في كتاب الجواب الصحيح لابن تيمية يغلب عليه الدليل العقلي البحث ، واستخدام دليل المخالف لإثبات ما ينفيه المخالف ، بمعنى أنه يستخدم نفس الأدلة التي يثبت بها المخالف دعاويه ، هذا في عموم في الكتاب وإن كان هناك أنواعاً من الأدلة العقلية الصرفة الظاهرة في خطاب ابن تيمية للنصارى غير المنهج السابق .
ما ذكر الزميل من اعتماد ابن تيمية على ما ذكره ابن البطريق غير صحيح ، وما ذكره عن ابن البطريق إنما يمثل الجانب التاريخي وهو استخدام دليل الإلزام ، ولا يلزم من دليل الإلزام الإيمان بمحتوى الدليل كما هو معروف ، مع أن الجانب الجوهري في الكتاب ليس اعتماداً على كتاب ابن البطريق إطلاقاً ، والمطلع على الكتاب يجد هذا واضحاً . ولذلك على افتراض خطأ ابن البطريق ـ على فرض وجوده ـ لا يلزم ابن تيمية بل قد يصب في صالحة .
وموضوع الكلام على أمانه بن تيمية في النقل عن ابن البطريق هنا غير سائغة لأن الأصل هنا الأمانة العلمية وخصوصاً في عالم له وزنه مثل ابن تيمية غير محتاج للتزوير ، وعلى فرض خطأ ابن تيمية في النقل عن ابن البطريق فهي قضايا غير جوهرية وإنما تاريخية بحتة ليست قضايا عقدية عقلية لا تؤثر في الكتاب ، ولكن الأصل ألا نخوّن كاتباً إلا إذا ثبت بالدليل القطعي خيانته وهذا منهج علمي ينبغي احترامه .
في موضوع التحريف لم ينكر ابن تيمية تحريف اللفظ ولكن ذكر أن غالب التحريف إنما هو تحريف تأويل ، وموضع ازدواجية ابن تيمية بين معاصرين من النصارى وغيرهم هو أدعاء لا يُقبل إلا بإثبات علمي ، وإلا فيستطيع أن يقوّل الإنسان كل أحد ما لم يقله لكن المنهج العلمي هو يخضع له الجميع بالإذعان .
أما طريقة ابن تيمية الحوارية فهي متنوعة لا نستطيع أن نختزلها بما ذُكر ، لكن من أهمها طريقته في كتاب الجواب الصحيح هو استخدام الأدلة التي يستخدمها المخالف في إثبات ما ينفيه المخالف ، بمعنى أنه أثبت نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بنفي الأدلة التي أثبت النصارى فيها بنوة الأنبياء مثل موسى وهارون وبقية أنبياء بني إسرائيل ورسل المسيح عليه السلام ، فإذا ثبت بدليل معين نبوة هؤلاء فإن نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم تثبت بنفس الدليل ، وإذا طعنا في الدليل فليزم منه الخطأ في استدلالنا في نبوة أنبياء بني إسرائيل . ومن الأدلة التي حاول استيعابها دليل المعجزات والبشارات وغيرها ، هذا في جانب الأدلة في موضوع النبوات تقريباً.
وفي موضوع الكتاب المقدس أيضاً توسع ابن تيمية في نقد أدلة النصارى على إثبات مصداقية الكتاب المقدس بالدليل العقلي وأنه لا يوجد دليل سالم من المعارضة .
أما في موضوع عقيدة التثليث فكان عرض ابن تيمية لها عرضاً جامعاً بين النص المسيحي والدليل العقلي .
هذا باختصار عن بعض كتاب ابن تيمية المذكور وإن كان فيه أكثر من ذلك كدلائل النبوة ورد المطاعن والبشارات وغيرها ولكن المقام ليس مقام التفصيل حيث أن عهدي بالكتاب قديم حيث قرأت الكتاب من زمان وليس عندي الوقت للرجوع إليه الآن . لكن الكتاب أعجبني في مجاله وحواراته الهادئة .
وبالنسبة للدراسات عن ابن تيمية فحسب علمي لم يؤلف دراسات في العلوم الشرعية عن شخصية مثل شخصية ابن تيمية في جميع النواحي ، هذا بالنسبة للكتب العامة أما في جانب الرسائل العليمة ( الماجستير والدكتوراه ) فأظنها استوعبت ابن تيمية في كثير من الجوانب العلمية ، والجامعات السعودية أكثر من قدم أطروحات أكاديمية في ابن تيمية بإمكانك الرجوع إلى قاعدة مركز الملك فيصل للرسائل الجامعية والبحث عن ابن تيمية هناك
http://www.kfcris.com/