الزملاء المحترمون ..
حتى يوليو 2001 عندما تابعت المظاهرات ضد إجتماع مجموعة الثمانية G8 في جنوه لم أكن أعرف الكثير عن مخاطر رأسمالية العولمة أو الإحتجاجات العالمية في مواجهتها ، و قد استغرق الأمر أكثر من عام حتى بدأت أكتشف الوجه القبيح للنظام العالمي القائم على رأسمالية السوق الحرة ، و عن السيطرة الصامتة للشركات الكبرى على العالم المعاصر ، و كانت البداية خلال قراءة سريعة لكتاب نورمان هيرتز المثير عن السيطرة الصامتة أو الرأسمالية العالمية و موت الديمقراطية .The Silent Takeover, or Global Capitalism And The Death Of Democracy ، و الكاتبة ناشطة بريطانية ضد العولمة ، ذلك الكتاب و مجموعة أخرى من الكتب المشابهة مثل كتاب فهم الإقصاء الإجتماعي Understanding Social Exclusion لمجموعة من الكتاب الإنجليز و الأمريكيين من تحرير جون هيلز و آخرون وهم من تلاميذ عالم الإجتماع البريطاني الشهير أنتوني جيدنز ،و لكني لا أعادل شيئا بكتاب رائع مترجم عن الألمانية هو ( فخ العولمة ) ، و أهم ما تطرحه تلك الكتب بل الصيحات الإنسانية هي أن العولمة ترسم لنا صورة المستقبل كنسخة من ماضي الرأسمالية السحيق (1750-1850 ) تقتلع كل ما حققته الطبقة الوسطى و العاملة من مكتسبات ، وإذا سارت الأمور وفقا لمساراتها الحالية ، فسيكون هناك 20 % فقط من السكان في نهاية القرن 21 الذين يمكنهم العمل و العيش في رغد و سلام بينما سيصبح 80% من السكان فائضين على الحاجة و لا يمكنهم العيش سوى من خلال الإحسان و التبرعات و أعمال الخير .
إن هذا الشريط هو محاولة لقراءة العالم الذي نعيش فيه ،و كيف أننا أصبحنا جميعا تحت سيطرة الشركات الكبرى ، ولن تحمينا من سيطرتها حتى الدخول العالية للبعض .. إن موضوعي هو كيف زحفت السيطرة الصامتة علينا ، ولماذا هو أمر مقلق يدعونا إلى الخوف و التوجس .. أقول أننا نحن المواطنون البسطاء جميعا سواء من يعيشون في مجتمعات غنية أو نامية نقف في مفترق طرق ، و علينا أن نتكاتف لحبس الوحش الذي ساهمنا جميعا في إطلاقه .. أقول أن التباين الهائل في حظوظ البشر ليس سيئا للفقراء فقط بل هو كذلك للأغنياء أيضا .. أريد أن أقول أن تآكل الديمقراطية و السياسة خطر على الجميع بصرف النظر عن المعتقدات السياسية .
أقول أننا نعيش في عالم غير ديمقراطي و غير سعيد ، عالم يتفرغ فيه الرئيس الأمريكي لخدمة الشركات الكبرى ،و يمتلك روبرت مردوخ نفوذا يفوق رئيس وزراء بريطانيا ، و يشكو فيه أوسكار لافونتين وزير مالية ألمانيا من قلة حيلته في مواجهة الشركات الكبرى العاملة في بلاده مطلقا صرخته الموجعة وهو يغادر وظيفته :" لم يعرض القلب للبيع في سوق الأسهم بعد "، في هذا العالم سيكون هدف كل منا أن يفقر جاره حتى لا يفقره نفس الجار ، فهل هذا ما نريده حقا ؟.
إن تجاهل سلبيات العصر الرأسمالي لن تجعلها تختفي ، و إضعاف قدرة الحكومات على تقديم الدعم و الخدمات للمواطنين لن يجعل المجتمع إنسانيا بل سينشر الجريمة و التعصب و المخدرات .
ببساطة أقول في هذا الشريط أن التردد في نقد الأسلوب الأنجلو أمريكي في رأسمالية السوق الحرة ليس مما يقبله الضمير، لأن هذا أسلوب غير عادل يحابي الأغنياء على حساب الفقراء ، و الدول الغنية على حساب الدول الفقيرة . إن التنمية هدف حيوي و لكن لا يقل عنها حيوية هو أن نسأل :" التنمية لمن ؟" ، و هل أصبح السعي وراء النمو الإقتصادي هدفا وحيدا مهما كان الثمن المدفوع فيه ؟، و أين يجب أن تقع أولوياتنا الحقيقية ، و إلى إلى مدى سنكون مستعدين للجرى خلف بعض النقاط الإضافية في مقياس التنمية الإقتصادية على حساب حياة البعض من البشر ؟. و لكن موقفي و موقف الاخرين الناقد هذا هو مجرد موقف ظواهري ، أي يكتفي بوصف الظلم والتحريض ضده ،و لكنه لا يصف حلا و تلك هي محنتنا جميعا ، إننا في حاجة إلى طريق ثالث ، البشرية بكل معذبيها و منتهَكيها في حاجة لهذا الطريق ،و لكن هناك قليلون يحفلون بالبحث عنه ، فأفضل العقول تقبع هناك في المركز .. تنعم بهذا الظلم و تسوغه .

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	المأساة القبطية الحديثة	قطقط	2	1,040	10-25-2009, 03:08 AM آخر رد: يجعله عامر
	إنعاش العقل الإسلامي بحقن المحاليل الحديثة في شرايينه	arfan	10	1,752	05-08-2007, 02:21 PM آخر رد: مالك
	دعوة لاستماع محاضرات د.عبد الكريم بكار .........الذي له فضل كبير في الصياغة الحديثة للعقل المسلم .	داعية السلام مع الله	9	2,363	09-20-2006, 06:24 PM آخر رد: داعية السلام مع الله
	القتل لمن يترك الصلاة ...في الصومال الحديثة !!!	نسمه عطرة	11	1,818	07-09-2006, 11:53 AM آخر رد: نسمه عطرة
	فساد آل الحاكم "مافيا سوريا الحديثة"	أمجد	3	1,672	03-16-2006, 06:31 AM آخر رد: EBLA