Array
عزيزي عاشق

لا اعتقد اننا هنا نحتاج لتشريح السبب الذي يحصر نقد الدين بشروط وصفات سلوكية، وقد تفضل العزيز العلماني بالاشارة إلى هذه النقطة بوجه من التفصيل، متفضلا ان علته تتمثل دينيا باشتراط مزايا معينة في صاحب الفتوى او ناقل الحديث، أي بما هو داخل إطار المنظومة الدينية، من هنا وبتبسيط شديد، فمن يرغب بنقد المنظومة الدينية من داخلها، "قد" يصح (وقد هنا للتقليل) تعريضه للشرط السلوكي، وبالتالي الاخذ بما يقول او عدمه، لكن أن يأتي إنسان يتناول تلك المنظومة بالنقد من خارجها، فلا يصح البتة إجراء أحكام تلك المنظومة عليه، بل غاية الامر إعمال العقل والمنطق فيما يذهب، فهو بنقده للدين لا ينقد فقط الجانب العبادي فيه، بل قد يتناول بنقده أيضا الجانب السلوكي \ الاخلاقي، فكيف لك أن تطلب ممن يرفض هذا الدين بكليته ان يوفر في نفسه بعضا مما يرفضه ليصح برأيك ان يتناول بالنقد الجانب الاخر.. ولأزيد من التبسيط بمثال، قد يأتيك انسان يقول لك اثبت لي "نبوة محمد" .. هل يصح ان تستشهد بالقرآن لهذا الاثبات؟ قطعا لا، لانه اصلا لا يؤمن بنبوة محمد فكيف لك ان تثبتها بالقرآن الذي أتى به محمد؟.. ولمزيد من الشرح أيضا فيما خص وفاء سلطان – أو مطلق من يتناول الدين بالنقد بغض النظر عن أسلوبه مهما كان -، لا يصح بتاتا ان تسأله عن سيرته "الاخلاقية" في معرض الحوار الفكري، والا لبات الامر لا حواري ولا فكري.. بل أشبه بأحاديث العجائز .. وهنا لا بد من الاشارة، فليس كل من نقد الدين أخلاقيا، يكون "لا أخلاقي"، بل الحال متفاوت ومتشكك تبعا لذات المرء وقناعاته الخاصة..

مفهوم "الاخلاق" ان نظر اليه كمجموع الآداب العامة والاعراف والتقاليد، فهو غير مطرد ولا ثابت في كل الازمنة والامكنة، بل هو متحول ومتحرك تبعا لصيرورات عدة، في حين ان الأسس التي يبنى عليها الحوار بين فكرين متناقضين او متخالفين ثابتة ((نسبيا))، وتتشكل أوليا بمقارعة الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة..

آتي الى موضوع وفاء سلطان هنا، انطلاقا مما قد تسوقه من أنه لا فكر بنقدها للاسلام – ومع موافقتي المبدأية على هذا – اسأل: لم تأخذ كل هذا الجهد والاهتمام منكم ان كانت كذلك؟ ثم الا تخالفون بأنفسكم وصايا دينكم عندما يتم التعريض بهذه الانسانة بهذه الطريقة؟ قليل من المنطق لا يضر

اما حديثك عن نقد الدين لمصلحة شخصية.. يا أخي الانسان حر، مجددا ليس لك ولا لي ان نحاكم النوايا، الحال بالمقال وفقط .. وهذا من الابجديات يعني، لا أظن اننا نحتاج لإثبات ما هو بديهي..

***

بالنسبة للعزيز أحمد، اتمنى عليه قليلا من الهدوء، فكلما كان الحوار هادئا كلما وصلنا الى نقاط تقارب أكثر
***

مع اخلص التمنيات
(f)
[/quote]

كنت أودّ الإشادة بردّك الأوّل .. إلا أنّ انقطاع "الانترنت" المفاجئ منعني من ذلك .. وعندما عدت وجدت أنّ العلماني سبقني بالإشادة ..
ولا يسعني إلا أن أهتف لك مرّة أخرى .. "رااااائع" .. (f)

لكن .. أودّ أن أنبّه إلى جدليّة تستحق الوقوف .. أظنّها جدليّة "نفسيّة" أكثر منها "فلسفيّة" ..
الإحاطة بسلوكيّات "المفكّر" (أو بطبيعة الحال الذي يطرح نفسه كمفكّر) بقسمها السلبي "أو الإيجابي" (حسب المنظمومة الأخلاقيّة للمتلقّي) .. يؤثّر -شئنا أو أبينا- بالنظرة الحياديّة لأفكاره .. هنا تجري عمليّة "شخصنة" لهذه الأفكار بشكل "عفوي" و"مباشر" .. وإسقاط "كراهيّتنا ورفضنا للمفكّر" على كلّ ما يطرحه وينتجه ..
لذا فالإساءة لسيرة "المفكّر" هي طريق أقصر "لقلوب" الرجال من "معداتهم" ..
وسواءً كانت الإساءة "بهدف الإساءة" .. أو لم يكن هذا هدفها .. فهي تلعب أثرها في "الفكرة المسبقة" عن "أفكار" الشخص الذي يطرح نفسه "كمفكّر" يمتلك "مفاتيح" يستند عليها في تأويلاته ثمّ يقوم بعمليّة "التسويق" لها .. على الأخص في عالم "الفكر" الأكثر "نسبيّة" و"انتقائيّة" بكثير من عالم "العلم" مثلاً ..
هذا عدا عن تأثير هذه "الخلفية المسبقة" في تعاملنا مع أي شخص من الأشخاص في حياتنا اليومية مثلاً .. وكم يبدو لي أنّ الحياة "الفكرية" تبدو وكأنّها مستوىً موازٍ للحياة الاجتماعيّة .. تحمل ذات "الطينة" و"التكوين" (وهذه نظرة ربّما تستحقّ وقفة مطوّله "نفسيّة وفلسفيّة" لا مجال لها هنا لكنني أذكّر بقول نيتشه: الفكر عالم مواز لعالم المادّة).. ففيها تلعب "الأهواء" دورها .. و"الميول" دورها .. و"قليل من المنطق" دوره .. خصوصاً .. كلّما ازداد الإنسان بساطة ..

