{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
عبدالرحمن منيف رفض نشرها في حياته فصدرت بعد وفاته: «أم النذور» رواية مجهولة تسرد سيرة الطفولة
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
عبدالرحمن منيف رفض نشرها في حياته فصدرت بعد وفاته: «أم النذور» رواية مجهولة تسرد سيرة الطفولة
عبد الرحمن منيف: عندما يبني النص علي الصوت الواحد - تقنية سردية تثير شجاراً بين الراوي والمروي له - ناظم عودة
ما دام ظني بكم سيئاً لدرجـة كبيرة، قد تسألون: لماذا إذن أقصّ عليـكم هذا الذي حصل؟ وماذا أريد منكم؟
ــ قصة حبّ مجوسية ــ

الراوي والقارئ
من يقرأ رواية عبد الرحمن منيف (قصة حبّ مجوسية) سوف يلحظ شجاراً لا ينتهي بين الراوي والقرّاء المفترضين، فهو لا يكفّ عن توجيه اللوم والانتقاد والوعيد لهم، ولا يعدم القارئ الحقيقي فائدة من هذا الشجار، الذي يخمّن فيه الراوي معارضة من هؤلاء القرّاء لأفعاله وأفكاره، لأنه سيئ الظن بهم لدرجة كبيرة. ويكشف هذا الصراع عن بنية سيكولوجية تتحكم في أداء الراوي، ويكشف كذلك عن الأحكام الأخلاقية التي تترتب علي سلوكه، فهو يفتش باستمرار عن مسوغات لعلاقة تعدّ محظورة في نظر الأديان، كما في تشريعات السيد المسيح في هذا الشأن، التي يذكرها الراوي بنوع من الرفض. فالانحراف عن حكم من الأحكام، يفضي إلي خلق حال من التضاد بين الصورة الأصولية، والصورة الرافضة التي عليها الراوي. وهو يعلم بهذا الحرج، ولذلك يبتكر وسيلة للتخفيف من غلواء توتره النفسي، وهي تعرية منطق القارئ المعارِض ضمناً لسلوك البطل. ويبدو لي أحياناً أنّ صوت القارئ المكرّس نصّياً في الرواية، هو الصوت الداخلي للبطل، فثمة نزاع عنيف ينشب بين داخل الراوي وخارجه. فالعرف الاجتماعي والقاعدة الدينية لفعل الحبّ، لا تتهاون في عشق النساء المتزوجات، لكنّ هذا الحكم الأخلاقيّ لا يتقيد به بطل قصة حبّ مجوسية، فهو يخترق القاعدة الأخلاقية بمسوّغ سيكولوجي محض. ويؤدي به هذا الاختراق إلي صراع من نوع خاص، بين النشاط الملحوظ للقوي السيكولوجية الطليقة من أعنتها، وما يسمي بالأنا الأعلي التي تقاوم تمرد الرغبات علي هذه الشاكلة. يتبني الراوي، الذي يعشق امرأة متزوجة، وجهة نظره الباطنية بقوة، فيصغي إلي صوت قلبه وحده، ويسعي جاهداً إلي تصوير الكدمات التي لحقت به من جرّاء مكابداته. فهو يشعر أنّ هذه المأساة الباطنية تستحقّ أنْ تُبلَّغ إلي القارئ بالكلمات، ليكتب (سيرة قلب) يخفق بين جنبيه، أو يريد أن يقدم اعترافاته أمام القارئ، نظير الاعترافات التي تجري في الكنائس، كأنه يشعر بخطيئة ويريد أن يكفّر عنها. لكنّ العلاقة بين الراوي والقارئ في هذه الرواية، لم تتسم بالتوافق، أو الإصغاء كما في الاعترافات الحقيقية، فالراوي يواجه اعتراضاً شديداً من فئة من القراء، لكنَّه يستميل فئة أخري، وهنا يبرز تخطيط الصنعة الأسلوبية من لدن المؤلف الحقيقي، الذي أراد أنْ ينشئ حكاية من لحظة التعارض بين فئات القرّاء والراوي.

الرواية ذات البعد السردي الواحد

لا تتضمن رواية (قصة حبّ مجوسية) تعقيداً فنياً، يمكن أن يقف حجر عثرة في طريق القارئ، الذي يجمع خلال زمن قراءته مجموعة من الجمل السردية، القادرة علي تكوين الفحوي النهائية للعمل من جهة، والقادرة علي تكوين حكم نهائي حيال الرواية كلّها. فالبناء السردي في هذه الرواية يقوم أصلاً علي الصوت الواحد الباطني للراوي، ومن هنا يمكن وصف (قصة حبّ مجوسية) بأنها رواية تعتمد البعد الواحد في سرد الحكاية، وقد ساهمت هذه التقنية السردية في إثارة الشجار بين الراوي والقارئ علي طوال هذه الرواية. فهذا الراوي يبني هرماً من القيم الذاتية، ويرتقي إلي قمته، وينظر إلي العالم الذي يحيط به، ولذلك فإنّ الفارق بين الأعلي والأدني هو السبب الأساسي في نشوب الصراع بين الراوي والقارئ. فثمة جزء من الصراع غير مذكور في السياق السردي لهذه الرواية، يتلاقي فيه الراوي والقارئ معاً ليتجادلا حول مجموعة من القيم المتعارضة، تشكل صلب هذا الصراع غير المذكور. فالقيم التي يعتنقها الراوي، والخاصة بعلاقته مع امرأة متزوجة تدعي ليليان، ليست قيماً معيارية ثابتة، بل قيماً ذاتية محضة. وعلي هذا الأساس، فإن الراوي يقدّم نموذجين من الصراع: الأول يتبني الفلسفة الذاتية، التي تقوم علي المنطق الفردي، وعلي فرضيات فرويد وهوسرل، غير الظاهرة نظرياً في السياق السردي، وإنما مُضَمَّنة تضميناً يتيح للراوي أن يعتنق أفكاراً ذاتية، يفسر بها قضيته التي يدافع عنها في وجه خصوم مفترضين. والثاني (وهم القرّاء المفترضون) يتبني التفسير العقلاني للقضية الأساسية، أي عشق امرأة متزوجة. وهكذا ينشأ الاختلاف في القيم استناداً إلي هاتين الفلسفتين، الفلسفة الذاتية، والفلسفة العقلانية، وقد كان هذا الصراع الفلسفي، هو الجزء غير المذكور في السياق السردي لرواية (قصة حبّ مجوسية)، ومنذ البداية أراد الراوي أن يجد وسيلة فنية لتفجير هذا الصراع، فوضع صيغة نصّية تقوم علي جعل القارئ طرفاً نصيّاً في البناء السردي. وفي مقابل هذا الصراع الثنائي، ثمة صراع ثنائي آخر، ذو صلة بالبناء الفني لهذه الرواية هو صراع الأجناس، جنس الشعر وجنس النثر:
قلت لنفسي بنزق: أيتها العيون التي انفجرت في ظلمة الحياة التي أعيش فيها. سوف أعبدك. أنا مجوسيّ أكثر من مجوس الأرض كلهم.
صرخت دون صوت وأنا أنتفض مثل ديك مبلول: الزجاج بيننا يحصد خفقة القلب ثم يعجنها كتلة نار ويدحرجها.. ثم يأتي المطر ليذيب لذة الحلم.
ليست هذه الرواية رواية أصوات متعددة، فهي لا تكترث بأية وجهة نظر أخري غير وجهة نظر الراوي، الذي يضيق ذرعاً بالآراء المفترضة للقراء، قال مخاطباً هؤلاء القرّاء الذين يتوهم الراوي معارضتهم، ويستبطن منطقهم وحجمهم:
وأنتم أيها الشديدو التزمت.. ماذا تستطيعون أن تقولوا عن الأفكار الصغيرة التي تحركت في رأسي؟ الخطيئة؟ ولكن أين الخطيئة؟ حتي هذه اللحظة لا أشتهيها. ووصية المسيح التي تستندون إليها لا يمكن أن تجعلوها مقصلة لتنتزع رأسي بكلّ هذه البساطة. لم أشته امرأة غيري.. كل ما أردته أن أغفو في تلك الجنة لحظة واحدة ثم أموت. من الواضح أن هذا الراوي يشعر بأن الفعل الذي أقدم عليه، أي عشق امرأة متزوجة، يخرق الأعراف الدينية، ولذلك فهو يتصور هذه المعارضة من الآباء المقدسين، ويقاومها بمنطق آخر، منطق ذاتي محض، قال مخاطباً هؤلاء الآباء المقدسين:
أيها الآباء المقدسون.. تعالوا واسمعوا اعترافات رجل حزين. الأرض مليئة بالرجال الحزاني. وحتي الآن لم تسمعوا سوي اعترافات المخطئين.. أما الذين يموتون كل لحظة.. فأنتم لا تعرفونهم... وعلينا أن ننتبه إلي التكرار الذي يكرّر به الراوي وجهة نظر هؤلاء الآباء المقدسين، الذين أصبحوا الآن في موقع القرّاء المفترضين للحكاية التي تتضمنها رواية (قصة حب مجوسية)، ويمكن أن نطلق عليهم تسمية (القرّاء المقدسون). وعندما يكرر الراوي اعتراضاتهم، فإنه يكشف عن شعوره الباطني بوطأة تلك الاعتراضات عليه، قال يخاطبهم:وأنتم أيها الآباء.. هل تحاسبون رجلاً جباناً، ولا يحمل في قلبه رغبة شريرة، ويريد أن يشعل سيجارة امرأة حزينة ولا يستطيع؟ يجب أن تقولوا شيئاً. إن هذا التوجّه بالسرد إلي هؤلاء (القراء) الذين يفترض الراوي أنهم جزء من حكايته، لا يمكن تفسيره بغير رغبة المؤلف الحقيقي في أن يفجّر السياقات الثقافية والدينية والسيكولوجية المرتبطة بهذه الحكاية، وذلك جزء من التخطيط الشكلي العام لهذه الرواية، التي وجد عبد الرحمن منيف أن القارئ المفترض أو الضمني جزء منها. وعلي هذا الأساس، جاء أسلوب تكرار مخاطبة القراء في هذه الرواية، والسعي إلي فتح حوار معهم، وقد استهلت الرواية بهذا الحوار أو الشجار بصورة أدق. ولكي يكشف الراوي عن وطأة اعتراضات (القرّاء)، فقد استهلّ روايته بالشجار معهم:
وما دام الأمر هكذا.. وما دام ظني بكم سيئاً لدرجة كبيرة، قد تسألون: لماذا إذن أقصّ عليكم هذا الذي حصل؟ وماذا أريد منكم؟ لكي أقطع عليكم الطريق، وأسدّ أفواهكم أقول:
إن الكنيسة الكاثوليكية، الرحيمة القلب، جعلت للإنسان طريقاً للخلاص، عندما كلفت الآباء المقدسين بتلقي الاعتراف. كما أن علم النفس المعاصر، بالضوء الخافت في غرفة الطبيب، والمقعد الوثير الذي يستلقي عليه المريض، أوجد طريقاً لإذابة العذاب.. تمهيداً للشفاء، وأنتم.. هل أنتم آباء الكنيسة أو أطباء نفسيون تتلقون الاعتراف؟
مرّة أخري لا يهمني. أريد أن أقول ما حصل. سأقول ما حصل حتي لو نزلت السماء علي الأرض. وأنتم إذا شئتم اقرأوا.. وإذا شئتم كفّوا عن القراءة.. وحتي لو قرأتم فلن تضيفوا أية صفة جديدة للصفات الكثيرة التي أعرفها عن نفسي.
إنّ القرّاء الذين يتشاجر معهم الراوي، ليسوا صنفاً واحداً، بل أصنافاً متعددة، كل صنف له تكوينه الثقافي والاجتماعي الخاص. فهو يتشاجر مرة مع (قارئ حكيم):
ولكن إذا وجد بينكم حكيم أعور، له لحية تشبه خيوط العنكبوت، فسوف يقول:
إن حالة مثل هذه تعود بأصولها إلي أيام الطفولة.. إنه الحرمان من عطف الأم. نعم ماتت أمي لما كنت صغيراً.. لكن هذا الحكيم الذي يفتح فمه كضفدعة ليغرق الناس بكلمات كبيرة وغامضة تفتقر إلي شيء أساسي يكون جوهر الإنسان والعلاقة الجنسية.. يفتقر إلي الحب. ومرة يوجّه هذا الراوي خطابه إلي (قارئ مجهول): يمكن لأي تحليل يسرف في دراسة حالتي، بحيث ينتهي إلي أشياء كثيرة، لكن الأمر الأكيد إن ما وجدت نفسي فيه لا يجد مأوي في الكلمات القائمة والبلهاء التي تموج في رؤوسكم الآن.
ومرة أخري يخاطب هذا الراوي قارئاً يمكن أن نطلق عليه (القارئ الساخر): آه.. يمكن أن تضحكوا. اضحكوا مثل بغال تفتح أفواهها حتي النهاية. لقد سقطتُ.
ويقول أيضاً مخاطباً هذا القارئ الساخر: وأنتم لا تستطيعون أن تقولوا أي شيء اضحكوا بسخرية، ولكن من دون أن أري. وإذا علت قهقهاتهم فسوف أشتم مثل إبليس، سوف أقول لكم: أيها الخنازير، يا من تفتقرون إلي القلوب، يا من بالت عليكم أمهاتكم لكي تشفي الدمامل المنتشرة فوق صدوركم ووجوهكم.. لن أقول هذا فقط، سوف أقول أكثر: أنتم.. يا أربطة العنق.. سوف أشنقكم بهذه الأربطة ذات يوم. لن أكون رحيماً. الرحمة لا تعرف طريقها إلي قلبي. ومن تريدون أن أرحم؟ الصدور المليئة بالقيح؟ أنتم؟ لا تخافوا.. سوف أتصرف كوحش.
ومرة يخاطب هذا الراوي نمطاً من القرّاء يمكن أن نطلق عليه (القارئ القاسي):
وأنتم أيها الناس.. يجب أن تجلدوني مئات الجلدات. لا تكونوا رحماء معي، وأنا لا أستحق الرحمة أبداً.. ابصقوا عليّ.. لو أن كلمة قلتها، لو أن مسّة قدم أخري، ابتسامة شجاعة... آه اتركوني، لقد تعذبت أكثر مما أطيق.. والآن، وبعد مرور السنين، إذا سقط المطر.. إذا لم يسقط أتعذب.
من خلال هذه الطائفة من القرّاء الذين افترضهم الراوي يعارضون ما يقوم به، نستطيع أن نكشف عن الطابع السيكولوجي المتأزم لهذا البطل، ولكي يجد الراوي أسلوباً أكثر نجاعة في بناء منطقه الداخلي، فإنه يبتكر طريقة سردية خاصة، تتناسب مع بناء شخصيته المزدوجة، شخصية الخطّاء الذي يعرف طبيعة الخطيئة. ومن هنا، فإنّ التصميم الشكلي لرواية (قصة حب مجوسية) لا يخلو من الاجتهاد الجمالي في الاعتقاد بأنّ السرد الروائي الحديث لا يتواني عن التداخل الإجناسي، أي التداخل بين جنسين من أجناس الكتابة الأدبية، لإنتاج جنس هجين. وقد شاعت هذه الدعوة إلي التداخل بين الأجناس في الأدب العربي الحديث، وأراد بعض الكتاب العرب أن يلغي الصفة الجنسية للنوع الأدبي والاكتفاء بتسميته (نصّ). وقد تشتت الرد في هذه الرواية علي جنسي الشعر والنثر، فالراوي ليس شخصاً ذا سلوك عقلاني، بل هو شخصية رومانسية، ذات حساسية مفرطة. ولذلك فإنّ رواية (قصة حب مجوسية) ذات خصائص أسلوبية تقترب من الخصائص الأسلوبية للرواية الرومانسية، بحسب اصطلاح تودوروف، فهي رواية تتصف بـ(التحليقات الغنائية، والخواطر المجردة). ويمكن أن نلحظ أن الراوي نفسه في هذه الرواية يتمتع بهذه الخصائص الأسلوبية، فهو شخصية رومانسية تحلّق عالياً برغباتها، ولا تكترث بالتعارض الذي ينتج عن تلبية هذه الرغبات.

(1) قصة حبّ مجوسية ــ عبد الرحمن منيف ــ المؤسسة العربية للدراسات والنشر ــ بيروت ــ ط5 ــ 1990ـ ص33
01-05-2008, 10:30 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
عبدالرحمن منيف رفض نشرها في حياته فصدرت بعد وفاته: «أم النذور» رواية مجهولة تسرد سيرة الطفولة - بواسطة بسام الخوري - 01-05-2008, 10:30 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  أبحث عن روافد مع عبد الرحمن منيف بسام الخوري 0 1,361 05-16-2010, 11:34 AM
آخر رد: بسام الخوري
  عام على رحيل عبد الرحمن منيف غرامشي 2 2,373 05-18-2005, 12:12 AM
آخر رد: نزار عثمان
  عبد الرحمن منيف والعراق بسام الخوري 1 2,183 05-12-2005, 04:16 PM
آخر رد: بسام الخوري
  سنة علي رحيل عبد الرحمن منيف: أين هو التاريخ؟ لا أري إلا ركاما من الأكاذيب والافتراءات! بسام الخوري 3 2,696 02-23-2005, 01:22 AM
آخر رد: بسام الخوري
  أزمة الحضارة العربية في أدب عبد الرحمن منيف Jupiter 4 3,267 01-06-2005, 03:02 PM
آخر رد: منى كريم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS