من المؤسف اننا نسعى دائما الى تحويل الشخصيات الى ايقونات ترفع وتعبد. بالتأكيد كان جورج حبش مناضلا من اجل افكاره حسب قناعاته وفي سبيل رؤيته الخاصة للوصول الى حل لمشكلة وطنه، ولكن ذلك لايجعل منه ايقونة او مناضلا بدون اخطاء او افضل المناضلين.
في الصراع الطويل لاشك ان هناك الكثيرين من الذين ضحوا بصمت، وضحوا بكل مايملكونه، وبرأيي مثل هذه الاشخاص اقرب للايقونة من جورج حبش وبقية القادة بكثير، فقد كانت اكثر صفاء واقل مسؤولية عن الفشل.

ان القادة التاريخيين مثل جورج حبش ونايف حواتمة وياسر عرفات، هم ابناء عصرهم، وقد ارتكبوا الكثير من الاخطاء في طريق نضوجهم الفكري والنوعي، وتحويلهم الى ايقونات يلقي الستار على البصيرة لرؤيتهم على ضوء انسانيتهم.

جورج حبش، مثله مثل العديد من القادة العرب، مسؤول عن اخطاء تاريخية وقصيرة النظر، مع انه ايضا قائد حاول قيادة شعبه في الدفاع عن مصالحه حسب رؤيته. وبالرغم التقدير الكبير له الا ان ذلك لايجوز ان يعمينا عن رؤية ماارتكبه من اخطاء.

رفض العرب قرار الامم المتحدة الاول لتقسيم فلسطين، كان فيه الجزء الاكبر من فلسطين للفسلطنيين، ورفض العرب قرار الامم المتحدة الثاني، ورفعت المتظمات الفلسطينية شعار لا للتقسيم، وماأخذ بالقوة لايستعاد الا بالقوة، والكفاح المسلح، وتخوين من يقول بالحل عن طريق المفاوضات وقبول التقسيم.. وانتهت هذه المنظمات بقبول بقبول اقل من اقل من اقل ماكانت ترفضه في السابق بعد ان خاضت حروبا شعواء بين بعضها البعض، ودمرت البنية التحتية لبلدين عربيين عل الاقل.

ان ضرورة تحية جورج حبش في رحلته الاخيرة ليست مبرر على الاطلاق لتحفيز عبادة الشخصية ورفع صنم جديد الى صف اصنامنا الاحياء والاموات على السواء، ولااعتقد ان دراسة تاريخية هادئة ستبقي لقب " الحكيم" في حوزته، ولكن ذلك لايجب ان يقلل من احترامنا له ولجميع ابناء شعبنا.