{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم
Enki غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,490
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #9
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم
نأتي الان لنشرح لماذا لايمكن ان يكون كلي العالم معلولاً؟ وانه لابد ان يكون هو واجب الوجود؟.

وفي الحقيقة فان الاجابة على هذا السؤال هو من البداهة بمكان حينما نعرف ماهو مناط الحاجة الى علة؟ اي متى يكون الشيء بحاجة الى علة ومتى لايكون بحاجة الى علة؟

وقبل ان نخوض في هذا المضمار لابد ان نتسلح بالمعرفة الصحيحة للعلية والمعلولية ونميز بين انواعها وخصائصها.

اننا حينما نتحدث عن مفهوم العلية فنحن لانقصد مايفهمه الفلاسفة الحاليين من مفهوم السببية، فمعنى دراسة السببية عندهم هو دراسة الاثر والمؤثر، بينما نقصد بالعلة خصوص ما منه الوجود او قل: ذاك الشيء الذي يفيض او يمنح الوجود للمعلول، مثلاً حينما تصطدم احدى كرات البليارد بالاخرى فتسبب تدحرجها فنحن هنا نتحدث عن اثر ومؤثر، فالكرة الاولى باصطدامها بالثانية سببت حركتها، ولكنها لم تكن السبب في وجود الكرة الثانية. فالكرة الثانية موجودة سواءاً اصطدمت بها الاولى او لم تصطدم. فهنا عندنا اثر ومؤثر.

ومن الواضح ان العلم الحديث حينما يتحدث عن خرق لقانون السببية وعن احداث بلا سبب فان هذا لاشأن له بموضوع نقاشنا، لانه حديث عن اثر مؤثر، فمثلاً يقال في الفيزياء الكوانتية او الكمية ان التموجات الفراغية لاسبب لها، فهذا لاينفي قانون العلية وانما ينفي قانون الاثر والمؤثر او قانون (لكل حدث محدث او سبب) الذي يتبجح المتكلمون وادعياء الفلسفة بصحته.

من جديد حديثنا هو عن العلل الحقيقية، اي تلك العلل المفيضة للوجود لغيرها، مثلاً خذ المصباح الكهربائي، حينما يمر التيار الكهربائي في المصباح فان الضوء ينبعث من المصباح، فمرور التيار في المصباح هو علة وجود او على صدور الضوء من المصباح وهذا مثال تقريبي للعلة الحقيقية. لاحظ معي ان وجود الضوء في المصباح مرتبط بمرور التيار الكهربائي وانه لانفكاك بين الاثنين، فحالما نقطع التيار باستخدام مفتاح الطاقة حتى ينطفئ المصباح ويزول الضوء. فهناك اذن ارتباط وثيق بين العلة والمعلول بحيث انه اذا وجدت العلة لابد ان يوجد معها معلولها واذا غابت العلة غاب معها معلولها. ولايمكن ان ينفك المعلول عن علته مادامت تامة.

لما يأتي من يقول ان الله كان موجوداً ولم يكن معه شيء ثم انه خلق العالم، فنحن نقول له ان هذا الكلام غير سليم، لانه يترتب عليه ان تكون العلة التمثلة بالله موجودة ومعلولها غير موجود، اي يترتب عليه انفكاك العلة عن المعلول وقد رأينا انه لايمكن ان تكون العلة موجودة ومعلولها غير موجود !

يقول الفلاسفة ان لازم وجود العلة بلا وجود معلولها هو جواز عدمه مع وجودها ولازمه تحقق عدم المعلول لعدم العلة من دون علة، يعني اذا امكن تصور الله بلا العالم فانه يمكن تصور العالم بلا الله !

الامر الاخر، هو اننا نلاحظ بالبديهة انه لايمكن ان يكون اي شيء علة لاي شيء، فلايمكن ان تصدر البرودة من النار او الحرارة من الثلج الى الانسان، ومقتضى هذا هو ان يكون في العلة خصوصية معينة تجعلها مثاراً لوجود المعلول، فلابد ان تكون في النار خصوصية معينة تجعلها علة للحرارة بحيث لاتكون هذه الخصوصية موجودة في الثلج. فاذن قانون العلية والمعلولية ليس قانون اعتباطي يجوز فيه ان يكون اي شيء علة لاي شيء على سبيل الاعتباط والخرافة والتأليف والتمني، وهذا هو ما يفصل منهجنا الواقعي عن السفسطة والخرافة.

فحينما يقول قائل: انا اعرف سبب شروق الشمس انه صياح الديك، نقول له هذا غير ممكن لانه لايوجد ارتباط بين الامرين ولاتوجد خصوصية في الديك تجعله سبب شروق الشمس.

وهكذا حينما يأتي مؤمن ويقول انا اعرف سبب وجود العالم، انه الله الخارج عن الزمان والمكان، نقول له هذا جواب سوفسطائي وليس جواب واقعي، لانه بحكم كونه خارج عن الزمان والمكان فقد انفك عن معلوله ولايمكن للعلة ان تنفك عن معلولها، كما انه مقتضى قولك ان الله علة العالم ان يكون لله خصوصيات متعددة بتعدد كل مافي العالم، ولازمه تعدد الخاصيات ولازم تعدد الخاصيات هو التركب لان مابه الاتفاق غير مابه الاشتراك ولايمكن ان يكون الاله مركباً لان المركب محتاج الى اجزاءه والحاجة دليل المعلولية، فلايمكن ان يكون المركب علة لا علة لها.

طيب اذن لماذا يكون الشيء محتاج الى علة؟ او متى يكون بحاجة الى علة ومتى لايكون؟

نأتي لمناقشة بعض الاراء في هذا الموضوع:

1- المتكلمون وبعض ادعياء الفلسفة جعلو الحدوث مناطاً لحاجة الشيء الى علة فقالو: (كل حادث لابد له من محدث) او كما ترد على لسان بعض الفلاسفة الغربيين المتأثرين بدليل الحدوث او Kalam Cosmological Argument (كل ماله بداية لابد له من سبب). في الحقيقة لقد وقع هؤلاء في خطأ مزدوج، فحدوث الشيء من عدم مستحيل، فقد رأينا في مقال سابق بعنوان "لماذا لانؤمن بالخلق من العدم" ان كل حادث لابد ان يكون مسبوق بمادة، فمسبوقية وجود الشيء بعدم محال عقلي ورأينا ان السبب في ذلك هو تساوي نسبة الحدث الى كل لحاظ الزمان، ولما كانت هذه النسبة متساوية فانه لايوجد مخصص لصدور الحدث في هذه اللحظة عما سواها وبالتالي يستحيل الحدوث لاستحال الترجح بلا مرجح. ان هذا يعيد الامر الى البحث في الاثر والمؤثر لانه لاحدوث من عدم فيستحيل البحث في الاسباب هنا الى بحث عن مؤثر وليس علة حقيقية مانحة للوجود.

الامر الاخر الذي اخطأ به هؤلاء هو ان الحادث من حيث هو حادث (اي مجرد مسبوقية الشيء بعدم) لايحتاج الى علة، فمناط الحاجة الى العلة لابد ان يبحث في ذات المعلول وليس في العدم السابق لها.

2- بعض الفلاسفة المؤمنين بفلسفة ابن سينا يرون ان مناط الحاجة الى علة هو الامكان، لان عندهم الماهيات متساوية النسبة الى الوجود والعدم، مثلاً الانسان يمكن ان نتصور انه موجود بنفس المقدار الذي يمكن ان نتصور انه غير موجود، واذا كانت نسبته متساوية الى الوجود والعم فلابد من ترجيح يرجح احدهما عن الاخر وهذا المرجح هو العلة، فمناط الحاجة الى علة عندهم هو الامكان الماهوي، كل ما له ماهية لابد له من علة.

ومحل الخطأ في هذا الامر هو في اعتبار ان الماهية شيء اصيل وان الوجود ظرف يضاف الى الماهية، اي ان الوجود امر اعتباري بينما الماهيات اصيلة، وهذا خطأ لانه اذا كان الوجود هو المخرج عن حد استواء الماهية فانه لايمكن ان يكون اعتباري اذ لايمكن ان تكون العلة امر اعتباري، فلابد ان تكون الاصالة للوجود وتكون الماهية من توابع الموجود وليس العكس.

اذن ماهو مناط الحاجة الى علة؟

في الحقيقة ان الجواب على هذا السؤال بديهي جداً من الطريقة التي عرفنا بها العلة، فقد قلنا ان العلة هي مامنه الوجود، فاذن المعلول هو هذا الذي يتلقى فيض الوجود فهو على هذا خال ذاتياً من الوجود محتاج لمن يفيضه عليه، فمناط الحاجة الى العلة الوجودية هي خلو ذات الشيء من الوجود او بكلمات اخرى افتقار الشيء الى الوجود. فمادام الشيء محتاج الى غيره فهو معلول ومادام الشيء مستغنٍ في ذاته عن غيره فهو غير معلول، وهذا هو مناط الحاجة الى علة.

نأتي الان الى كليات العالم.

قلنا ان العالم المعروف لدينا من مجرات وشموس ونجوم وكواكب وما اليه كله قائم على اساس اسميناه كلي العالم، وقلنا ان هذا الكلي موجود في كل مكان ومحيط بكل مكان ومرتبط بكل شيء لاينفك عنه ابداً. فهو على هذا مانح الوجود لكل الموجودات المعروفة عندنا في هذا العالم، فلو فرضنا انه معلول لغيره لكان خالياً من الوجود لاننا قلنا ان مناط الحاجة الى العلة هو الفقر الوجودي، ولو صح هذا لاستحال ان يمنح كلي العالم الوجود الى العالم نفسه لانه يترتب عليه ان يكون فاقد الشيء معطي، بينما فاقد الشيء غير معطي.

واثبات هذه القضية يتلخص في انه حيثية منح الوجود الى العالم هي حيثية وجدان (اي ايجاد) بينما حيثية الافتقار الى الوجود هي حيثية قبول (اي يقبل المعلول فيض الوجود من العلة) ولما كانت حيثية الوجدان (وهي مـَلـَكة) تقابل حيثية القبول (لانها عدم ملكة) فانه يستحيل ان تكون كليات العالم واجدة وقابلة او علة ومعلول لاستحالة اجتماع المتقابلين في حيثية واحدة (المتقابلان هنا هما: الملكة والعدم).

قد يقال ولم لا تقول ان لها حيثيتان؟ تكون في الاولى علة وفي الثانية معلول، كما هو شأن العديد من الموجودات التي تكون علة لشي ومعلول لاخر؟

فنجيب ان شرط الكلي هو البساطة فلايمكن ان تكون له اكثر من حيثية والا لكانت اجزاءه جزئيات ولها كلي اخر، ولما كان الفرض انها كلي العالم الذي لا كلي بعده كان يجب ان يكون بسيطاً.

شكراً لقراءة المقال.

03-24-2008, 12:18 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-19-2008, 02:26 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-20-2008, 07:46 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة fkr - 03-21-2008, 04:35 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-24-2008, 12:18 PM
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-25-2008, 11:02 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-25-2008, 11:21 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-26-2008, 12:26 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-29-2008, 08:47 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-30-2008, 11:52 AM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-30-2008, 01:06 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-30-2008, 05:01 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-30-2008, 10:09 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 03-31-2008, 02:51 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 06-14-2008, 12:24 PM,
مفاهيم في الالحاد: كليات العالم - بواسطة Enki - 08-12-2008, 03:12 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  هل اثر الالحاد ايجابا على حياتك؟ عبدالله بن محمد بن ابراهيم 14 2,940 08-01-2013, 01:40 PM
آخر رد: takhinen
  ماهي فائدة الالحاد بالنسبة لي؟ Enki 28 7,341 02-22-2012, 08:48 AM
آخر رد: عبدالله بن محمد بن ابراهيم
  مفاهيم في الفلسفة الالهية: العدم Enki 13 6,224 02-21-2012, 08:53 PM
آخر رد: Enki
  الالحاد صحيح حتى لو كان الله موجوداً Enki 28 9,722 02-06-2012, 11:44 AM
آخر رد: عبدالله بن محمد بن ابراهيم
  ما هو سبب الالحاد؟؟ Dr.xXxXx 170 41,467 07-18-2011, 05:00 PM
آخر رد: Dr.xXxXx

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS