قصص واقعية فقد حدثت معي فالوالد رحمه الله باع بيته عام 1965 واشترى بيت غير مكس فاضطررنا لاستئجار بيت في احدى قرى الغوطة ( عين الخضراء ) لمدة أشهر ريثما نكسي البيت الجديد وكانت من أجمل أيام حياتي حيث كان بردى متدفق نظيف والغوطة مليئة بالاشجار المثمرة وسكان سوريا كانو أقل من 5 ملايين ...كذلك ذكرتني بالبنطلون القصير ولعب الدحل والتسكع بالبساتين قرب كلية الزراعة حاليا ...

my answer for this story
i was like this child
الشامي ... بقلم : sad syrian مساهمات القراء


اشجار التفاح ترنحت حاملة ثمار ناضجة

وعرائش العنب ضحكت مدلية عناقيد شهية

وبعض غيوم ارتسمت في سماء زرقاء

ونسائم باردة عادت تهب في المساء



أيلول عاد مبشرا بعام دراسي جديد

قبل خمس سنين استقروا في واحة صحراوية

خمس سنين من الحرية والشمس

صحيح أنهم كانوا في الصحراء .. لكن البيوت كانت على الطراز الإنكليزي

والحي كان مجهزا بكل شيء

ملاعب .. مسبح .. مدارس ممتازة

أما التسوق فكان في ( الكانتين ) ذلك المتجر الذي ندر مثيله في البلاد

عمل أبيه فرض عليه التنقل

خمس سنين في الصحراء

والآن سيرحل إلى المدينة

كان ابوه يملك بيتا على الهيكل في أحد الأحياء الجديدة في العاصمة

لكن دخله المحدود أجبره على إكسائه على مدى سنوات

و الآن عليهم الانتقال ولما ينتهي تجهيز المنزل

"سنجلس في الضيعة مع أهلي ريثما نكمل إكساء البيت" قالها أبوه مقترحا حلا للمشكلة

" و ماذا عن مدارس الأولاد ؟؟ " سؤال طرحته الأم بقلق

" وأين المشكلة ؟؟ في ضيعتنا مدارس " جاوبها الأب بهدوء

" ماذا.؟؟ تريدني أن أضع اولادي في المدرسة مع أولاد الفلاحين...؟؟ " سؤال طرحته الأم مثيرة غضب الأب

" ما بك يا امرأة ؟... أنسيت أنني فلاح ابن فلاح ..أم أن ثيابي وعملي أنسوك أصلي..؟ " قالها الأب معاتبا

" لا..أرجوك لا تفهمني غلط .. ما قصدته أن مستوى مدارس الريف ليس كما نتمنى " قالتها مبررة كلاما ندمت عليه

" ليست مشكلة .. هي شهور ستمر سريعا .. و معا سنساعد أولادنا على الحفاظ على مستوى دراستهم " حل طمأن الأم بنت المدينة ..

أيام قليلة قبل بدء الدراسة

أفردت لهم الجدة غرفة واسعة

لم يألفوا النوم جميعا في غرفة واحدة

كان إخوته صغارا ولا مشكلة في نومهم مع الأهل .. أما هو فقرر النوم مع عمته تلك التي لا تبخل عليه بالقصص المثيرة والمفاجآت الغريبة تخرجها له من درج قديم .!

لم تخف الجدة سعادتها بمشكلة ابنها

" أرجو أن يطول إكساء بيته " قالتها الجدة في نفسها متمنية بقاء ابنها في بيتها بعد سنوات من البعاد

كان على الأم أن تتأقلم مع بيت ريفي لم تألف طقوسه وصعوباته

أما للأولاد فقد كانت إقامتهم هنا هدية من السماء

وهذا وقت العنب والتين والخرما

في مزرعة الجد .. تجد كل شيء

أشجار من كل الأصناف

وحيوانات صغيرة وكبيرة

دجاج وأرانب وحمام وخروفين

وغرفتان طينيتان !

الأولى ضمت التنور وبعض أدوات الزراعة

والثانية مجلس عربي وبعض الفرش واللحف

هنا يقيم الجد طوال الصيف وحتى أول مطرة

أما الجدة فتأتي كل أسبوع لتخبز خبزا مشروحا يكفيهم حتى الخميس القادم

كل شيء بدا رائعا في نظر الصغار

أما الأم فعانت من سرعة اتساخ ثيابهم وأيديهم

" ماذا .. ستنسون النظافة في هذه الضيعة " قالتها غاضبة وقد جاءها كبيرها بثياب معفرة وأيد ملوثة

" صبرا يا امرأة .. هنا ليس كما المدينة " قالها الأب مخففا من حدة زوجة عصبية

" أه ..متى سينتهي بيتنا " قالتها وأسرعت بابنها إلى الحمام

وبدأت المدرسة

كان اليوم الأول ..صعبا !؟

ثيابه التي لم يلبس مثلها أقرانه كانت مشكلة

البنطال القصير أثار ضحكا وسخرية من الجميع

وقميصه الأبيض صار هدفا لبعض الأقلام الملونة

لم يستغرق المدرس وقتا طويلا ليكتشف تفوق هذا الطالب الجديد .. فمنحه الكثير من الاهتمام

هذا الاهتمام المبالغ به أثار حفيظة باقي الطلاب .. فقرروا صب غضبهم على ابن المدينة

بعد الدوام انتظروه خارجا

كان عليه أن يتعرف على طعم الاستفزاز وبعض العصي

"ماذا حصل معك ؟؟"قالتها أم خائفة وهي تستقبل ولدا بثياب متسخة ممزقة ووجه محمر موشح بالعرق المسود

" لا شيء .. كنت ألعب مع الاولاد " إجابة فرضتها كرامته المجروحة

" تكلم الصدق الآن أو ستتكلمه لاحقا أمام أبيك " تهديد لم يقنعه بالاعتراف ؟!

