عزيزي بني آدم، والحكي للجميع،

الخطأ في فهم الحدود عند من لا تعنيه، أو يعنيه إلغاء المنظومة الإسلامية الشرعية ككل، فيصوب المجهر على ما يراه بعيدا عن "الإنسانية" ليصيب قارئه بغثيان يريده.

نظام العقوبات الإسلامي قائم على فلسفة أن العقوبات زواجر جوابر.

زواجر في الدنيا، بأن يتعظ غير المجرم، فلا يذنب ذنبه، وجوابر يوم القيامة أن لا يجمع الله على عبد عقوبتين.

أما تفصيل العقوبات، فهي مؤيدات تشريعية تحول بين الناس وخرق الأنظمة والقوانين.

وهي على ثلاثة أشكال، حدود وقصاص وتعزير.

أما الحد فهو العقوبة المقدرة من الشرع على هيئة معينة من الجريمة، واشترط الشرع أن تثبت بما لا يورد شبهة، فمجرد ورود الشبهة مسقط للحد ولو أصر مرتكبه على العقوبة.
يغلب على الحدود أن تكون باعتراف شخصي بالزنا أو السرقة أو ما يوجب الحد، إلا ما كان من الحرابة.
ويصعب أن تثبت بالشهادة، لكنها حين تثبت فهي إشارة إلى بغي المرتكب للحد لدرجة الاستهانة بالمجتمع.

أما القصاص، فهي العقوبات في الجنايات على الجسد، وأعلاها قتل النفس وأدناها رض أو خدش، وهي على شاكلتين عمد وغير عمد.

أما الجناية العمد، فتجب فيها الدية المغلظة دوما على نفس الجاني غير مؤجلة، إلا ما كان منها قتلا ففيها زيادة إمكان القصاص من الجاني، وقد يرى القاضي إمكانية إلحاق عقوبة تعزيرية بالجاني لاستهانته بالمجتمع وأمنه.
أما الجناية الخطأ فتجب فيها الدية المخففة على عاقلة الجاني أو الدولة متى عجزت العاقلة، مؤجلة على سنين ثلاث.

أما التعزير، وهو جل نظام العقوبات، فيشمل جميع المخالفات والمعاصي والجرائم التي فيها نص على التحريم ولا نص على العقوبة، أو فيها مخالفة لأمر الدولة ونهيها، وهي ترجع إلى القاضي بنفسه، سواء أكان قاضي خصومات أم محتسب، فهو يقيم الدعوى أو ينظر فيها، ويثبت الجريمة وللمتهم حق الدفع عن نفسه، فإن ثبت للقاضي أن المتهم مذنب فله أن يقدر له عقوبة ضمن العقوبات الشرعية، على أن لا تكون حدا إلا فيما استوجب القتل، والقاضي يناسب بين العقوبة والذنب والمذنب والتعود مجتهدا بنفسه، أو عائدا إلى اجتهاد غيره مما اشتهر باسم السوابق القضائية.

وقد يرى القاضي أن مذنبا ما يزجره عن ذنبه غرامة مالية، وغيره لا ينزجر بها بل بعقوبة حبس، وربما يجد ثالثا يزجر بالتوبيخ العلني في الصحف، وربما يجد رابعا لم تتوفر لديه النية الجرمية ولديه من الأسباب المفسرة لذنبه فيقوم القاضي بالعفو.