الأستاذ شهاب:

تحياتي،

كان بودي أن أسألك عما إذا أتيحت لك فرصة للاضطلاع على الموسوعة الإسلامية من عمل المستشرقين الوارد ذكرها ورأيك فيها.. الموسوعات الإسلامية الصادرة حديثاً تميل لعرض الإسلام وكأنه الحقبة المكية فقط ولا طوائف فيه سوى الإسماعيلية وابن عربي والحلاج وهذا الواجهة البراقة الجميلة ويعتبروها المرجع الأساسي لتمثيل الإسلام خير تمثيل وعليه خرجت الموسوعات في الحقبة الحديثة. هذا يعني أن عمل مستشرق كـ فلهاوزن أكل الدهر عليه وشرب وهو الذي نقد الكتاب المقدس والتاريخ الإسلامي على حد سواء فمثلا في نقده للكتاب المقدس توجد نظريته الشهيرة والتي تسبب سخط المسيحيين من أبناء التيار اللاهوتي المحافظ واسمها نظرية الـ documentary hypothesis. بالنسبة لي، فلهاوزن ذهب مصفى دائما.

من جهة أخرى، نعم، أوافقك أن الأب زكريا بطرس يفتقر للمنهجية والتفكير النقدي الأكاديمي السليم ولكن هل توفرت له الأدوات ولم يستخدمها؟ تعلم التفكير المنهجي كثيرا ما يكون ترف في الفكر وينأى به الكثيرين منا خشية على أنفسهم من "الزندقة" فتضيع عليهم فرص وبركات آه لو اغتنموها. وعليه، فـ زكريا بطرس يدير الخد الأيسر لسنين هذا عددها وتتم السخرية من مقدساته عبر شاشات الإعلام المصري ولو قام بالرد تجد الشيخ المسلم ينظر له باحتقار: أنت هاترد عليّ يا نصراني يا عابد الصليب يا خنزير؟ كان لابد أن يأتي يوم وتخرج فيه وسائل التقنية الحديثة وتتيح لنا جميعاً بإخراج مافي الصدور والتعبير عن رفضنا للظلم وأننا مطلوب منا أن ندير الخد الأيسر طوال الوقت وليس من حقنا أن نعبر عما نقبل وعما نرفض وعما نعترض عليه. بل بالعكس، وكما قال نيوترال أعلاه، لربما كان ما يقوم به زكريا بطرس هو خطوة نحو انطلاقة أوسع في التفكير والقبض على وسائل التفكير المنهجي المتعارف عليها في المؤسسات الليبرالية الأوربية الأكاديمية.