" حسن .. كما تريد ... ابوك سيأتي بعد ساعة .. وسنرى ستتكلم أم لا " بهذه العبارة أنهت حديثها وساقته أمامها إلى الحمام مع بعض الشتائم للضيعة وعيشة الضيعة.

" ما الذي حصل .. تكلم لا تخف ؟؟ " قالها أبوه بهدوء

" لا شيء " جواب مختصر

" كما تريد .. لا شيء .. لا شيء ... لكن تذكر انك غدا ستذهب إلى المدرسة .. و لو كان هناك مشكلة فالأفضل أن نحلها الآن " كلمات من أبيه أقنعته

" الأولاد ضربوني " قالها مطأطأ رأسه

" ولم ضربوك ؟؟ " تابع الأب استجوابه

" لا أعلم " قالها وحك رأسه بيده اليمنى

" هكذا ضربوك..دون سبب !!؟؟ " قالها الاب مشككا

"عيروني فشتمتهم " بداية اعتراف

" وبم عيروك ؟؟" قالها الاب مخفيا ضحكة ألحت عليه

" قالوا لي ... شامي وضحكوا علي " قالها غاضبا

" وأين المشكلة ؟؟؟ ألست شامي ؟" سؤال فاجأه

" لا .. لست شامي .. أمي شامية .. أما أنا فمن هنا " قالها بعصبية

" أحسنت يا بني .. من أنكر أصله .. لا أصل له " وأضاف :

" لكن الناس كلهم خير و بركة " قالها الأب بحزم وهدوء وأضاف:

"وكيف تسمح لهم أن يضربوك ؟ " سؤال أحرجه

" كانوا كثيرين " جواب برر عجزه

" لا مشكلة .. سنرى ماذا سنفعل غدا " كلام طمأنه

" امسك هذا العصا .. ومن يقترب منك ستلقنه درسا " قالها الجد بعبوس

كان رجلا معروفا في الضيعة ويحترمه الجميع

سار مع حفيده موصلا إياه إلى المدرسة

كلمات قليلة مع المدرس .. وانصرف الجد

في ذلك اليوم..عنف المدرس التلاميذ وهددهم

" من سيتعرض للشامي سينال عقابا شديدا !!!" قالها متوعدا

شيئا فشيئا كسر الجليد مع الأولاد الغاضبين

" ما رأيك أن نذهب إلى النهر .. نسبح و نصيد سمكا " اقتراح أجج حماسته ألقاه عليه ولد شقي

" سأسأل أمي " قالها بتردد

" وهل أنت ولد صغير لتسأل أمك " جاوبه ولد ضخم

" يجب أن أسألها .. ربما غضبت " برر إصراره على استشارتها

" لا تخف .. هيا بنا .. سنذهب الآن " كلام دار في رأسه ... قرر تناسي أمه و غضبها .. خلع صدريته المدرسية .. ربطها على خصره كما فعل الأولاد .. و تسابقوا بين الحقول..!

على دروب ترابية ساروا تظللهم أشجار الجوز التي بدأت بخلع معطفها

وصلوا إلى النهر المتهادي

كانوا يشعرون بحر شديد رغم اعتدال الجو

خلعوا ثيابهم كاشفين عن سراويل داخلية بيضاء .. و بعضها ملون !

وقفزوا في النهر

لعبوا كثيرا حتى بدأوا يشعرون بالبرد مع ميل الشمس بعد العصر

جلسوا على الضفة ينشفون أنفسهم و يتسامرون

" لقد تأخرنا .. يجب أن نعود " قالها قلقا

" هذه المرة أنا سأضربك وليس رفاقك " قالها الجد غاضبا حاملا عصا رفيعة

على إليته الباردة تحمل الكثير من اللسعات من جد قلق

" هيا إلى الحمام "قالتها عمته مخلصة إياه من عقاب أليم

و تكررت اللساعت على إليته كل يومين

لم يستطع مقاومة إغراء مرافقة الأولاد

صاروا أصدقاء ... ليس كأصدقاء المدرسة السابقة

هؤلاء الأصدقاء لديهم شيء جديد كل يوم

يوم غزو على دالية أبو عصام

ويوم تسلق التلة القريبة

وآخر صيد للعصافير بالمقلاع الصغير

مشاريع كثيرة قدمها له أولاد أحبوه وأحبهم

أما هو فلم يحرمهم من المشاركة بألوانه ومساعدتهم في الامتحانات هامسا مغافلا المعلم

قرر الجد والأم قبول واقع لن يدوم طويلا

" يبدو أن الولد تمسح " قالتها الأم مستغربة من عجز العصا عن ردع مشاريع صغيرها

مع العطلة النصفية .. كان عليه أن يودع أصدقاءه

وكلما زار الضيعة في العطلات صار يسرع إليهم يتفقدهم

كبر و قلت زياراته للضيعة

على باب شؤون الطلاب في الجامعة التقى بعضهم

هذه المرة هم في مدينته

سجل اثنان منهم في الكلية نفسها معه

عادت إليهم الذكريات...

وعادوا ليتبادلوا تجارب مدينته .. وهناء ضيعتهم