الكلام ده مش معقول لأنه ضد العقل ..

هذا المنطق هو لسان الحال الإنسان الخرافي ..
" مادام العقل ممكن يغلط و معارفنا قليلة و إدراكنا محدود يبقى نفكر ليه و نشغل دماغنا ليه ؟"
لأ خلي دماغنا فاضية و حياتنا تافهه عشان العقل ممكن يغلط و إدراكنا محدود و معارفنا ناقصة.

لأ و إنت داخل تقول أنا إنسان بسيط و على قد عقلي و مسمي نفسك Genius
يعني بتتواضع ؟

يعني لو كنت على قد عقلك فمن المفهوم لو كنت لا تؤمن بالعقل لأنه لا يكفيك ..
لكن مادمت genius فلماذا تكفر بالعقل ؟

و عامل إحتمالات و الإدراك كامل و المعرفة ناقصة و لا الإدراك ناقص و المعرفة كاملة و لا ..
كل ده ليه ؟
ديه فزلكة ع الفاضي ..

مش محتاج إستدلال علشان تعرف إن المعارف الإنسانية لم تكتمل و لن تكتمل لأن الكمال وهم أساسا ..
لا أحد كامل و لا شيء كامل ..

النقص و الحاجة هما أساس الطموح و لولا الجهل لما كنت المعرفة و لولا الغباء لما كان الذكاء.

أنت تتكلم من زاوية واحدة و مقفل دماغك ع الآخر :
لا شيء يستدعي خضوعك له و قبولك لقواعده إلا إذا كان كاملا ..

و بهذا الإفتراض تسأل : هل العقل كامل ؟
و بما أن العقل ليس كاملا فهو لا يستحق الثقة و لا يستدعي أن نتبعه.

مع إنك أساسا تنطلق من قاعدة غير عقلية و غير منطقية و غير صحيحة .. لماذا ؟

1- لأن الكمال وهم
الكمال ضد العقل و التمام هو حلم و خيال لأنه ضد الواقع و الحقيقة.
أنت لن تجد في الطبيعة أو الحياة شخصا أو شيئا تاما أو كاملا ..

لذلك فبإسم العقل النامي و الطموح و المتطور نحو الأفضل أقرر أن كل فكرة تامة أو كاملة هي وهم.
و أن كل شخص أو ذات تدعي الكمال أو التمام هي مخادعة و تخادع و ليس العكس.

إذا كنت أنت لا تثق إلا في الكمال الوهمي أو المطلق الخرافي المستحيل الوجود فأنا لا أؤمن إلا بكل ما هو نسبي و متطور.

طبعا تستطيع أن تدعي أنك لست متعصبا لله بالذات و لكنك تبحث عن كيان مطلق بديلا عنه و لا تجد ..
فبدلا من الله المطلق تريد أن تؤمن بالعقل المطلق ..
و لأن العقل ليس مطلقا و لا تاما إذا فلا يوجد غير الله كي تؤمن به.

إنت حر ..
و لكن الكمال وهم و أنت شخص مخدوع بكل بساطة ..
عليك أن تتقبل وجود أخطاء لان هذا جزء من الواقع و جزء من الحقيقة.

الكمال ليس قيمة أصلا لكن الحقيقة كذلك ..
الحقيقة أهم من الكمال و الواقع له الأولوية عن المطلق.

2- لان الكمال قيمة سلبية

الجهل يختلف عن التمسك بالجهل ..
فكل الناس جهلاء حتى أعلم العلماء ..
مساحات واسعة من المعارف لا تزال بكرا و لم يقترب منها إنسان.
مساحات بحجم الكون نفسه ..

لكن الكمال يعني ضياع كل القيم الجميلة ..
الكامل فقد القدرة على المجهود و السعي لان لديه كل شيء ..
الكامل أصبح كسول و خامل لانه لا يحتاج للحركة.
الكامل فقد الطموح و روح التحدي لأنه وصل لكل ما يريده و إنتصر في كل معاركه حتى قبل أن يبدأها.
الكامل فقد القدرة على الإندهاش لانه يعرف كل شيء ..
الكامل فقد القدرة على النمو لأنه كامل ..

الكمال نفسه ليس له قيمة في ذاته و لكن الرحلة للكمال هي الأساس ..

لو الإنسان وصل لدرجة من الرضا و السعادة أن قضى على كل مشاكله
وجب عليه أن يخترع عجزا و هدفا بعيدا كي يعطي معنى لحياته و لسعيه.

المعاناة هي صانعة الإبداع و الكمال يعني الوخم و البلادة ..

الكمال ليس هدفا أصلا بل النمو و التطور هو كذلك.

الكمال و التمام و المطلق ليست فقط أوهاما و خرافات بل هي أوهام سلبية و خرافات محتقرة للواقع الغير كامل.
الكمال الغير موجود في واقعنا أصلا هو سبب تعاستنا و قلة رضانا عن الواقع الغير كامل ..

الكمال هو سبب تعاستنا و ليس النقص أو العجز.
تلك الفكرة السلبية هي أصل كل إحتقار لقدرات الإنسان المحدودة و أساس كل تسفيه لجمال و روعة الواقع.

ألف لعنة على الكمال و التمام و المطلق :confused:

و حي على الفلاح و السعي و البحث و النمو و التطور :thumbup:



كل ود :wr: