربي - مهد الليبرالية - لا توجد أي حاجة لقوى محددة لكي تحمي الليبرالية من المجتمع ذاته - حيث أن المجتمع بالكامل تمثل القيم الليبرالية و العلمانية له ما قد يمثله الدين لنا.

و في تجربة مختلفة - و غريبة - في تركيا - فالمؤسسة العسكرية بكامل ثقلها تقف حارسا للقيم الليبرالية و للإنتقال بالمجتمع بالكامل - و رغم أنفه أحيانا - لتلك القيم. و هذا في إختلاف جذري عن وضع المؤسسات العسكرية في بعض الأقطار العربية و التي تحكم فعلا أو تحمي مؤسسات الحكم و لا قبل لها بل و لا رغبة أو دافع لها للديموقراطية أو الليبرالية.

فنحن حين نقرر بضرورة التحول التدريجي المحسوب للمجتمع لقيم جد مخالفة لما يعتنقه - نفترض ضمنا وجود جهة تقود هذا التحول - و مؤمنة به - ثم مؤسسة ذات ثقل تحمي تلك الجهة. و لكن على مستوى واقعنا فنحن نفتقد الشرطين. على الأقل حتى وقتنا الحاضر. و أعتقد أنه و على عكس ذلك تماما فمن يملك حاليا تحقيق تلك الشروط هي الأصولية الإسلامية. فهي تملك الجهات و الأفراد ذات القيم الإسلامية و تملك فوق ذلك التأييد الشعبي على عكس مؤسسة الحكم الحالية فاقدة الشرعية.

و قد أكون مخطئا أو مفرطا في التشاؤم.

لك و لكل المشاركين كل إحترام ,,,
[/quote]
الأخ المحترم وليد .
كل تقدير .:97:
في ضوء المعطيات السائدة الآن في مصر و التي نعلمها جميعا ، وبناء على تقديرك الشخصي للأبعاد الثقافية و السياسية للموقف في مصر ، و معظمنا يتذكر بالإعجاب أكثر من شريط طرحته حول البعد الثقافي تحديدا ، ما هو الحل الذي تراه للتعاطي مع قضية الديمقراطية ؟. بالطبع لن يكون ممكنا لأحدنا أن يتبرع بإعداد خطة تفصيلية هي في النهاية جهد جماعي لأحزاب راسخة ،و لكن دعنا فقط نطرح سؤال محوري هو ما هو الخيار الرئيس السليم الآن ؟، هل المضي قدما في الآلية الديمقراطية قاطعين الطريق حتى منتهاه واثقين أن الديمقراطية ستصحح مسارها ، أم التحرك خلال وثبات مرحلية مغامرين بضياع وقت قد يكون حيويا لا يمكن تعويضه ، بل و بالتوقف عند مرحلة لا نتجاوزها بل ربما ننتكس عندها ، لمجرد تخوفنا من مخاطر الحكم الإسلامي وقد لا تتحقق ؟ ، أم هل علينا أن نعطي الأسبقية المطلقة لمكافحة الأصولية الإنقلابية التي يمثلها الإخوان و حلفاؤهم من التنظيمات الجهادية الموجودة في حالة كمون ، في إنتظار لحظة الإستمكان مع سيطرة الإخوان على الحكم قد يقيموا دولة إسلامية طالبانية في مصر؟ .
هذا السؤال اعيد طرحه على جميع الزملاء مرة أخرى ،و كي أوضح الصورة بشكل أكبر أقول للمتابعين أنه في مواجهة قضية الديمقراطية و في ضوء المعطيات الراهنة هناك رأيان رئيسان .
الرأي الأول هو رأي الإسلاميين و مؤيديهم مثل سعد الدين إبراهيم و آخرون ممن لهم حسابات يصفونها مع النظام و أيضا كثير من المتعلمين ، هذا الرأي يحدثنا بخطاب يمكن إيجازه بأنه :" يجب إجراء إنتخابات حرة فورا يشارك فيها الجميع و على رأسهم الإسلاميون بأحزابهم و تنظيماتهم و شعاراتهم بلا قيود ، و علينا الإحتكام للشعب مصدر السلطات و قبول نتائج الإنتخابات بلا تحفظات ، فتلك هي الديمقراطية التي تطالبون بالإحتكام إليها ، ولا داعي للتمحك بالإرهاب أو عدم وجود برامج أو حقوق الأقباط أو المرأة ، فالجميع مارس الإرهاب و من قتلهم الإسلاميون سواء النقراشي الخائن أم فرج فوده الكافر قرين رابين ! ، و المستشار الخازندار العميل يستحقون الحرق ،و حكاية البرامج كلام مزيكا و ضحك على الذقون ، أما المرأة فهي أول من يؤيد الإسلاميين لأنهم الأكثر فحولة ، و كذلك الأقباط وعلى رأسهم شنودة يعلمون أن مصر مسلمة ،وهم يعرفون ذلك في كتبهم كما يعرفون أبنائهم ، وهم لا يريدون سوى تطبيق الشريعة التي تحفظ مصالحهم خلال عهود الذمة المحترمة ،و أما الأقباط الذين لا يعجبهم الإسلام القادم لوطنه بعد غياب فعليهم الذهاب إلى حيث ألقت و الباب يساع جمل !، أما العلمانيون و الشيوعيون فهم قلة حاقدة و سيعلمون أي منقلب ينقلبون و أن الإسلام القادم مع الإخوان هو الحل و سيعم الرخاء على يد مجلس الفقهاء الأعلى الذي سيحكم مصر" ، لهذا الإتجاه رموزه مثل حسن البنا و سيد قطب و مصطفى مشهور و ،وهم يرون أن مصر برئاسة مهدي عاكف ستقود العالم الإسلامي ليرفع أعلامه عالية فوق نيويورك و لندن وموسكو و غدا لناظره قريب .
الرأي الثاني وهو رأي تتبناه قلة من النخب العقلانية و الحداثية و أيضا بعض أركان النظام ،و يرى ضرورة إلتحاق مصر بالعصر و المجتمع الدولي ،و بالتالي خلق أنسب الظروف لنجاح الديمقراطية ،و حظر تشكيل الأحزاب الدينية ،و ينادون بمجتمع المواطنة و الحقوق المدنية وقيم الحداثة ،و يرفضون الأصولية و خلط الدين بالسياسة ،و ينادون بمساواة الجميع في الحقوق و الواجبات بصرف النظر عن الدين و الجنس و اللون ، و هم ينتمون لقيم الوطنية المصرية و الأفكارالليبرالية و وحدة عنصري الأمة ، لهذا ستجد أفكارهم ستبدوا قادمة من عالم مصري وطني صرف يعود لثورة 1919 ،ولهذا الإتجاه رموزه مثل سعد زغلول و طه حسين ولطفي السيد و سلامه موسى و ....، وهم يرون أن القيم الإنسانية العليا ممكنة و المواطنة الحقة ممكنة و الحرية الحقيقية ممكنة ، هم يرون أن الحرية و العلمانية هما روح الديمقراطية ولا وجود لها بدونهما ،وهم يهدفون لتعميق قيم الدولة المدنية و تحقيق الديمقراطية على أسس صحية و فعالة .
معظم أفراد الإتجاه الثاني لا توجد أمامهم خيارات متاحة في غياب بدائل علمانية ديمقراطية سوى التدرج إلى الديمقراطية خلال مراحل ، بحيث تتزامن هذه المراحل مع إصلاحات إقتصادية و سياسية ليبرالية عميقة ،وهم يرون ان لدينا خيارات محدودة للغاية بل في الواقع لدينا خياران فقط هما إما النظم العربية قائمة و في حالتنا نظام مبارك ،فبصرف النظر عن كون مبارك عسكري الأصل فالنظام يحمل ملامح مدنية لا تخطؤها عين ،و المقابل دولة دينية يقودها الإخوان المسلمون ورفقائهم من الجماعات الإسلامية ،ويرون أنه ليس هناك منصف لا يقر أن مشروع الإخوان هو مشروع إسلامي راديكالي سيغير طبيعة الدولة كلها إلى دولة دينية ، و أن علينا أن نختار ،وهم يؤيدون تطوير النظم القائمة مع كل عيوبها و هي معروفة و مشهورة ، لأن أسوأ نظام مدني سيكون أفضل من أفضل نظام ديني .
.
هل آمل ان نكسر الصمت يا زملاء ؟