الاشتباكات مع "جيش المهدي" تتوسع إلى كربلاء والعمارة

المالكي: الميليشيات الشيعية "أسوأ من القاعدة"

المستقبل - الاحد 30 آذار 2008 - العدد 2918 - الصفحة الأولى - صفحة 1



بغداد ـ علي البغدادي

شن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أمس هجوما عنيفا على الميليشيات الشيعية، متهما إيّاها بأنها "أسوأ من القاعدة"، وذلك خلال لقائه وفدا من شيوخ العشائر والاعيان في البصرة، في وقت اتسعت دائرة الاشتباكات بين القوات الامنية العراقية وعناصر ميليشيا جيش المهدي (الجناح العسكري للتيار الصدري) لتشمل محافظتي كربلاء والعمارة الجنوبيتين، اضافة الى مدن اخرى سقط على اثرها عشرات القتلى والجرحى لليوم السادس على التوالي.
ووسط هذا التوتر الامني، تواصلت مساعي الوساطة السياسية لايجاد حل سلمي لهذه الازمة بالتوازي مع دعم القوى السياسية الرئيسة للحملة العسكرية التي يقودها المالكي ضد الميليشيات المسلحة في البصرة.
وقال المالكي في كلمة نقلتها قناة "العراقية" الحكومية في ما يمكن اعتباره اكثر قسوة للميليشيات الشيعية "للاسف الشديد، كنا نتحدث عن القاعدة ولكن كان بيننا من هم اسوأ من القاعدة".
وأوضح المالكي أمس ان "عناصر القاعدة يقتلون الابرياء ويخربون المنشآت وهم كذلك. القاعدة تريد ان تفشل العملية السياسية وهم يخططون (لذلك) والقاعدة تريد وهم يريدون". وأكد "اذن، نحن امام خطر آخر في اوساطنا".
وجدد المالكي عزم حكومته ملاحقة الميليشيات الشيعية في البصرة. وقال "عزمنا اكيد وشديد باننا لن نترك البصرة ولن نغادرها الا بتثبيت الامن فيها"، مؤكدا أن حكومته مصرة على "معاقبة اولئك الخارجين عن القانون واؤلئك الذين يشهرون السلاح بوجه الدولة حتى يتحولوا الى مواطنين".
وحظيت عملية (صولة الفرسان) العسكرية التي تشنها القوات الامنية والعسكرية العراقية لكبح جماح الميليشيات الشيعية في البصرة بدعم سياسي على مختلف المستويات، اذ اعلن الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني دعمهما رئيس الوزراء نوري المالكي في مساعيه الرامية إلى فرض القانون وإعادة الأمن الى البصرة والمدن الاخرى التي تشهد اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن وميليشيا جيش المهدي (الجناح المسلح للتيار الصدري).
ودعا الطالباني والبارزاني في مؤتمر صحافي عقداه اول امس في منتجع دوكان على هامش اجتماع ضم عددا من قادة الحزبين الكرديين (الاتحاد الوطني والديموقراطي الكردستاني) إلى عقد اجتماع موسع عاجل للقوى السياسية الممثلة في البرلمان العراقي لحل جميع القضايا العالقة في البلاد.
وأبدى الرئيس العراقي استعداد إقليم كردستان لاستضافة هذا الاجتماع الذي يضم القوى السياسية العراقية، مؤكدا ان اجتماعه مع البارزاني خرج بنتائج مهمة ابرزها تأييد الحكومة العراقية في فرض القانون وهيبة الدولة.
وأوضح رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني أن الاجتماع أظهر تطابق الآراء ووحدة المواقف حيال هذه الأوضاع التي تشهدها البلاد والمثيرة للقلق من قبل الجميع.
وعلى صعيد دعوات التهدئة، دعا اتحاد العلماء المسلمين في العراق (تجمع يضم علماء دين من السنة والشيعة) الحكومة إلى تهدئة الأوضاع وبدء الحوار والتفاهم مع قادة التيار الصدري، مطالبا قيادة التيار بالحوار مع الحكومة الوطنية واحتواء حالة التأزم الجارية بسبب أحداث العنف الجارية منذ أيام في البلاد.
وأشارت مصادر مطلعة لـ"المستقبل" الى أن "المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني دخل على خط الوساطات بين الحكومة والتيار الصدري لايقاف الاشتباكات المستمرة في مناطق عدة من البلاد" ، مؤكدة ان "ممثلين عن مكتب السيستاني في النجف سيبحثون مع اطراف حكومية مقربة من رئيس الوزراء نوري المالكي في سبيل انهاء الازمة في البصرة بالرغم من الوساطات التي تقوم بها اطراف عدة ومن بينها (حزب المؤتمر الوطني بزعامة السياسي العراقي احمد الجلبي) لم تثمر لغاية الان عن اي نتيجة ايجابية".
وعلى الصعيد الامني، تواصلت الاشتباكات العنيفة في مناطق عراقية عدة بين القوات الامنية وميليشيا جيش المهدي التابعة للسيد مقتدى الصدر. ففي بغداد التي تخضع لحظر تجول تام منذ يومين اعلن الجيش الأميركي في بيان له امس عن تدمير موقع لاطلاق القذائف الصاروخية بالاضافة الى قتل 38 من عناصر الميليشيات في مناطق متفرقة من بغداد، فيما افاد الناطق باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا عن مقتل احد المسلحين اثر محاولته تفجير جسر الكريعات العائم الذي يربط منطقة الكريعات بالكاظمية شمالي بغداد عن طريق اطلاق قذيفة صاروخية انفجرت بالقرب منه ما ادى الى مقتله في الحال.
وقال مصدر امني امس إن جنديا عراقيا قتل وأصيب ثلاثة آخرون بجروح امس بانفجارعبوة ناسفة على دوريتهم في منطقة حي العامل جنوب غربي بغداد.
الى ذلك اعلن الجيش الأميركي امس عن سقوط دفعتين من قذائف الهاون على المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم سفارات غربية ومقار حكومية من دون أن تسفر عن أية إصابات، فيما أفاد شهود إن نحو اربع قذائف سقطت على المنطقة الخضراء عصر امس.
والى بابل جنوب بغداد والتي اعلن عن رفع جزئي للتجول لمدة ثلاث ساعات أعلنت مصادر الشرطة أن تسعة من عناصر الامن وثلاثة مدنيين قتلوا وجرح 42 آخرون، فيما ألقي القبض على 85 مسلحا منذ بدء العمليات المسلحة الثلاثاء الفائت، فيما أفاد مصدر آخر إن مسلحين مجهولين هاجموا، مساء اول امس مكتب حزب الدعوة برئاسة (رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي) في منطقة السدة شمال الحلة حيث أسفر الهجوم عن اضرار جسيمة في المكتب كما قال مصدر من قوات العقرب التي تسيطر على الحلة إن قواته اعتقلت مساء اول من امس 33 مسلحا بمنطقة حمزة دلي فيما ألقت قوات الشرطة القبض على سبعة أشخاص يشتبه باشتراكهم بأعمال مسلحة في القرية العصرية التابعة لناحية الاسكندرية شمال بابل.
وامتدت الاشتباكات المسلحة الى كربلاء جنوب غرب العراق، اذ قال قائد عمليات كربلاء ومدير شرطتها اللواء رائد شاكر جودت إن 12 مسلحا قتلوا فيما تم اعتقال 50 آخرين في مواجهات مسلحة في عدد من أحياء المدينة ضمن العملية الامنية، منوها الى ان "العملية لا تستهدف جهة أو تيارا وعلى الجميع أن يتعاون معنا لجعل كربلاء مدينة آمنة ومستقرة".
وذكر شهود أن مواجهات مسلحة بين القوات الأمنية ومسلحين اندلعت في احياء العسكري والغدير والعامل منذ مساء اول امس واستمرت أمس وان قتلى وجرحى سقطوا خلالها بين الطرفين. وكان اللواء جودت قد اعلن في وقت سابق ان احد قياديي المجاميع المسلحة يحمل الجنسية المصرية والتي اشتركت في المواجهات التي شهدتها المدينة سلم نفسه إلى الأجهزة الأمنية مع ستة من عناصر مجموعته وجميعهم عراقيون خلال محاصرته في حي الغديرجنوب كربلاء. وفي ميسان جنوب العراق، ذكر مصدر طبي في صحة المحافظة إن حصيلة المواجهات التي دارت بين الجيش العراقي وجماعات مسلحة شمالي مدينة العمارة خلال الأيام الثلاثة الماضية بلغت ثمانية قتلى و78 جريحا بينما كانت خسائر الجيش العراقي خمسة قتلى وخمسة جرحى.
والى الناصرية الجنوبية، قال الناطق الإعلامي لشرطة ذي قار راضي الركابي ان القوات الأمنية شنت امس هجوما واسعا على المسلحين في مناطق سومر والصالحية وحي الفداء وحي الشهداء شمالي المدينة باتجاه نهر (الهولندي) والطريق الدولي السريع شمالي المدينة لغرض تطهير بعض المناطق التي لازالت تنتشر فيها الجماعات المسلحة.
وفي الديوانية، قال مدير التحقيقات الجنائية في شرطة المحافظة المقدم ستار علي مطر إن عدد المعتقلين من المشتبه بتورطهم في المواجهات الأخيرة التي شهدتها المدينة بلغ 150 معتقلا.
الى ذلك، اعلن الجيش الأميركي أمس مقتل اثنين من جنوده من دون أن يحدد المكان الذي سقطا فيه، علماً أن القوات الأميركية تشارك الى الجانب القوات العراقية والبريطانية في الحملة على "جيش المهدي".