تحت غطاء التطور العمراني والإقتصادي والسياسي "الديمقراطي" في الأردن، تقبعُ جثة هامدة متعفنة لما كان يُسمى في يوم من الأيام "مواطن" ... تلك الجثة التي كانت فيما مضى إنسانا نابضا بالحياة، أرهقتها الضغوط والصفعات المتتالية ممن يدّعون حرصهم على مصلحة "الوطن والمواطن"

كان غزو العراق أخيرا سنة 2003 آذنة بانفتاح أبواب جهنم على المواطن الأردني (لا أقول الأردن بشكل عام وسأوضح) ... لماذا المواطن الأردني؟

أولا، لا يخفى على أحد أن الأردن كان يحصل على النفط العراقي في مقابل بوظة عطا علي، وبسكوت مش عارف شو -ما يُسميه البعض "مساعدات إنسانية"- طبعا هذا حسب شهادات لأناس زاروا العراق وعرفوا ما هي تلك المساعدات التي كانت تصل العراق مقابل الذهب الأسود ... هذا عدا عن المساعدات النفطية التي كانت (وأظن أنها لا تزال) تتدفق على الأردن من بعض دول الخليج لكن بكميات لا تكاد تذكر!!!

بعد غزو العراق الأخير وارتفاع أسعار النفط العالمية حتى صارت تناهز ال100 دولار للبرميل مؤخرا، وانقطاع قوافل الإحسان العراقية، صار لزاما على الأردن أن يشتري نفطه الآن، وبأسعار السوق العالمي ... هل كانت الدولة مستعدة لهذا الخيار؟ بالطبع لا، والدليل هو الإرتفاع المضطرد لأسعار المحروقات على مدى السنوات القليلة التي تلت الإحتلال الأمريكي للعراق!!!

ثانيا، عمليات غسل الأموال الهائلة التي احتضنها الأردن تحت مظلة دعمه لللاجئين العراقيين .... طبعا أكيد معروف أن عمليات النهب والسرقة طالت كل شيء في العراق، وكانت الأردن الوجهة الأفضل للصوص الحرب والناهبين ... حتى أنني علمت بأن أحدهم دخل دائرة أراضي عمان حاملا "شوال" من الدنانير ليدفع ثمن قطعة أرض اشتراها ... أدى ذلك إلى ارتفاع جنوني في أسعار العقارات ابتداءا بالأراضي ومرورا بالشقق وحتى أسعار مواد البناء لم تسلم.

صارت قطعة الأرض تباع بأربعة أو خمسة أضعاف سعرها الحقيقي -غسيل أموال كما قلنا- وصار الشقة تؤجر بأضعاف أضعاف إيجارها الحقيقي أيضا!! في الماضي كان إيجار الشقة عندما يصل إلى 150 دينارا شهريا، كان يعتبر غاليا جدا ولائقا بشقة فخمة في منطقة فخمة أيضا ... إلا أنه الآن صار من الإيجارات المتوسطة -بلاش نقول رخيصة لأن الإيجارات في المخيمات لا زالت ولله الحمد تناهز ما بين الثمانين والمئة-

أسعار الحديد تضاعفت حوالي المرة والنصف ... طن الحديد كان يكلف 240-260 دينارا قبل 3 سنوات، والآن أظن أنه يناهز ال580 دينارا!!!

طن الإسمنت وصل إلى حدود ال140 دينارا بعد أن كان يكلف 60 دينارا في أوقات الغلاء قبل 3 سنوات أيضا

وعد بالنسبة لمتر الحجر والطوب وكل ما يتعلق بالبناء ولوازمه

لا ننسى أيضا أن جزءا كبيرا من إنتاج الإسمنت وحجر البناء الأردني يصل إلى إسرائيل لدعم بناء السور الفاصل والمستوطنات، وذلك باعتراف تجار أسمنت، وهذه حقيقة معروفة للجميع طبعا!

ماذا أيضا؟

إرتفاع أسعار السلع الأساسية بسبب رفع الدعم الحكومي عنها فجأة ودون سابق إنذار ... كيس الخبز أصبح ب30 قرش بعد أن كان ب15 قرش ... وسق على ذلك أسعار كل شيء آخر!!!!!

حتى التعليم أصبح مكلفا ... الساعات الجامعية تضاعفت ... بل حتى ارتفعت بنسبة 400% بالنسبة لبعض التخصصات حتى أضحت الجامعات الخاصة أرخص والمصيبة أن هذا الإرتفاع في أسعار الساعات الجامعية ترافق مع انخفاض واضح ومخيف في جودة التعليم الجامعي، مدخولات الجامعات الأردنية ازدادت لكن الإنفاق على التطوير والدعم للعملية التعليمية يقل أكثر فأكثر ... مثلا، ميزانية الجامعة الأردنية للعام 2005 كان 64 مليون دينار ... لكن لم يكن هناك دعم لتطوير مختبر بسيط للجرافيكس في كلية تكنولوجيا المعلومات، حيث تابعت مع اللجنة التعليمية هناك أن الدعم المادي غير موجود!!!

مع أن رواتب المدرسين في الجامعات ممتازة إلا أن الحركة صارت معاكسة (من الجامعات الحكومية إلى الجامعات الخاصة) بسبب الدعم الذي تقدمه الجامعات الخاصة في عدة مجالات منها تطوير العملية التعليمية ... مثال ذلك، إن أردت أن تدرس الIT في الأردن الآن فعليك التوجه إلى جامعة العلوم التطبيقية أو جامعة الزرقاء الأهلية ... سابقا كانت الجامعة الأردنية قبلة لدارسي تكنولوجيا المعلومات!!! هندسة الحاسوب صارت الريادة فيها لجامعة عمان الأهلية بعد أن كانت لجامعة العلوم والتكنولوجيا ... وهكذا دواليك!!!!

شو كمان؟

الآن جرة الغاز صارت ب9.9 دينار - الله يعينهم ما حبوا يثقلوا على الشعب ويخلوها 10 دنانير ... الله يجزيهم الخير يا رب

أخيرا ...





















الأردن أولا:bouncy: