{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 3 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كيف ترى العالم خلال ال 50 سنة القادمة ؟.
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #68
كيف ترى العالم خلال ال 50 سنة القادمة ؟.
مستقبل الأخلاق .

شاركت في الكثير من الحوارات التي تناولت الأخلاق كفلسفة Ethics و كأنساق أخلاقية morale systems ، في البداية كنت كغيري أشعر أني أعرف كل شيء تقريبا طالما قرأت بعض الكتب الفلسفية بشيء من السهولة ، و مع مرور الوقت بدأت أدرك أننا لا نعرف سوى القليل مما يجب معرفته و أننا في مواجهة كثير من الثقوب السوداء حيث تمتص المعرفة بقوة خارقة فلا يمكنها الخروج ، و عندما وضعت هذه القضية أمامي ( مستقبل الأخلاق بعد 50 عام ) قررت ألا أخاطر مرة أخرى بالغوص في أفكار الكانطية الجديدة ولا أبتعد كثيرا عن الشاطئ ، فبعد سنوات من الهم الثقافي العام أصبحت أكثر وعيا بحدود الممكن و تعقيدات المعرفة ، لهذا قررت مبدئيا ألا أتعرض لفلسفة الأخلاق و أحصر كل مداخلتي على الأنساق ( الأنظمة ) الأخلاقية .
سوف استعرض مجموعة من الأفكار منتهجا فنيات الفينومينولوجيا phenomenological techniques ( الظواهرية ) و أتعامل مع الأخلاق كنظم أو أنساق خاضعة للوصف و القياس ، دون حتى إختلاس النظر للإتجاهات الفلسفية التي يمكن أن نستقرأها خلفها ، سيكون هذا المنهج أبسط و أبعد عن التركيبات العقلية فوق المعتادة في دوائر الحوار ،و بالطبع سيكون أقل عمقا ولن يلبي تطلعات العقليات الفلسفية الخالصة ،و عموما تلك العقليات غير شائعة في أي مكان واقعي لحسن الحظ .
لقد عرف العالم منذ العصر الصناعي مقتربين لفهم العلاقة بين الأنساق الأخلاقية و المكون المادي للحضارة وأيهما يقود الآخر ، سنجد لدى الفكر الكلاسيكي إجابتان مختلفتان بل متناقضتان هناك من يرى أن الواقع المادي هو الذي يسبق الأخلاق و يصوغها و في المقابل هناك من يرى أن المكون المادي ليس هو ما يحدد الأخلاق بل أن الأخلاق هي التي تدفع في اتجاه التغيير الاقتصادي ، الأولى يقدمها كارل ماركس و الثاني لماكس فيبر . لدى ماركس إن القيم و العقائد ليست نهائية أو دائمة فالشعوب تتغير كما يتغير الأفراد ، إن العوامل الاقتصادية و علاقات الإنتاج أو ما يسمى بالقاعدة الاقتصادية economic base ، هي التي تشكل منظومة القيم و الأخلاق بل وحتى العقائد ، أو باختصار البناء العلوي للمجتمع super structure ، و هكذا كلما تغيرت علاقات الإنتاج تغيرت الأخلاق.
كما ترى فهذه نظرة كلاسيكية متغلغلة في صميم العقلية العربية المثقفة و بالمناسبة لا استثني نفسي ، فهذه النظرة في النهاية تبدوا عقائدية وهو الفكر الذي نولع به ، و لكننا لن نركن لهذا التحليل المتفائل و الذي أتمنى من صميم قلبي ألا يكون نوعا من التوهم الذاتي وهروبا من حصار اليأس ...علينا أن نذهب أيضا و بالتوازي إلى عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر و كتابه الهام ( الأخلاقية البروتستانتية و روح الرأسمالية) وقد أصدره عام 1905 ، و أذكر لهذا المفكر أيضا كتابيه (بيروقراطية الرأسمالية ) و ( رسالة العلم ) ، وفي الكتاب الأول يرد فيبر على ماركس و انجلز بأن التغيرات في المجتمع تستلزم أكثر من العلاقات الاقتصادية المجردة ، و يرى فيبر أن الأفكار الدينية كانت حاسمة في نمو الأفكار الرأسمالية في أوروبا . نعلم أن ماكس فيبر بحث في التطور الديني البروتستانتي عن جذور القيم الأساسية للرأسمالية ، فهو يجد في كتابات ووصايا ( باكستر ) تنزيها لاهوتيا لقيمتي الوقت و العمل ، و فيبر هو الذي أعاد اكتشاف توما الأكويني و أكد أن ظاهرة تقسيم العمل و المهن في المجتمع مع ظواهر أخرى هي نتيجة مباشرة للخطة الإلهية ، و نلاحظ أن ظاهرة تقسيم العمل الإلهية تلك هي المقابل اللاهوتي لمبدأ النفعية العامة أو Utilitarianism ، و نفهم جيدا أهمية هذا المبدأ في توفير قاعدة أخلاقية للرأسمالية . إن أخطر ما نستنتجه من فيبر هو أن الأخلاق هي التي تصنع التقدم و ليس العكس ، وهذا يدحض نظرية ماركس ويؤكد أن الفكر يسبق المادة بخطوة واحدة على الأقل ، و بالتالي فحتى استيراد كل أدوات التحديث لن تخلق فكرا حداثيا ، و بعبارة موجزة أقول أن السيارة لن تصلح فكر سائقها و نظرته الدونية للمرأة التي تجلس جواره مبتسمة بينما تلتهم الشطائر غير حافلة بكل تلك الفلسفات .
نسأل:" لو كانت أفكار فيبر صحيحة ، فكيف نفسر انتقال الرأسمالية و الديمقراطية إلى مجتمعات ذات ثقافات أخرى مختلفة بل مناقضة للبروتستانتية ؟. يجيب فيبر أن الرأسمالية و إطارها الليبرالي ظهرت كمنتج بروتستانتي و لكنها نمت و أصبحت كيانا مستقلا يملك آلياته الخاصة و يفرض نفسه كسبيل للتقدم لا يمكن تجاوزه . هذا يقودنا إلى نتيجة منطقية هي أن الأخلاق الليبرالية ضرورة للتقدم كما نعرفه الآن ، و لكن ظهورها في مجتمع ما ليس حتميا حتى لو امتلك هذا المجتمع أدوات الحضارة المادية ، بمعنى أن هناك شعوب لن تستطيع استيعابها أبدا ،و بالتالي لن تتقدم بشكل حقيقي و ستتعرض للفناء المادي أو الثقافي على الأقل .
في الأزمنة الحديثة مازال المفكرون منقسمين بين أخلاقيين و ماديين ، و ينتمي ( صامويل هنتنجتون ) للمدرسة الأولى ، فهو و أصدقائه يرون أن القيم الثقافية و الإجتماعية تتمتع عادة بقدرة هائلة على الصمود و مقاومة التغيير ، و أن هذه القدرة على الإستمرار و الإحتفاظ بالموروثات الأصيلة هي السبب في التباين بين المجتمعات و تناقضها إلى حد التصادم، و للمدرسة الثانية ينتمي ( دانييل بيل ) و زملائه . وهكذا نجد أمامنا مقتربين أحدهما يقول أن الأنساق الأخلاقية لن تتغير كثيرا مهما تغير المكون المادي للحياة ،و الثاني على النقيض يرى أن التغيرات المادية العميقة و الواسعة التي يتعرض لها العالم ستؤدي إلى تغيرات مناظرة في القيم و الأخلاق ، لو نظرنا إلى نادي الفكر فيمكننا تميز بعض الزملاء الذين ينتمون للمدرسة الأولى ، يزاملون فيها صمويل هنتنجتون حتى لو كانوا يعتقدون العكس و منهم الأخوة الإسلاميون ، أما المدرسة الثانية فينتمي إليها معظم – و ليس كل – العلمانيين .
أوضح تلك التغيرات التي بدأت في التبلور بالفعل هي الشروع في إختفاء أنساق القيم الأخلاقية المتوارثة دون ظهور أنساق جديدة متماسكة ، و هذا يدفعنا إلى ضرورة التفكير في نوعية القيم الأخلاقية التي ستحكم العلاقات في مجتمعات الغد ، علينا أن نفكر في مقدار الإختلاف و التباعد بين القيم الأخلاقية و الدينية السائدة اليوم ، و التي نحاول توريثها للأجيال القادمة كأساس ضروري لبقاء الإنسانية ، و تلك المنتظر شيوعها في المستقبل أيضا كشرط حتمي لبقاء نفس الإنسانية ، إن مشكلة صياغة أخلاقيات جديدة للمستقبل تشغل المفكرين و حتى العلماء الجادين ، و هناك تخوفات مبررة من التقدم التكنولوجي الذي لا تحكمه قواعد أخلاقية ، إن هناك حسابات أخلاقية جديدة يجب إجرائها و لكن البشرية لا تمتلك بعد القاعدة المشتركة لإجراء لتلك الحسابات ، ففي المركز من العالم تقبع المجتمعات الغنية ، حيث توجد أعداد متزايدة من البشر يرون أن زيادة المكون المادي في الحياة لا يحل كثيرا من القضايا ذات الإجابات المتنوعة ،وهنا يبدوا دور الدين و الفلسفة و الفنون مطلوبا و ضروريا . هذا معناه أن على الفلسفة و الدين و الفنون أيضا أن تخاطب الإنسان العادي مباشرة . إن المجتمع الأغنى و الأكثر ثقافة هو المجتمع الذي يميل بشكل متزايد للتفكير بعمق فيما يفعله ، إن روح التدين و الفلسفة سيتم استدعاؤهما مرة أخرى و سيكون عليهما المساهمة بدور قيادي في البحث عن هياكل جديدة بديلا عن الهياكل المركزية القديمة و هي الأسرة و الأخلاق و الدين القديم ، كذلك لإجراء الحسابات الأخلاقية بالغة التعقيد و الغير مسبوقة التي يفرضها التقدم : مثل الاستنساخ البشري و الموازنة بين الصناعة و البيئة و التضحية بسلالات بشرية بذاتها لصالح البشرية كنوع و المفاضلة بين قيم الحرية و العدل ... الخ .
( للموضوع تكملة ) .
04-01-2008, 03:41 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
كيف ترى العالم خلال ال 50 سنة القادمة ؟. - بواسطة بهجت - 04-01-2008, 03:41 AM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  بروفيسور مصري يعمل في جامعة ميونخ يتوقع انهيار العالم الاسلامي خلال 30 عاما SH4EVER 53 12,582 10-18-2011, 11:40 AM
آخر رد: فلسطيني كنعاني
  الحرب القادمة قريبا أرمـانـد 4 2,066 08-02-2010, 10:18 PM
آخر رد: علي هلال
  القضايا الإسرائيلية العالقة وتحديات الحكومة القادمة أبو ليلى الدمشقي 1 793 01-23-2009, 01:05 PM
آخر رد: أبو ليلى الدمشقي
  اليومان الفاصلان في الانتخابات الإسرائيلية القادمة أبو ليلى الدمشقي 2 882 01-11-2009, 01:41 AM
آخر رد: rami111yousef
  هل سيحتل حزب الله غرب بيروت كما احتلت حماس غزة خلال الأيام المقبلة ??? بسام الخوري 59 8,327 05-20-2008, 01:11 PM
آخر رد: بسام الخوري

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 2 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS