الزميل العاقل

لا أختلف معك نهائياً بأن الديمقراطية وسيلة.
ولكنك نسيت أن تقول وسيلة لماذا وبهذا تريحني من نصف الجواب.
فهي وسيلة حضارية كآخر مخترعات البشر في مجال الاجتماع لتنظيم مجتمعهم.
وأنا لم أقل يوماً أن هناك نظام بشري واحد كامل العدالة وكامل بأي شكل، لا العلمانية ولا الديمقراطية ولا الـ"هيبر ديمقراطية" التي لا بد سمعت عنها في عالمالعولمة.

لنقف لحظة عند كلامك لنجد به بعض التناقض أو بعض الجمود.
فأنت تشرح بإن للمجتمعات تاريخها المسقل بذاته ولكنك إسلامي أو لنقل مسلم والمسلم كوني لا يقول بتفرقة بين المجتمعات وتجاربها ، فكيف عمتزبط معك؟

ثانياً، أنا أعتقد أن الإسلام بوقته كان يفرز بداية للعلمانية أعطت للعالم مركباً عظيماً كان له الفضل بزمانه، ولن أقول يوماً بأن هناك نظام عادل كامل تام. هذا النظام لم يوجد برأيي ولن يوجد لا بأي زمان ولا بأي مكان.

أخيراً وطبعاً ليس آخراً :
كون الديمقراطية خلاصة تجربة غربية هو قول أساسه غربي، بينما علينا قراءة التاريخ بنظرة شرقية لا استجرار المفهوم الغربي للتاريخ، فالديمقراطية اليونانية أصلاً هي شرقية فمنذ متى كانت بلاد الغال تهم الاسكندر المقدوني؟
ومن علم الغربيين من فرنسيين وإنكليز فلسفات اليونان. أليست ترجمات العرب؟
الخصوصيات عزيزي هي أفكار تجريدية اخترعتها البنى الاستعمارية لوضع المُستعمر ببوتقة خاصة به لا تجعله يطلب بما أكثر من موقعه كمُستعمر.

كم من الغربيين الذين يعلمون أصلاً أن عائلة سورية من شمال الجزيرة العربية سيطرت على روما لفترة ومنها الإمبراطور فيليب العربي.
وكم يعرف أن عائلة كاركلا السورية كانت عائلة متنفذة بروما.
متى وبأي لحظة سيعتبر التاريخ خاص بشعب ومتى سيعتبر إنساني عام، وهل الدين الإسلامي سيعتبر تاريخ إنساني خاص بالسعودية؟ أو ببلاد العرب؟

هذه الخصوصية هي حجج المراهقين بالتاريخ لا حجج البالغين فيه، فلا يوجد شيء اسمه خصوصية تاريخية لدي في التاريخ. هناك ظروف موضوعية تاريخية بالطبع لكن لا خصوصية وأظنك ذكي بما فيه الكفاية لتعرف الفرق.

أما الحتمية الماركسية فهي فعلاً حتمية، لكن بشكلها الاقتصادي. ذلك أن ماركس وبرأي الرسماليين أيضاً هو مبدع باستنتاجاته. لكن الحتمية التاريخية من نوع فصل الرأي بالحكم على شكل أيدولوجي فهذه كانت خطأ الشيوعية لا خطأ الماركسية. ذلك أن الماركسية تحققت فعلاً باستنتاجاتها العامة الاقتصادية منها والتاريخية.
ذلك أن ماركس توقع أيضاً أن يقوم الرأسماليون باستيعاب الحركة العمالية من خلال تلاؤمها معها.
هذا لا يمنع أن الديمقراطية كإطار نوعي للحكم هو أقصى ما وصلنا إليه في تاريخ البشرية، ذلك أنك وبمعارضتك لها لم تقدم بديلاً عنها.. بل مجرد نقد لعدم كمالها. حى أنك أخطأت بحتمية الديمقراطية وتأويلها فأنا لا أقول بحتمية أيدولوجية، بل بحتمية تغيير الشعوب لوضع الاستبداد.

بقيت مسألة العراق وعدم ثقتك بما يرشح منه من أخبار. فهذ أمر لا يمكن أن أفعل له شيئاً ويمكن أن ننتظر لذلك السنوات الخمس التي اقترحتها للحكم على العراق وتجربته.

وأخيراً:
فإني لست مع الحكم الأمريكي ولا احتلاله ولا احتلاله لسوريا ولا لفرض الديمقراطية بسوريا.
ما أردت قوله أننا لو أردنا تفادي مثل هذه الكارثة التي حلت بالعراق فعلينا التفكر بوضعنا، فنحن يمكن أن نقوم بشيء من خلال هذا التفكر .. ويمكننا بالعكس من ذلك انتظار أن يُصرح لنا بذلك.. أو أن نبقى في مفترق الطرق لا نعرف ما نريد وننتظر القرار النهائي لنعرف بأي طريق نسير.

أنا من ناحيتي أختار طريق الديمقراطية، فهو لدي منتهى التجربة البشرية حالياً، ومنه يمكن أن ننطلق لتطوير طرق أخرى.. أما أن نقف هنا لنقول نعم ولكن ... فهذه طرق متناقضة تقول بالشعب ولا تقول به، تريد الوصول إليه ولكن دون الأخذ برأيه... وهذا بعصر المعلومات والتواصل السريع والمكثف، يعني :
كأننا بمن يريد أن يتحدث لرجل الأنترنت بأن يصيح به من سطح بيته.

وهذا برأيي لا يجوز :)

مع فائق التحيات.
ولي عودة.

طارق.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	لماذا الديمقراطية أولاً ؟	فارس اللواء	0	431	03-24-2014, 12:16 AM آخر رد: فارس اللواء
	عناوين مثقلة بالمعان الانسانية تستخدم اليوم ضد الانسانية مثل الديمقراطية والحرية وحقو	نوئيل عيسى	0	487	10-05-2013, 10:30 PM آخر رد: نوئيل عيسى
	خواطر في زمن الاستبداد	فارس اللواء	182	8,632	08-01-2013, 07:32 PM آخر رد: فارس اللواء
	الوهابية السعودية والإسلام الشامي (1)	Rfik_kamel	0	950	01-28-2013, 01:40 AM آخر رد: Rfik_kamel
	الديمقراطية وعوائقها في العالم العربي	الكندي	11	2,207	05-26-2012, 03:10 AM آخر رد: الكندي