Array
اولاً قرائي اصلاً شعرو بالغثاء من هذا الموضوع ! ولم يبتسو ابتسامات ملونة بل صفقو ايديهم ونفضو ثيابهم وهم يرددون الخبيثات للخبيثين !
ثانياً قل لي اين اخطأت؟ انت الان امام رجل مسؤول عن خطف طائرات ومسؤول عن عمليات تفجير ومسؤول عن اغتيالات حتى بحق الفلسطينيين انفسهم. هل هو غاندي مثلاً؟
ثالثاً هو رجل يتبنى فكر فاشي ولو ظفر بي او بقومي لقتلهم ومزقهم تمزيقاً ! فلماذا احب من لايريد الخير لي؟
رابعاً اتعجب ماهي الشروط او الميزان الذي تضعونه لقياس صلاح الرجل من طلاحه؟ هل هي مجرد انه شكل حزب وقام بعمليتين او ثلاث ضد اسرائيل او امريكا وبعدها غفر الله له ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ هذا هو المقياس؟

انا مقياسي لصلاح الانسان ليس مدى شهرته وليس مدى الاجتماعات الحزبية التي يحضرها او عدد القنواة الفضائية التي تستضيفه او مقدار من يتبنى ان يذهب ضحية لنعاله او بسطاله او لحيته المقدسة !

انا عندي مقياس اخر مختلف، والرجل هذا اخل باحد شروطي لصلاح الانسان وهو حينما جعل الخطف والقتل والتفجير نضالاً من اجل الحرية ومن غير المعقول ان اصفق لرجل قاتل فقط لان الجمهور يحبه... انا لست كاتب شعبوي اطلب تصفيق الجمهور وهوساتهم فهذا شأن غيري، انا افضح الحقيقة واقول للاعور انت اعور ولايهمني بعد هذا رأي الناس لانهم سيستيقظون حتماً مهما طال التاريخ وعندها سيرون مقدار ما اخطاؤا بتعظيم الظالمين والقاتلين والمجرمين عليهم لعنة الانسانية الى ابد الابدين.
[/quote]

يا عيني عليك على هيك قسطاس ومعيار وميزان !!!

لو أخذنا بمقياسك هذا يا صاحبي فإن عدد الأشخاص "غير المجرمين" – في تاريخ البشرية - عندك، سوف يعد على أصابع يد واحدة وبالكاد. يعني، لربما استثنينا من "لائحتك السوداء" هذه غاندي وبوذا والمسيح وبضعة نساك آخرين ليس لهم "لا في الثور ولا في الطحين".
مقياسك هذا لن يسمح للانكليزي أن يفتخر بالملك آرثر ولا بـ"لانسلو" ولا "بروبن هود" ولا "بريتشارد قلب الأسد" ولا "بكرومويل" ولا "بإليزابيث الأولى" ولا "بنلسن" ولا "بمارلبورو" و"لا بفيكتوريا" ولا "بمونتجومري" ولا حتى بوينستون تشرتشل. بل عليه أن يعتبرهم من المجرمين العتيدين.
هذا الكلام ينطبق أيضاً على "جورج واشنطن" وصحبه من "بنيامين فرانكلين" حتى "توماس جفرسون" بل و"أبراهام لينكولن" في الولايات المتحدة (ولن نتحدث طبعاً عن هاري ترومان وقنابله النووية على اليابان ولا عن جورج بوش الأب والإبن).
نفس الكلام بالضرورة ينطبق في فرنسا على "كلوفيس" و"شارلمان" و"القديس لويس" و"جان دارك" و"جميع عائلات الفالوا والبوربون" مثلما ينطبق بعدهم على قواد الحروب ومعارك التحرير على السواء، من "نابليون بونابرت" حتى "شارل ديغول" بل وحتى "فرانسوا ميتيران" بإسهاماته في حروب "الهند الصينية" حتى حرب الخليج الأولى ضد العراق.

لو اعتمدنا مقياسك يا صاحبي لأصبح جميع أبطال الشعوب المختلفة قاتلين ومجرمين وسفاحين. بل لعل "ابراهيم" و"موسى" و"محمد" سوف يتبوؤن مقاعد "محترمة" في الدرك الأسفل من النار.

عندما نصل إلى هذه النتيجة، فإننا أمام دربين مختلفتين: إما أن يكون "مقياسك فاسد" أو أن "البشرية فاسدة" جميعها ومقياسك صحيح. وهذا يجبرك، على الحالين، أن تغير طريقتك في القياس، وأن تزن الناس عبر ميزان آخر، كي لا تقف في آخر الدرب محتفلاً بنجاح العملية مع أن كل مريض أجراها مات تحت مبضع الجراح.

-----------

شوف يا صاحبي، مع "الدكتور جورج حبش" أنت مع إنسان سلبه "الصهاينة" بيته وبلده وذكرياته وماضيه ومستقبله. فعاش كل حياته وهو يحاول أن يسترد حقوقه وحقوق شعبه ويحرر بلده. أنت مع إنسان أبيّ لا يقبل الضيم ولا يريد أن يعيش عمره ذليلاً ولا يقبل لشعبه أن يعيش حتى أبد الآبدين غريباً مشرداً لاجئاً. لذلك، فإنه رفض ما حصل سنة 1948 وقام يقول "لا". هذه "اللا" كلفته غالياً في شرق أنظمته ديكتاتورية و"خصمه" (إسرائيل) مخلب للاستعمار تدعمه معظم دول العالم. حتى الاتحاد السوفياتي نفسه كان في ذلك الوقت أسرع من "الولايات المتحدة" في الاعتراف بالكيان الصهيوني. فهل تريد من الرجل أن يكون "قديساً"؟ وهل يستطيع أصلاً أن يكون "غاندي"؟ "فغاندي" نفسه لو عاش هذا الواقع الذي عاشه الشعب الفلسطيني لما استطاع أن يحرر شبراً واحداً من الهند.

"الدكتور جورج حبش" ليس قديساً، وفلسطين حتى اليوم لم تكن بحاجة إلى "قديسين"، بل إلى "رجال أشداء" يشعرون مع أبناء شعبهم النازحين اللاجئين و يعرفون في نفس الوقت كيف يتجمعون ويتنظمون ويبدؤون مشوار استعادة الحقوق.
منذ أن تخرج "الحكيم" من جامعة بيروت العربية وهدفه واضح وسلوكه نظيف شريف. فالرجل قد سأل نفسه عن هويته، وأجاب بأنه "عربي فلسطيني". وبدأ المسيرة مع لفيف من الشباب العربي والفلسطيني من أجل استعادة التراب الوطني العربي الفلسطيني. مع هذا فلم يطغى "هدف الحكيم" على "وسائل التحرير" ولم يغيبها تماماً. "فالكفاح المسلح" كان ضرورة في مرحلة كانت فيها "غولدا مئير" تهز وركيها وتعلك كلمات عبرية تغلب عليها الروسية وتتسائل: أين هو الشعب الفلسطيني؟
ولكن، كيف يكون "الكفاح المسلح" بعد "1967" (انطلاقة الجبهة الشعبية) التي هزمت فيها اسرائيل الانظمة العربية بل والأيديولوجية الناصرية؟ وماذا تستطيع منظمات فدائية لا تملك إلا بعض البنادق خارج الحدود أن تفعل مع دولة بقوة اسرائيل؟ وما العمل مع "الغرب" الحقير الذي مكّن للصهاينة في بلادنا، واستمر يمدهم بالمال والعتاد والدعاية وتجاهل أبسط الحقوق القومية للشعب العربي الفلسطيني، بل وعمل شيئاً فشيئاً على سقوط اسم فلسطين من ذاكرة الناس في الغرب والشرق؟
هنا كان رد المنظمات الفلسطينية، وعلى رأسها "فتح" و"الجبهة الشعبية" من خلال مسارين: عمليات في داخل فلسطين (سنة 1968 وحدها شهدت أكثر من 3000 عملية) وعمليات في الخارج. فمن يغتصب أرضك ويشرد أهلك ويصادر وطنك، ومن يقف خلفه يمده ويسانده ويعاضده على قمعك وتكريس احتلاله، لا يمكن مجابهتهم بالكلمة الحلوة والطلب المتأدب والصوت الدافيء، بل بالقنبلة والمدفع الرشاش (والطلق اللي ما يصيب ... يدوش).
انطلق الكفاح المسلح ، وإن كان "خطف الطائرات" قد أودى بحياة بعض الاشخاص هنا وهناك، فإن قضية فلسطين أصبحت "قضية شعب" بعد أن كانت "قضية لاجئين" (شاهدنا تجسيداً حياً لهذا التغيير في دعوة عرفات إلى الأمم المتحدة 1974). هنا، بعد أن قلنا للعالم عن طريق "غير شرعي وحيد" لم نستطع تلافيه أن شعب فلسطين موجود، وبعد أن أفهمناه أن ظلمنا وتشريدنا لن يكون في صالح أحد، وبعد أن عرفت الدول الغربية أن الوقوف مع المحتل الغاصب ضد الفلسطيني المهجر وقتله والتنكيل به يجعل الفلسطيني يرد بجميع الطرق المتاحة وبما لا تحبه كثيراًَ هذه الدول. هنا، قرر "الحكيم" ان يوقف "خطف الطائرات"، وعندما لم يوافق معه "رفيق دربه الدكتور وديع حداد" على هذا الإجراء، فإن "الجبهة الشعبية" بقيادة "الحكيم" فصلت "وديع حداد" من عضويتها.
لم يكن "الحكيم" يوماً قاتلاً أو مجرماً (فهو دكتور أطفال أساساً) بل مناضلاً شديد البأس له هدف سام محدد. والطائرات الأربع التي خطفت في الزرقاء في "أيلول الأسود"(1971) تم تفجيرها بعد أن أخليت من ركابها الذين نزلوا في أفضل فنادق عمان. فلقد كان "الحكيم" يريد أن يوفر كل قطرة دم في جميع مراحل حياته. فهو يعلم بأن الهدف الذي ترخص الأرواح عنده هو فلسطين، ولكن بأقل قدر من الدماء إذا أمكن (فأنت لا تستطيع أن تصنع "عجة" من بيض سالم). على هذا الأساس لم يشارك الحكيم في حمامات الدم بين الفصائل الفلسطينية. وعندما دكّت القوات السورية معاقل منظمة التحرير في البداوي ونهر البارد، وقفت الجبهة الشعبية على الحياد.

أخيراً، أنت يا سندي، أمام اسم "جورج حبش" ونقائه الثوري وصرامته المناقبية، ترافع في "قضية خاسرة". فالرجل أكبر بكثير من كلمات السخرية التي أطلقتها بحقه، فكفه لم تعرف الفساد وساعده اعتاد على النضال وهو من بين القادة العرب القلائل الذين لم يتشبثوا بمنصبهم وسلم القيادة لرفاقه في الدرب.

واسلم لي
العلماني