{myadvertisements[zone_1]}
كتاب السيف الحاد في الرد على من أخذ بحديث الآحاد في مسائل الاعتقاد- سعيد بن مبروك القنوبي
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #3
كتاب السيف الحاد في الرد على من أخذ بحديث الآحاد في مسائل الاعتقاد- سعيد بن مبروك القنوبي
وقال الزركشي في "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة" ص41 في تعليق على وهم وقع في رواية البخاري لحادثة الإفك قال : قوله فيه فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بريرة ، وبريرة إنما اشترتها عائشة فأعتقتها بعد ذلك ... إلى أن قال : إن تفسير الجارية ببريرة مدرج في الحديث من تفسير بعض الرواة ، فيظن أنه من الحديث ، وهو نوع غامض لا يتنبه له إلا الحذاق.

ومن نظائرة ما وقع في الترمذي وغيره من حديث يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر ابن أبي موسى عن أبيه قال : خرج أبو طالب إلى الشام وخرج معه النبي عليه الصلاة والسلام فذكر الراهب ، وقال في آخره : ( فرده أبو طالب وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت ) ، فهذه من الأوهام الظاهرة ، لأن بلالا إنما اشتراه أبو بكر بعد مبعث النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعد أن أسلم بلال وعذبه قومه ، لما خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) كان له من العمر اثنتا عشرة سنة وشهران وأيام ، ولعل بلالا لم يكن بعد ولد ، ولما خرج المرة الثانية كان له قريب من خمس وعشرين سنة ، ولم يكن مع أبي طالب إنما كان مع ميسرة ا.هـ..

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" ج2 ص265 بعد كلام ... : وثقه - يعني قرادا أحد رواة هذا الحديث - جماعة من الأئمة والحفاظ ولم أر أحدا جرحه ومع هذا ففي حديثه غرابة ... إلى أن قال : الثالث أن قوله : ( وبعث معه أبو بكر بلالا ) إن كان عمره (صلى الله عليه وسلم) إذ ذاك اثنتي عشرة سنة فقد كان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشر وعمر بلال أقل من ذلك فأين كان أبو بكر إذ ذاك ؟ ثم أين كان بلال ؟! كلاهما غريبا.هـ..

وقال ابن الجزري كما في "تحفة الأحوذي" للمبار كفوري ج4 ص297 : إسناده صحيح رجاله الصحيح رجال الصحيح أو أحدهما ، وذكر أبي بكر وبلال فيه غير محفوظ ، وعده أئمتنا وهما وهو كذلك ، فإن سن النبي (صلى الله عليه وسلم) اثنتا عشرة سنة وأبو بكر أصغر منه بسنتين وبلال لعله لم يكن ولد في ذلك الوقت ا.هـ..

وقال الحافظ ابن حجر في "الإصابة" ج1 ص183 : وقد وردت هذه القصة بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى الأشعري أخرجها الترمذي وغيره ولم يسم فيها الراهب ، وزاد فيها لفظة منكرة وهي قوله وأتبعه أبو بكر بلال ، وسبب نكارتها أن أبا بكر حينئذ لم يكن متأهلا ولا اشترى يومئذ بلالا ، إلا أن يحمل أن هذه الجملة الأخيرة مقتطعة من حديث آخر أدرجت في هذا الحديث ، وفي الجملة هي وهم من أحد رواتها.هـ.. وقد صرح بمثل ذلك في "هدي الساري" والله أعلم .

25- رواية البخاري لحادثة الإفك تقدم كلام الزركشي في ذلك .

26- قال الحافظ ابن رجب عن حديث (( إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر عنه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه )) : إسناده قد قيل : إنه على شرط مسلم ولكنه معلول ا.هـ.المراد منه .

27- قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" ج10 ص46 عند ذكره ما رواه ابن مردويه في تفسير من حديث أنس في قصة تحريم الخمر وأنه كان يسقي أبا عبيدة وأبا طلحة أن أبا بكر وعمر كانا فيهم يشربان الخمر : ومن المستغربات ما رواه ابن مردويه ... إلى أن قال : وهو منكر مع نظافة سنده ، وما أظنه إلا غلطا .

28- أورد الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (647) حديث الصماء بنت بسر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها )) وقال عنه : رواة الخمسة ورجاله ثقات إلا أنه مضطرب وقد أنكره مالكا.هـ.المراد منه .

29- قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" ج1 ص86 عن حديث هناك : رجاله ثقات إلا أنه معلول ا.هـ. المراد منه .

30- حديث ابن عباس ( رضي الله عنهما ) قال : (( في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى )) ، قال الحاكم : صحيح الإسناد ووافقه الذهبي في "المستدرك" .


اقل السيوطي في "التدريب" ج1 233 : ولم أزل أتعجب من تصحيح الحاكم له حتى رأيت البيهقي قال : إسناده صحيح ولكنه شاذ بمرة ولا أعلم لأبي الضحى علبه متابعا قال السيوطي : وهذا من البيهقي في غاية الحسن فإنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن لاحتمال صحة الإسناد ، مع أن في المتن شذوذا أو علة تمنع صحته ... إلخ .

وقال الذهبي في "العلو" ص61 : ... هذه بلية تحير السامع ... وهو من قبيل اسمع واسكت اهـ.

قلت : بل متنه باطل منكر بمرة وإسناده ضعيف ، وليس هذا موضع بيان ذلك ، وعلى تقدير ثبوته عن ابن عباس فهو مما رواه عن أهل الكتاب ، وهو مما يجب أن يجزم بكذبه لأدلة لا تتسع لها هذه العجالة .


والأمثلة على ذلك كثيرة جدا لا نطيل المقام بذكرها ، ولعلنا نفردها بكتاب خاص .

هذا وإذا تقرر لك ذلك علمت بطلان زيادة ( في السماء ) وعلى تقدير ثبوتها فإن المراد بذلك علو المرتبة كما أوضحه الحافظ وغيره ، هذا ومن الجدير بالذكر أن للفظ ( في السماء ) شاهدا رواه إسماعيل الهروي من طريق ابن عباس ( رضي الله عنهما ) ، ولكنه ليس مما يفرح به ، لأن في إسناه سعيد بن المرزبان وهو متروك منكر الحديث بمرة ، قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال البخاري : منكر الحديث ، وقال النسائي : ضعيف ، وقال مرة : ليس بثقة ولا يكتب حديثه ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال ابن حبان : كثير الوهم فاحش الخطأ والله تعالى أعلم .

24- حديث : (( فيكشف ربنا عن ساقه )) رواه الإمام البخاري (4919) .

هذا الحديث بهذا اللفظ شاذ ، قال الحافظ في "الفتح" ج8ص857 - 858 ط دار الكتب العلمية : ووقع في هذا الموضع ( يكشف ربنا عن ساقه ) وهو من رواية سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم فأخرجه الإسماعيلي كذلك ثم قال : في قوله ( عن ساقه ) نكرة ، ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ ( يكشف عن ساقه ) ، قال الإسماعيلي : هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة ، لا يظن أن الله تعالى ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين - تعالى الله عن ذلك - ليس كمثله شيء ا.هـ. . وأقره على ذلك الحافظ ابن حجر .

هذا والمراد بالساق في الآية والحديث على تقدير صحته (2) شدة الأمر كما قال ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة والنخعي ؛ بل هذا قول الصحابة قاطبة ، وإليه ذهب ابن جرير وابن كثير والفخر الرازي وأبو حيان وابن الجوزي والقرطبي والألوسي وآخرون يطول الكلام بذكرهم ، وهو الذي ذهب إليه ابن تيمية في ج6ص394 من "مجموع الفتاوي" .

والشواهد على ذلك كثيرة لا نطيل المقام بذكرها ، والله تعالى أعلم .

25- حديث حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال : قرأ رسول الله ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال : (( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم موعدا عند الله ويريد أن ينجزكموه ، فيقولون : ماهو ؟ ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار ؟ فيكشف لله عنهم الحجاب فينظرون إلى الله ، فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه ، وهي الزيادة )) رواه مسلم 297 ( 181 ) .

والجواب عن ذلك من وجهين :

الأول : أن في إسناده حماد بن سلمة ، وهو وإن كان صدوقا في نفسه إلا أنه سيء الحفظ يهم ويخطئ ، وقد اختلط وتغير ، فهو ليس بحجة .

قال الذهبي في "الكاشف" ج1ص188 : ( ثقة صدوق يغلط ) ، وقال في "الميزان ج1ص590 : ( كان ثقة له أوهام ) .

وقال في "سير أعلام النبلاء" ج7ص452 بعد كلام : ( إلا أنه طعن في السن ساء حفظه ؛ فلذلك لم يحتج به البخاري ، وأما مسلم فاجتهد فيه وأخرج من حديثه عن ثابت مما سمع قبل تغيره ) ، إلى أن قال : ( فالاحتياط أن لا يحتج فيما يخالف الثقات ) .

قلت : وسيأتي أن هذا الحديث من جملتها .

وقال البيهقي : ( هو من أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه ، فلذا تركه البخاري ) .

وقال ابن سعد : ( ثقة ربما حدث بالحديث المنكر ، وقال الباجي : لم يكن عند القطان هناك ) .

قلت : فتلخص من ذلك أنه لا يصح الاعتماد على رواية فيما يخالف فيه الثقات ، وقيل : مطلقا ؛ وهو الصحيح .

الثاني : أن هذه الرواية معلة بالوقف ، قال الترمذي : هذا الحديث إنما أسنده حماد ابن سلمة ورفعه ، وروى سليمان بن المغيرة وحماد بن زيد هذا الحديث عن ثابت البناني عن عبدالرحمن بن أبي ليلى قوله ا.هـ. ، وكذا قال أبو مسعود الدمشقي وغيره ، وزادوا مع حماد بن زيد وسليمان بن المغيرة حماد بن واقد ومعمر بن راشد .

وأما ما ذكره النووي من أنه يحكم بترجيح رواية الوصل ؛ لأن الوصل زيادة من الثقة ، والزيادة من الثقة مقبولة ، وأن الحكم حينئذ يكون لمن وصل الرواية ؛ ففيه أن هذه القاعدة مختلف فيها . فذهب أكثر المحدثين - كما حكاه عنهم الخطيب وابن القطان - إلى أن الحكم لمن وقف أو أرسل ، وقيل : الحكم للأكثر ، وقيل : الحكم للأحفظ ، وقيل : على حسب ما ذكره النووي ، وقيل غير ذلك .

قال الحاكم أبو عبدالله : ( الثالث : من المختلف فيه خبر يرويه ثقة من الثقات عن إمام من أئمة المسلمين يسنده ثم يرويه عنه جماعة من الثقات ، فيرسلونه ، وهذا القسم كثير ، وهو صحيح على مذهب الفقهاء ، والقول فيه عندهم قول من زاد في إسناد أو المتن ، إذا كان ثقة ، وأما أهل الحديث فالقول عندهم فيه قول الجمهور الذين وقفوه أو أرسلوه لما يخشى من الوهم على الواحد ) اهـ.

وقال ابن دقيق العيد في مقدمة "شرح الإلمام" : ( من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنه إذا تعارض رواية مرسل ومسند أو رافع وواقف أو ناقص وزائد أن الحكم للزائد فلم يصب في هذا ، فإن ذلك ليس قانونا مطردا ، وبمراجعة أحكامهم الجزائية يعرف صواب ما نقول ) ا.هـ. .

