صديقي "يجعله عامر":

هناك النص بشكله القديم والذي كثيراً ما يكون إفراز لمخيلة وثقافة الوعي الجماعي للجماعة التي أفرزته في القرن الأول الميلادي أو ما قبله أو في القرن السابع أو أي قرن من القرون الغابرة. نحن الآن في عام 2008. هناك فجوة. هناك اهتراء. هناك فجوة بين محمد بن عبد الله الذي ذبح يهود بني قريظة وبني النضير و....بين شعوب هذه الأيام التي تضع للفرد قدسيته ولا تختزله ضمن "ضماعة" وتضع مصلحة الجماعة و"دين أم الجماعة" فوق مصلحة الفرد. ما يكتبه أركون والشرفي وغيرهم هو خط نقدي أعرفه جيداً يا صديقي بحكم دراستي للاهوت وهو منهج ليس بغريب علي بالمرة وفيه تتم عملية ترقيع وتحديث لما هو ينفرض علينا كواقع ونرضخ له ونريد بشكل أو بآخر أن نتعايش معه. خذ مثلا التصوف الإسلامي. هل هو فعلا من روح الإسلام في شيء؟ الجواب هو قطعاً لا. لنكن صرحاء. ولكن تجد كل المؤسسات الليبرالية تعرض الإسلام من زاوية التصوف وطبعا الهدف مطلوب وهو بما أن الإسلام شئنا أم أبينا واقع ويتعايش معنا فلنسع وبشتى الطرق لتجميله حتى نعيش مع بعض كلنا "في تبات ونبات". لكن ما للتصوف والإسلام؟! التصوف شيء والإسلام شيء آخر تماماً. طه حسين تعرض لهذا الأمر بـ "ضربة معلم" في كتابه "في الأدب الجاهلي" وأصاب الهدف خير إصابة بشكل مقنع. التصوف مستورد من المسيحية والهندوسية والفارسية ولا شأن له بالمرة بروح الإسلام. ومع ذلك ندعم التصوف. لماذا؟ لأن الصلعة "في وشنا" وسنظل نبحلق عليها ونتحمل رؤية قبحها وبالتالي لابد من مخرج حتى نرى الجمال ولو بشكل أو بآخر؛ وعليه كان المخرج هو اختراع دخيل على الإسلام وإسمه "التصوف الإسلامي". ستجد المؤسسات الغربية الليبرالية تدعم مثل هذا الاتجاه لأن الهدف هو براغماتي (حيث الغاية تبرر الوسيلة) وليس استنطاق النص وجعله يتحدث عن نفسه. قل لي بحق من تحب.. ما دخل المناهج الباطنية في قراءة القرآن؟ ومع ذلك تجد هذه المدارس الباطنية الإسوتيرية الإسلامية تحتل الصدارة وأنا سعيد لكل هذا وأدعمه لأني أريد لأخي العربي المسلم أن يكون إنسان حضاري. ولكن لاحظ أن الفرض هنا في القراءة هو فرض بعدي ويسعى لرؤية ما تؤول إليه الأمور لا ما تعلنه الأمور من قراءة بسيطة سلسة للنص من أول مرة.

أعدك أن أعمل ما بطاقتي وفي وسعي لتوفير الكتاب الذي طلبت. هذه الأيام عندي متاعب في المعدة وبدأت بفيروس ضربني في منطقة الحلق والرشح أثر على المعدة وحالياً معلول بعض الشيء في هذه الناحية. لكني أعدك أن أعمل ما أستطيع.