بعض زملائي الذين يشاركونني الاهتمام بالتحليل النفسي وجلسات الحوار الدائمة فيما يُطرح فيه .. يرفضون مثلاً الأخذ "بلاكان" بسبب ما يُحكى عن سيرته الماجنة .. مع العلم أنّ "لاكان" هذا .. أهمّيته توازي أهميّة "فرويد" إن لم تزد .. وما العلم أنّهم يدرسون علماً اسمه "التحليل النفسي" :nocomment:
آخرون .. ينبذون "ميشيل فوكو" .. وهو صاحب أهم الكتب في "حفريّات المعرفة" و"تاريخ الجنسانيّة" .. ويمكنك أن تشاهد في نادينا هذا العديد من المواضيع التي تسلّط الضوء على تاريخه "المثلي" جنسياً ..
نفس الشكل التقييمي طُبّق على العديد من العظماء الذين حفل بهم التاريخ ..
فرويد نفسه مثلاً لم يفلت من تقييم لحياته "اليهوديّة" .. وكذلك "نيتشه" .. إلخ ..إلخ ..

في النهاية .. لا أفترض دوماً أنّي أستطيع أن أحاور شخصاً يمكنه أن يغرق بفكره بالـ"مجرّدات" .. ويترفّع قدر مستطاعه عن "التشخيصات" ..بل كلّما كان الإنسان "أبسط" .. كلّما وجد سهولة في الهروب من هول الفكرة "بشخصنتها" ..
أنا أنظر لفكرة "الله" بذات الطريقة .. هروب من المستوى المعرفي العميق للكون .. بشخصنته بشخص نتّجه له .. ليلبّينا ..

والنهاية "الأهم" .. صحيح أنّ الأفكار هي حصيلة "تجربة إنسانيّة" بكل إرهاصاتها النفسيّة والأخلاقيّة .. وصحيح أنّ تحليل "شخصيّة" الفرد يعطي مدلولاً جيّداً على منشأ أفكاره .. لكن "تقييم" الأفكار بأشخاصها .. هروب .. ولكن أيضاً "وهي الأهم" .. للمثل العربي المعروف (خذ الحكمة من أفواه المجانين) أصله النفسي العميق جداً .. فكثير ما "تزهر" الأفكار بعناصرها النفسيّة "المتطرّفة" ..
ولا وجود لبناء نفسي متوازن .. جميعنا "عصابيّون" بدرجات متفاوته" .. والعناصر النفسيّة المتطرّفة قد تزهر بساتين فكر ومعرفة .. بل إنّها ستعبّر بكل تأكيد عمّا يدور بخلدنا "العميق" دون أن نجرؤ على "التفكير" به حتّى .. فاغدق منه إن أردت .. أو ارفضه إن شئت .. ولا "تلته" (وتلتهي :haa:) بأحاديث "الجارات" .. كما لا "تقارعه" بطريقة عزيزنا "أحمد" .. فهذه "المقارعة" المتطرّفة "المشخصنة" (الهَرُوب!!) لا تدلّ .. إن دلّت .. إلا على خوف من "مونولوج" داخلي أثارته "وفاء" .. يقاومه "أحمد" من الطوفان على عقله الواعي بهذه الطريقة المتطرّفة .. وبالشتائم التي يوزّعها هنا وهناك على وفاء والجميع .. (عذراً أحمد .. لكن هذه نظرتي الشخصيّة للموضوع .. وتعلم أنّي أكنّ لك كل الاحترام (f)) .. "بس شوف ما أسهل نقد الإفكار بشخصنتا .. هي نقدتك بدون حتّى ما أعرف إذا اسمك "أحمد الأحمد" واختلست من "المشفى البيطري" سرنكات وحبوب .. ولا اسمك "أحمد عبد الرزّاق" وسيرة حياتك نظيفة حسب منظومتي الأخلاقيّة .. بالنهاية هذا النقد مفيد طبعاً .. بس مانو حجّة أبداً بتقييم فعّاليّة الأفكار المطروحة .. رفضا أو تبنّيها"


هي مجرّد أفكار أردت طرحها ..

وبالمناسبة .. أحبّ "جورج وسوف" جداً .. وأعلم أنّه "حشّاش" .. أظنّ أنّ هذا الجزء من شخصيّتي يستحق الدراسة والتحليل .. ويدل على "عقد" عميقة أرى "فكاكها" بيدي "أبو وديع" الحشّاش :25:

خوليو