وقال ابن عبدالهادي كما في "نصب الراية" للزيلعي ج1/336 - 337 بعد كلام : ( ... بل فيه - أي قبول زيادة الثقة - خلاف مشهور ، فمن الناس من يقبل زيادة الثقة مطلقا ، ومنهم من لا يقبلها والصحيح التفصيل ، وهو أنها تقبل في موضع دون موضع ، فتقبل إذا كان الراوي الذي رواها ثقة حافظا ثبتا والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة ، كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس قوله : ( من المسلمين ) في صدقة الفطر ، واحتج بها أكثر العلماء ، وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصها ، ومن حكم في ذلك حكما عاما فقد غلط ، بل كل زيادة لها حكم يخصها ، ففي موضع يجزم بصحتها كزيادة مالك ، وفي موضع يغلب على الظن صحتها كزيادة سعد بن طارق في حديث (( جعلت لي الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا )) ، وفي موضع يجزم بخطأ الزيادة كزيادة معمر ومن وافقه قوله : ( وإن كان مائعا فلا تقربوه ) ، وفي موضع يغلب على الظن خطؤها كزيادة معمر في حديث ماعز : (الصلاة عليه ) ، وفي موضع يتوقف في الزيادة كما في أحاديث كثيرة ) ا.هـ. . مع تصرف يسير .

وقال الحافظ العلائي : ( كلام الأئمة المتقدمين في هذا الفن كعبد الرحمن بن مهدي ، ويحيى بن سعيد القطان ، وأحمد بن حنبل ، والبخاري ، وأمثالهم يقتضي أنهم لا يحكمون في هذه المسألة بحكم كلي ، بل عملهم في ذلك دائر مع الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في كل حديث حديث ) .

وقال أيضا بعد كلام : ( ... فأما إذا كان رجال الإسنادين متكافئين في الحفظ ، أو العدد ، أو كان من سنده ، أو رفعه دون من أرسله ، أو وقفه في شيء من ذلك مع أن كلهم ثقات محتج بهم ، فههنا مجال النظر واختلاف أئمة الحديث والفقهاء .

فالذي يسلكه كثير من أهل الحديث بل غالبهم جعل ذلك علة مانعة للحكم بصحة الحديث مطلقا ، فيرجعون إلى الترجيح لإحدى الروايتين على الأخرى ، فمتى اعتضدت إحدى الطريقتين بشيء من وجوه الترجيح حكموا لها ، وإلا توقفوا عن الحديث وعللوه بذلك ، ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر ولا ضابطا لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث ، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص ، وإنما ينهض بذلك الممارس الفطن الذي أكثر من الطرق والروايات ، ولهذا لم يحكم المتقدمون في هذا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة ، بل يختلف نظرهم بحسب ما يقوم عندهم في كل حديث بمفرده والله أعلم ) .

قال : ( وأما أئمة الفقه والأصول فإنهم جعلوا إسناد الحديث ورفعه كالزيادة في متنه ، ويلزم على ذلك قبول الشاذ كما تقدم ) .

وقال ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" ص243 - 244 : ( وقد تكرر في هذا الكتاب ذكر الاختلاف في الوصل والإرسال والوقف والرفع ، وكلام أحمد وغيره من الحفاظ يدل على اعتبار الأوثق في ذلك والأحفظ ، وقد قال أحمد في حديث أسنده حماد بن سلمة : أي شيء ينفع وغيره يرسله ، وذكر الحاكم أن أئمة الحديث على أن القول الأكثرين الذين أرسلوا الحديث ، وهذا يخالف تصرفه في "المستدرك" ، وقد صنف في ذلك الحافظ الخطيب مصنفا حسنا سماه "تميز المزيد في متصل الأسانيد" وقسمه قسمين :

أحدهما : ما حكم فيه بصحة ذكر الزيادة في الإسناد وتركها .

والثاني : ما حكم برد الزيادة وعدم قبولها .

إلى أن قال : وذكر - أي الخطيب - في "الكفاية" حكاية عن البخاري أنه سئل عن حديث أبي إسحاق في النكاح بلا ولي فقال : الزيادة من الثقة مقبول ، وإسرائيل ثقة ، وهذه الحكاية إن صحت فإنما مراده الزيادة في هذا الحديث ، وإلا فمن تأمل كتاب "تاريخ البخاري" تبين له قطعا أنه لم يكن يرى زيادة كل الثقة في الإسناد مقبول ، وهكذا الدارقطني يذكر في بعض المواضع أن الزيادة من الثقة مقبول ، ثم يرد في أكثر المواضع زيادات كثيرة عن الثقات ويرجح الإرسال على الإسناد ، فدل على أن مرادهم زيادة الثقة في تلك الواضع الخاصة وهي إذا كان الثقة مبررا في الحفظ .

وقال الدارقطني في حديث زاد في إسناده ثقات رجلا وخالفهما الثوري فلم يذكره فقال : لولا أن الثوري خالف لكان القول قول من زاد فيه ، لأن زيادة الثقة مقبول وهذا تصريح بأنه يقبل زيادة الثقة إذا لم يخالفه من هو أحفظ منه ا.هـ. .

وقال ابن الوزير : ( قلت : وعندي أن الحكم في هذا لا يستمر بل يختلف باختلاف قرائن الأحوال ، وهو موضع اجتهاد ) ا.هـ. .

وقال الحافظ ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" ص240 ط دار الكتب العلمية تعليقا على قول ابن الصلاح : ( وما صححه - أي الخطيب - من ترجيح الوصل والرفع فهو الصحيح في الفقه وأصوله ) .

أقول - والقائل الحافظ ابن حجر - : ( الذي صححه الخطيب شرطه أن يكون الراوي عدلا ضابطا ، وأما الفقهاء والأصوليون فيقبلون ذلك من العدل مطلقا وبين الأمرين فرق كثير . وهنا شيء يتعين التنبيه عليه هو : أنهم شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذا وفسروا الشاذ بأنه ما رواه الثقة فخالفه من هو أضبط منه أو أكثر عددا ثم قالوا : تقبل الزيادة من الثقة مطلقا ، وبنوا على ذلك أن من وصل معه زيادة فينبغي تقديم خبره على من أرسل مطلقا .

فلو اتفق أن يكون من أرسل أكثر عددا أو أضبط حفظا أو كتابا على من وصل أيقبلونه أم لا ؟ أم هل يسمونه شاذا أم لا ؟ لا بد من الإتيان بالفرق أو الاعتراف بالتناقض .

والحق في هذا أن زيادة الثقة لا تقبل دائما ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين فلم يصب وإنما يقبلون ذلك إذا استووا في الوصف ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظا ولا معنى .

وممن صرح بذلك الإمام فخر الدين وابن الأبياري - شارح البرهان - وغيرهما ، وقال ابن السمعاني : ( إذا كان راوي الناقصة لا يغفل أو كانت الدواعي تتوفر على نقلها ، أو كانوا جماعة لا يجوز عليهم أن يغفلوا عن تلك الزيادة وكان المجلس واحدا ، فالحق أن لا يقبل رواية راوي الزيادة هذا الذي ينبغي ) . انتهى . ثم قال : وإنما أردت بإيراد هذا بيان أن الأصوليين لم يطبقوا على القبول مطلقا بل الخلاف بينهم ، ا.هـ. المراد منه .

وقال ص263 بعد كلام : ( ... وعلى المصنف إشكال أشد منه ، وذلك أنه يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا كما تقدم ، ويقول : إنه لو تعارض الوصل والإرسال قدم الوصل مطلقا ، سواء كان رواة الإرسال أكثر أو أقل ، أحفظ أم لا ، ويختار في تفسير الشاذ أنه الذي يخالف رواية من هو أرجح منه . وإذا كان راوي الإرسال أحفظ ممن روى الوصل مع اشتراكهما في الثقة ، فقد ثبت كون الوصل شاذا ، فكيف يحكم له بالصحة مع شرطه في الصحة أن لا يكون شاذا ؟ هذا في غاية الإشكال ، ويمكن أن يجاب عنه بأن اشترط نفي الشذوذ في شرط الصحة إنما يقوله المحدثون ، وهم القائلون بترجيح رواية الأحفظ إذا تعارض الوصل والإرسال ، والفقهاء وأهل الأصول لا يقولون بذلك ، والمصنف قد صرح باختيار ترجيح الوصل على الإرسال ولعله يرى عدم اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحيح لأنه هناك لم يصرح عن نفسه باختيار شيء بل اقتصر على نقل ما عند المحدثين .

وإذا انتهى البحث إلى هذا المجال ارتفع الإشكال ، وعلم منه أن مذهب أهل الحديث أن شرط الصحيح أن لا يكون الحديث شاذا ، وأن من أرسل من الثقات إن كان أرجح ممن وصل من الثقات قدم وكذا بالعكس ، ويأتي فيه الاحتمال عن القاضي وهو أن الشذوذ يقدح في الاحتجاج لافي التسمية والله أعلم ) .

وقال في "نزهة النظر" ص95 - 96 : ( وزيادة راويهما أي : الصحيح والحسن ( مقبولة مالم تقع منافية ل ) رواية ( من هو أوثق ) ممن لم يذكر تلك الزيادة . لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها ، فهذه تقبل مطلقا لأنها في حكم الحديث المستقل الذي ينفرد به الثقة ، ولا يرويه عن شيخه غيره ، وإما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى ، فهذه التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها ، فيقبل الراجح ويرد المرجوح .

واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غير تفصيل ، ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذا ، ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه ، والعجب ممن أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتقاء الشذوذ في حد الحديث الصحيح وكذا الحسن والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين كعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي ابن المديني والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم والنسائي والدارقطني وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها ولا يعرف عن أحد منهم لإطلاق قبول الزيادة ).اهـ

وتابعه على ذلك غير واحد من شراحه وقوله : ( فهذه تقبل مطلقا لأنها في حكم الحديث المستقل الذي ينفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره ) كلام ضعيف مردود ، كما بين ذلك الحافظ نفسه حيث قال في" النكت على ابن الصلاح" ص283 - 284 بعد كلام : ( ... وهو احتجاج مردود ، لأنه ليس كل حديث تفرد به أي ثقة كان مقبولا ، كما سبق بيانه في نوع الشاذ ، ثم أن الفرق بين تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة ظاهر ، لأن تفرده بالحديث لا يلزم منه تطرق السهو والغفلة إلى غيره من الثقات ، إذ لا مخالفة في روايته لهم بخلاف تفرده بالزيادة إذا لم يروها من هو أتقن منه حفظا وأكثر عددا ، فالظن غالب بترجيح روايتهم على روايته ومبنى هذا الأمر على غلبة الظن ) .

وقال في "فتح الباري" ج12 ص312 : ( والتحقيق أنهما - الشيخان - ليس لهما في تقديم الوصل عمل مطرد بل هو دائر مع القرينة مهما ترجح بها اعتمداه وإلا كم حديث أعرضا عن تصحيحه للاختلاف في وصله وإرساله ) ا.هـ. .

وقال السخاوي في "الغاية شرح الهداية" ج1ص293 بعد أن ذكر المذاهب المذكورة في المسألة : ( ولكن الحق أنه لا طراد فيهما - أي تعارض الوصل والإرسال أو الرفع والوقف - لحكم معين بل الترجيح يختلف بحسب ما يظهر للناقد كما قرره شيخنا وبسطه في محل آخر ) ا.هـ. .

وقال في "فتح المغيث" ج1ص193 ، 194 بعد كلام : ( ... والظاهر أن محل الأقوال فيما لم يظهر فيه ترجيح ، كما أشار إليه شيخنا وأومأ إليه ما قدمته عن ابن سيد الناس ، وإلا فالحق حسب الاستقرار من صنيع متقدمي الفن ، كابن مهدي والقطان وأحمد والبخاري ، عدم الجزم بحكم كلي ، بل ذلك دائر مع الترجيح ، فتارة يترجح الوصل وتارة الإرسال وتارة يترجح عدد الذوات على الصفات ، وتارة العكس ، ومن راجع أحكامهم الجزائية تبين له ذلك ، والحديث المذكور لم يحكم له البخاري بالوصل لمجرد أن الواصل معه زيادة ، بل لما انضم لذلك من قرائن رجحته ، ككون يونس بن أبي إسحاق وابنيه إسرائيل وعيسى رووه عن أبي إسحاق موصولا ، ولا شك أن آل الرجل أخص به من غيرهم لا سيما وإسرائيل قال فيه الدارقطني : يشبه أن يكون القول قوله ، ووافقهم على الوصل عشرة من أصحاب أبي إسحاق ممن سمعه من لفظه ، واختلفت مجالسهم في الأخذ عنه كما جزم به الترمذي .

وأما شعبة والثوري فكان أحدهما له عنه عرضا في مجلس واحد لما رواه الترمذي من طريق الطيالسي ، حثنا شعبة قال : سمعت الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : (( لا نكاح إلا بولي )) ؟ فقال أبو إسحاق : نعم .

ولا يخفى رجحان الأول هذا إذا قلنا حفظ الثوري وشعبة في مقابل عدد الآخرين ، مع أن الشافعي يقول : العدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد ، ويتأيد كل ذلك بتقديم البخاري نفسه للإرسال في أحاديث أخر لقرائن قامت عنده ، ومنها أنه ذكر لأبي داود الطيالسي حديثا وصله وقال : إرساله أثبت هذا حاصل ما أفاده شيخنا مع زيادة ، وسبقه لكون ذلك مقتضى كلام الأئمة : العلائي ومن قبله ابن دقيق العيد وغيرهما وسيأتي في العلل أنه كثر الإعلال بالإرسال والوقف للوصل والرفع إن قويا عليهما وهو شاهد لما قررناه ) .

وقال السيوطي في "التدريب" ج2ص206 : ( وهذا القسم مع النوع السابق ) وهو المزيد في متصل الأسانيد ( يعترض بكل منهما على الآخر ) لأنه ربما كان الحكم للزايد وربما كان للناقص والزايد وهم ، وهو يشتبه على كثير من أهل الحديث ولا يدركه إلا النقاد ا.هـ. . وما بين الأقواس من كلام الإمام النووي .

وقال البقاعي : بعد أن أورد كلاما لابن الصلاح في هذه المسألة ، ذكر فيه أن الصحيح عند المحدثين والأصوليين أن الحكم لمن وصل الرواية ، قال : إن ابن الصلاح خلط طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين ، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرا لم يحكه ، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه ، وذلك أنهم لا يحكمون فيها بحكم مطرد ، وإنما يديرون ذلك مع القرائن ا.هـ. .

قلت : وهذا هو الحق الحقيق بالقبول ، وهو الذي جرى عليه عمل المحققين من الفقهاء ، كما يعرف ذلك من له أدنى ممارسة لهذا الفن .

ونقل الحافظ العلائي عن شيخه ابن الزملكاني أنه فرق بين مسألتي تعارض الوصل والإرسال والرفع والوقف ، بأن الوصل في السند زيادة عن الثقة فتقبل وليس الرفع زيادة في المتن فتكون علة ، وتقرير ذلك أن المتن إنما هو قول النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فإن كان من قول الصحابي فليس بمرفوع فصار منافيا له ؛ لأن ما دونه من قول الصحابي مناف لكونه من كلام النبي عليه الصلاة والسلام ، وأما الموصل والمرسل فكل منهما موافق للآخر في كونه من كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وهو قول قوي له وجه وجيه من الحق كما هو ظاهر جلي واضح غير خفي ، وبذلك تعرف أن الحكم برفع هذه الرواية إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يتمشى إلا على رأي من يقول إن الحكم للوصل مطلقا في حالة التعارض ؛ وقد رأيت أنه قول ضعيف جدا مخالف لما عليه جماهير المحققين من الفقهاء والمحدثين .

وأما ما ذكره بعض المتحذلقين (1) من أن لحديث صهيب شواهد مرفوعة من طريق أنس بن مالك وكعب بن عجرة وأبي بن كعب وأبي موسى الأشعري ، وموقوفة من طريق أبي بكر الصديق وحذيفة وعلي بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري ، فهذا الكلام منه يدل بأوضح دلالة وينادي بأعلى صوت على قلة علمه أو سوء قصده وخباثة طبعه ، وقد يجتمع كل ذلك ؛ وهو الذي أجزم به ، وأستطيع أن أستدل له وأبرهن عليه بما لا يدع مجالا للشك أو التشكيك في ذلك من كل من شم رائحة العلم والإنصاف ولو مرة واحدة في حياته ، ومن أوضح الأدلة وأسطع البراهين وأقوى الحجج على ذلك قوله بعدما أورد حديث ابن عمر في تفسير قول الله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ( القيامة :22 ، 23 ) : والحديث في درجة الحسن ، مع أنه حديث موضوع وكذب مخترع مصنوع ، كما لا يخفى على طالب علم ؛ وذلك لأن في إسناد ثوير بن أبي فاختة ، وهو ثوير كاسمه.

قال الإمام سفيان الثوري : ثوير ركن من أركان الكذب . وقال الدارقطني وابن الجنيد : متروك . وقال البخاري : تركه يحيى وابن مهدي . وقال في الأوسط : كان ابن عيينة يغمزه أي بالكذب ، وروى الساجي عن أيوب أنه قال : لم يكن مستقيم الشأن ، وقال الجوزجاني : ليس بثقة . وقال ابن حبان : كان يقلب الأسانيد حتى يجيء في رواياته بأشياء كأنها موضوعة . هذا وقد اضطرب فيه ؛ فرواه مرة مرفوعا ، ورواه مرة موقوفا ، ورواه مرة عن ابن عمر ( رضي الله عنهما ) مباشرة ، ورواه مرة أخرى عنه بالواسطة ، وهذا الاضطراب وحده منه يكفي للجزم ببطلان هذا الحديث من أصله ؛ فكيف ورواية ركن من أركان الكذب . (2)

هذا وللحديث شاهدان من طريق ابن عباس وأنس ( رضي الله عنهما ) لابد من التنبيه عليهما مخافة أن يغتر بهما بعض من لا علم له .

أما حديث ابن عباس ؛ ففي إسناده باذام مولى هانيء ( رضي الله عنهما ) وهو ضعيف جدا . قال ابن عدي : ما علمت أحدا من المتقدمين رضيه ، وقد جاء من طريق أخرى ؛ ولكن في إسنادها عطية العوفي ؛ وهو مدلس ؛ وقد عنعن كما في "الشريعة" للآجري ، و"الاعتقاد" للبيهقي ، ثم هو ضعيف لا تقبل له رواية ولو صرح بالسماع ، قال ابن حنبل : لايحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب ، وقد ضعفه أحمد وهشيم وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والساجي وابن عدي وآخرون .

وأما حديث أنس ففي إسناده صالح بن بشير المري ، قال الفلاس : منكر الحديث جدا . وقال النسائي : متروك . وقال أحمد : ليس هو صاحب حديث . وقال البخاري : نمكر الحديث . وقال ابن حبان : كان يروي الشيء الذي سمعه من ثابت والحسن ونحو هؤلاء على التوهم فيجعله عن أنس ، فظهر من روايته الموضوعات التي عن الأثبات ، فاستحق الترك عن الاحتجاج ، كان يحيى بن معين شديد الحمل عليه .

وإذا تقرر ذلك فإليك الجواب عن تلك الروايات التي احتج بها ذلك المتحذلق
1- أما رواية أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) ففيها نوح بن أبي مريم أبو عصمة ؛ وهو كذاب دجال .

قال البخاري : قال ابن المبارك لوكيع : عندنا شيخ يقال له أبو عصمة كان يضع كما يضع المعلى بن هلال . وقال ابن معين : ليس بشيء ، ولا يكتب حديثه . وقال أبو حاتم ومسلم والدولابي والدارقطني والساجي : متروك الحديث ، وزاد الساجي : عنده أحاديث بواطيل . وقال البخاري : ذاهب الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون ، وقال في موضع آخر : سقط حديثه ، وقال مرة : ليس بثقة ولا يكتب حديثه . وقال ابن حبان : كان يقلب الأسانيد ، يروي عن الثقات ما ليس من أحاديث الأثبات ؛ لا يجوز الاحتجاج به بحال ، وقال أيضا : نوح الجامعي ، جمع كل شيء إلا الصدق . وقال أبو علي النيسابوري : كان كذابا . وقال النقاش : روى الموضوعات ، وكذبه ابن عيينة . وقال الحاكم : أبو عصمة مقدم في علومه إلا أنه ذاهب الحديث بمرة ، وقد أفحش أئمة الحديث القول فيه ببراهين ظاهرة ، وقال أيضا : لقد كان جامعا رزق كل شيء إلا الصدق ؛ نعوذ بالله من الخذلان . وقال الخليلي : أجمعوا على ضعفه .

وفيها أيضا سلم بن سالم البلخي ؛ وهو ضعيف جدا ، قال أبو زرعة : لا يكتب حديثه وأومأ بيده إلى فيه ، قال ابن حاتم : يعني لا يصدق . وقال ابن المبارك : اتق حيات سلم لا تلسعك ، وقال الخليلي : أجمعوا على ضعفه ، ولم يرو عنه من أهل بلخ إلا من لم يكن الحديث من صنعته ، وقال ابن حبان : منكر الحديث ؛ يلقب الأخبار قلبا .

وللحديث طريق أخرى ؛ ولكنها ليست مما يفرح به ؛ لأن في إسنادها عمر ابن سعيد البصري الأبح ، قال البخاري : منكر الحديث ؛ أي لا تحل الرواية عنه كما هو معلوم من صنيع البخاري ، بل صرح بذلك البخاري نفسه كما تجد ذلك في "الميزان" وغيره .

وفيها أيضا عبدالله بن محمد بن جعفر القاضي ، قال الدارقطني في سؤالات الحاكم : كذاب يضع.

وفيها أيضا عنعنة مدلسين ؛ مع اختلاط أحدهما ، على أن هذه الطريق إنما هي موجودة في كتاب "الرؤية" المنسوب إلى الدارقطني ؛ وهو ليس عنه ، وإنما هو مكذوب عليه ، والمتهم به ابن كادش أو العشاري ، وبيان ذلك في غير هذا الموضع .

1-وأما رواية كعب بن عجرة فهي من طريق ابن حميد قال : حدثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريج عن عطاء عن كعب ، وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء والكذابين .

2- ابن حميد : هو محمد بن حميد التميمي الرازي ؛ ضعيف جدا ، سئل عنه النسائي فقال : ليس بشيء ، قيل له : البته ، قال : نعم ، وقال في موضع آخر : كذاب . وقال البخاري : فيه نظر ، وهذا جرح شديد كما هو معلوم من صنيع البخاري . وقال ابن حبان : ينفرد عن الثقات بالمقلوبات. وقال أبو علي النيسابوري : قلت لابن خزيمة : لو حدث الأسناد عن محمد بن حميد ؛ فإن أحمد قد أحسن الثناء عليه ، فقال : إنه لم يعرفه ؛ ولو عرفه كما عرفناه ما أثنى عليه أصلا . وسئل عنه أبو زرعة ، فأومأ بإصبعه إلى فيه ، فقيل له : كان يكذب ؟ فقال برأسه : نعم ، فقال له السائل : كان قد شاخ ؛ لعله كان يعمل عليه ويدلس عليه ، فقال : لا يا بني كان يتعمد . وقال ابن خراش : كان والله يكذب . وقال صالح جزرة : ما رأيت أجرأ على الله منه ، وقال : ما رأيت أحذق بالكذب منه ومن ابن الشاذكوني .

وإبراهيم بن المختار ضعيف ، قال البخاري : فيه نظر ، وهذا جرح شديد كما تقدم من صنيع البخاري . وقال زنيج : تركته ، ولم يرضه . وذكره ابن حبان في الثقات وقال : يتقي حديثه من رواية ابن حميد عنه ، قلت : وهذا الحديث منها

وابن جريج ؛ مدلس ، وقد عنعن ، قال الدارقطني : تجنب تدليس ابن جريج ؛ فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي يحيى وموسى بن عبيدة وغيرهما ، وفي كتاب علي ابن المديني ، سألت يحيى بن سعيد عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني فقال : ضعيف ، قلت ليحيى : إنه يقول أخبرني ، قال : إنه لاشيء ؛ كله ضعيف ؛ إنما هو كتاب دفعه إليه.

وعطاء الخراساني ، قد ضعفه جماعة ، قال ابن حبان : كان رديء الحفظ يخطيء ولا يعلم ؛ فبطل الاحتجاج به . وقال الحافظ : صدوق يهم كثيرا ويدلس ويرسل ، وقد كذبه سعيد بن المسيب.

ثم إن هذه الرواية منقطعة ؛ لأن عطاء هذا لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أنس ، كما قال الطبراني . وله طريق أخرى ، وهي باطلة أيضا ؛ لأن في إسنادها عباد بن كثير الثقفي ، وهو متروك ، قال أحمد : روى أحاديث مكذوبة لم يسمعها ، وفيها غير ذلك .


3-وأما رواية أبي بن كعب ، فهي من طريق زهير بن محمد ، قال : حدثني من سمع أبا العالية قال : حدثنا أبي بن كعب .

زهير بن محمد : يخطيء يغلط ، قال يحيى في رواية : ضعيف . وقال النسائي : ضعيف ، وقال في موضع آخر : ليس بالتقوى . وقال عثمان الدارمي : له أغاليط كثيرة ، وذكره أبو زرعة في "الضعفاء" . وقال أبو حاتم : محله الصدق وفي حفظه سوء . وقال الساجي : منكر الحديث . وقال ابن حبان : يخطيء ويخالف .

وعمرو بن أبي سلمة روايته عن زهير ضعيفة ، قال أحمد : روى عن زهير أحاديث بواطيل . نعم تابعة الوليد بن مسلم ؛ لكنه يدلس التسوية ، ثم فيها الرجل الراوي عن أبي العالية وهو غير معروف ، وقد جاءت من طريق أخرى ، وهي واهية بمرة لأن في إسنادها محمد بن زكريا الغلابي الضبي ، وهو وضاع كما قال الدارقطني وجاءت من طريق أخرى وهي ضعيفة أيضا .

1-وأما رواية أبي موسى الأشعري ؛ ففي إسنادها أبان بن أبي عياش ، قال أحمد ابن حنبل : متروك الحديث ؛ ترك الناس حديثه منذ دهر ، وقال أيضا : لا يكتب حديثه . وقال يحيى والفلاس والنسائي والدارقطني وأبو حاتم : متروك الحديث ، وزاد أبو حاتم : وكان رجلا صالحا ؛ ولكنه بلي بسوء الحفظ ، وقال النسائي في موضع : ليس بثقة ولا يكتب حديثه . وقال الحاكم أبو أحمد : منكر الحديث ، تركه شعبه وأبو عوانة ويحيى وعبدالرحمن . وقد روي عنه من طريقين :

إحداهما : رواها ابن وهب ، قال : أخبرني شبيب عن أبان ؛ ورواية ابن وهب عن شبيب ضعيفة ، كما قال ابن عدي وتابعه الحافظ .

والثانية : رواها قيس بن الربيع ، وقيس هذا قال عنه الحافظ في "التقريب" : صدوق ، تغير لما كبر ؛ أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به .

5- وجاء أيضا من طريق ابن عمر ، وفي إسناده ضعيفان : أبو معشر والهيثم بن حميد ، وقد تكون فيها غير ذلك فإن إسنادها لا يحضرني الآن .
1-أما رواية أبي بكر ( رضي الله عنه ) ففيها أبو إسحاق السبيعي ، وهو مدلس ، وقد عنعن ، ثم هو قد اختلط بآخره ، قال مغيرة : أهلك أهل الكوفة أبو إسحاق وأعيمشكم هذا . وقال معن : أفسد حديث أهل الكوفة أبو إسحاق والأعمش ، وصرح بتدليسه أيضا شعبة وابن حبان وحسين الكرابيسي وأبو جعفر الطبري ، ونص على اختلاطه يحيى بن معين وأحمد وآخرون .

ثم إن هذه الرواية مرسلة ؛ لأن عامر بن سعد - الراوي عن أبي بكر الصديق - لم يسمع منه ، نعم جاءت من طريق أخرى موصولة ؛ لكن سعيد بن نمران - راويها عن الصديق - مجهول .

2-وأما رواية حذيفة ، ففيها أيضا أبو إسحاق السبيعي ، وقد عرفت حاله .

3وأما رواية علي بن أبي طالب ، ففي إسنادها الحارث الأعور ؛ وهو ضعيف جدا ، قال البخاري في "التاريخ الكبير" عن إبراهيم : إنه اتهم الحارث ، وقال أيضا عن مغيرة : سمعت الشعبي : حدثنا الحارث وأشهد أنه أحد الكذابين ، ونحو ذلك في "التاريخ الصغير" ، وفي "الميزان" قال أيوب : كان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروي عن علي باطل . وفيه أيضا قال ابن المديني : كذاب ، واختلفت الرواية عن ابن معين في شأنه ، وأكثر الرواية عنه أنه يضعفه .

وفي "التهذيب" عن ابن شاهين في "الثقات" قال : قال أحمد بن صالح المصري : الحارث الأعور ثقة ما أحفظه ! ما أحسن ما روى عن علي ! وأثنى عليه ، قيل له : فقد قال الشعبي كان يكذب ، قال : لم يكن يكذب في الحديث إنما كان كذبه في رأيه ، قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقاته على مسند أحمد : هذا تمحل وتأول ضعيف بغيد ، ما الكذب في الرأي هذا ؛ والشعبي يقول : حدثنا الحارث وأشهد أنه أحد الكذابين . ا.هـ. .

وقال : أبو زرعة : الحارث لا يحتج بحديثه . وقال الحاكم : ليس بقوي ، ولا ممن يحتج به . وقال الدارقطني : الحارث ضعيف . وقال ابن حبان : كان الحارث غاليا في التشيع ؛ واهيا في الحديث ، وفيه غير ما ذكرنا
4- وأما رواية أبي موسى الأشعري ، ففيها أبو بكر الهذلي ، وهو متروك وقد كذب ، قال ابن معين : ليس بشيء ، وقال في موضع آخر : ليس بثقة . وقال يحيى : وكان غندر يقول : كان أبو بكر إمامنا وكان يكذب . وقال النسائي وعلي بن الجنيد : متروك الحديث . وقال ابن المديني : ضعيف ليس بشيء ، وقال مرة : ضعيف جدا ، وقال مرة : ضعيف . وقال الدارقطني : منكر الحديث متروك . وقال البخاري والساجي : ليس بالحافظ عندهم .

5-وأما رواية ابن مسعود ، ففي إسنادها أبو بكر عبدالله بن سليمان بن الأشعث ، وهو كذاب ؛ كما قال عنه أبوه ؛ وهو أدرى الناس به ، قال ابن الجنيد : سمعت أبا داود يقول : ابني عبدالله كذاب . وقال ابن صاعد : كفانا ما قال أبوه فيه . وقال أبو القاسم البغوي - بعد أن قرأ له كتابا - : أنت والله عندي منسلخ من العلم .

وفيها عامر بن الفرات ، وهو مجهول . وفيها من لم أجد له ترجمة . وفيها أسباط بن نصر كثير الخطأ .

6- وكذا يقال عن رواية ابن عباس ( رضي الله عنهما ) لأنها من الطريق نفسها . وجاء عنه أيضا من طريق أخرى ، وفي إسنادها الحكم بن أبان ، وهو ضعيف .

على أن هذا الحديث لو ثبت لما كان فيه دليل على ما ادعوه ؛ لأن النظر يأتي لمعان عدة كما هو معروف ، وانظر "الحق الدامغ" لشيخنا العلامة الخليلي - حفظه الله تعالى - .

هذه خمسة وعشرون حديثا بعضها موجودة في الصحيحين ، وبعضها الآخر في أحدهما؛ قد ضعفها جمع من العلماء ، ومنهم : أحمد وابن تيمية وابن القيم والألباني ، وقد تقدم كلام ابن تيمية والألباني على أحاديث الشيخين ، ولهما ولغيرهما كلام آخر لا نطيل به المقام ، وقد ضعف العلماء جماعة من رجال الشيخين ولولا خوف الإطالة لذكرت طائفة منهم .

================================

1-هو عبدالرحيم الطحان عامله الله بما يستحق .
2-وقد جاءت رواية في الرؤية عن ابن عمر من طريقين آخرين ؛ وفي إسناد إحداهما كذاب ومجهول ، وفي إسناد الأخرى ضعف وانقطاع ، ثم هما بغير هذا اللفظ كما هو مبسوط في محاله
03-31-2008, 02:05 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كتاب السيف الحاد في الرد على من أخذ بحديث الآحاد في مسائل الاعتقاد- سعيد بن مبروك القنوبي - بواسطة يجعله عامر - 03-31-2008, 02:05 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  كيف نفهم حرية الاعتقاد؟ فارس اللواء 1 621 09-24-2013, 05:51 AM
آخر رد: فخر الصادق
  مصر تحولت للمذهب السني بحد السيف. السيد مهدي الحسيني 75 13,621 06-12-2012, 08:26 PM
آخر رد: ((الراعي))
  شيخ الأزهر.. أليس التشيّع من حُرية الاعتقاد؟ السيد مهدي الحسيني 0 630 05-30-2012, 02:47 PM
آخر رد: السيد مهدي الحسيني
  مبروك عليكم العيد الاضحى على نور الله 7 1,274 11-06-2011, 11:34 PM
آخر رد: القيس عون
  اعتنق الاسلام بحد السيف والغزو هو احتلال عوني عوني 4 1,558 08-22-2011, 01:46 AM
آخر رد: ahmed ibrahim

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS