شخصياً ، لستُ أخشى التصريح والجهر بإلحادي وإنكاري للأديان ومقاومتها بكل ما أوتيت من قوة في وسط المجتمع الذي أعيشه رغم ما قد يجره علي ذلك من اضطهاد و تعذيب أو سجن أو قتل. فلو حصل ذلك لاعتبرت نفسي شهيداً لأفكاري وقناعاتي وللحرية الإنسانية في التعبير عنها كيفما تريـد.
ما يمنعني من التصريح بمعتقدي الإلحادي في وسط أهلي أولاً هو دافع إنـســانــي بحت. لا أستطيع تصور كم من الحزن والغم والهم والحسرة والتحسر الذي سأجلبه لقلب والدتي العزيزة لو أعلمتها بشأن تركي للصلاة فما بالك بالدين والمعتقد بالكلية. بالرغم من أني أملك مايكفي من الشجاعة لمواجهة هذا الأمر والدفاع عما أعتقده لكني أتحاشى رد جميلها العظيم بجلب أمثال هذه الهموم والأحزان عليها وما يفسره مجتمعنا كعار وانحراف فكري أخلاقي ناشئ من خلل في التربية الدينية.
أنا لا أعتقد أن الإلـحـاد أو اللادينية يصلح أن يتم الدعوة إليه عن طريق ممارسة "التبشيـر" العلني به في وسط مجتمعاتنا العربية خصوصاً شديدة الإنغلاق والتعصب منها. وذلك لأن التخلي عن موروث الدين المتجذر في عقل وشخصية المتدين يتطلب وصولـه إلى مرحلة معينة من الوعي والثقافة واتساع الأفق لمحاولة فهم ما يقوله الآخر. وإذا لم يكن لدى الفرد أقل قدر من الحماسة والفضول والشك لتصفح مواقع اللادينية والإلحاد على الشبكة وتدارس الأمر وتباحثه مع ذاته ليعمل بذلك على تطوير وعيه وفهمه لما يقوله الآخر فلن يفيد برأيي مخاطبته بغرض تبشيره بهذا الفكر وجها لوجه وهو غير مؤهل لذلك.
بالطبع كنت مواظباً على الصلاة جماعة في المسجد في الأيام الخوالي. وتوقفت عن أدائها بعدما ذقت حلاوة الكفر بالدين والتفكير الحـر كإنسان لا منتمي إلا للإنسانية (إن الدين عند اللـه الإنسان). عندما كنتُ اُسائل لماذا لم أعد مواظباً على الصلاة جماعة كما كنت سابقاً .. أجيبُ كاذباً: بأني قد توصلت لقناعة ذاتية بأن الصلاة علاقة شديدة الخصوصية بين العبد وربه وليس لأحد أن يطلع عليها وأنا إنما أقوم بتأديتها في أوقاتها لوحدي بدون أن يراني مخلوق وذلك حتى أتجنب أي مدخل محتمل للرياء.
Arrayلا داعي من الأساس أن تشعر وكأن هناك خصومة بينك وبين المجتمع أو بينك وبين الدين. أخذت موقف عقلاني من الدين فهذا موقف يخصك وربما هو موقف ينم عن أنك وصلت لمرحلة عقلية لا يقدر أن يستوعبها غيرك ولا يجب أن تظلم الناس بل ترأف بهم فالدين كثيراً ما يكون سلوان للبعض منا. اللادينية ليست صورة أخرى من صور الدين حتى تتعاطى معها وكأنها خصم الإسلام بل كل ما في الأمر أنك ارتقيت عقلانياً ووصلت لهذا المستوى. ماذنب غيرك ممن هم متقزمون؟ أيصبح القزم عملاق بأمر كن فيكون؟ لا يحدث..[/quote]
عزيزي إبراهيم ، تحية شكر وتقدير لك على تعبيرك الجميل هنـا والذي أعتقد بمثله..
عادة ما يكون الموقف الأولي للمرتد هو العداء والنقمة والسخط على مجتمعه والناس المتعصبين من حوله. أنا أعتقد أن هذا قدرهم المكتوب عليهم كما هي اللغة والعرق. هم وُلدوا ووجدوا أنفسهم طوعاً مُساقين لهذا الدين ولو نشأ نفس هؤلاء في مجتمع مـلحد بالكامل لوجدتهم ملحدين معادين لدينهم الحالي. أوافقك تماما بأن التخلي عن دينهم يتطلب مرحلة عقلية وارتقاءاً فكرياً ولما يصلوا إليه بعد.
تحياتي للجميع (f)
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 02-20-2008, 08:26 AM بواسطة read.)