http://www.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=op...tm&DID=9543
Arrayالانفجار السكاني والمواجهة الصادمة
سنظل نحرث في البحر مهما خططنا واستثمرنا وأنجزنا أمام بركان السكان, الذي يخرج كل يوم حممه ويلقيها علينا فتحترق كل جهود التنمية والإنماء, سنظل نعاني بل ستزداد المعاناة في كل نواحي الحياة مادامت اختلت الموازين وظل عدم التكافؤ بين معدل التنمية وحجم الموارد وبين معدل الزيادة السكانية, الذي لا يفوقنا فيه سوي بنجلاديش, إن قضية الانفجار السكاني الرهيب الذي يتراجع نسبيا ولفترة قصيرة ثم يعود هادرا مرة أخري ينبغي أن يكون أول وأهم القضايا علي أجندة المجتمع المصري بكل فئاته ومستوياته,
بشرط أن نستفيد من دروس الماضي ونقيم وبموضوعية تلك الجهود وما أسفرت عنه وأين نقاط قوتها ونقاط ضعفها, وبحكم الخبرة والاهتمام وبالاعتماد علي مصادر دراسات علمية سابقة دعونا نري الصورة علي حقيقتها, لأن القضية أكبر من قضية اعلام وحملات, والقضية أكبر من خطب ومؤتمرات, القضية تتعدي جدران المجلس القومي للسكان, والقضية أكبر من تنظيم الأسرة ووسائله, فالقضية ثقافة أمة ناتجة عن مفاهيم اجتماعية خاطئة تماما, كالعزوة واعتبار الأطفال مصدرا للدخل وكلها ناتجة عن الجهل والتفسير الخاطئ تماما للدين, وكلها أسباب أسهم فيها بعض رجال الدين وبعض المثقفين وعدد لا بأس به من السياسيين المزايدين, وكذلك بعض وسائل الإعلام وقيادات الرأي غير الواعية, من هنا فإن قضية الانفجار السكاني قضية مجتمع في حاجة الي تفكير انقلابي غير تقليدي, تحتاج الي جهد دائم لا يتوقف ولا يحده زمن أو تكلفة ومن أجل تحويل مفهوم العدل الاجتماعي الي واقع حقيقي ملموس. دعونا نبدأ من الأرقام التي هي أقوي من كل الكلام, فالأرقام تؤكد عدم تغير معدل الانخفاض في الزيادة السكانية خلال السنوات العشر الأخيرة,
أي أن الأمر يسير في الاتجاه العكسي تماما بل ان ا لكارثة تزداد حينما نري ما يمكن أن اسميه النكسة أو الارتداد العكسي قد تراجع بشكل محدود في الثمانينيات, إن الأرقام تنبئ بعواقب وخيمة فمن واقع الإحصاءات الدقيقة والتوقعات المستقبلية يتأكد ما يلي:
ـ أوضحت نتائج المسح السكاني الصحي2005 أن كل أسرة مصرية لديها في المتوسط ثلاثة أطفال ويقترب متوسط عدد أطفال الأسرة في الوجه البحري من المتوسط العام لمصر( ثلاثة أطفال) بينما يبلغ متوسط عدد أطفال الأسرة في الصعيد أربعة أطفال.
ـ اذا ثبت متوسط عدد أطفال الأسرة عند ثلاثة أطفال فإنه من المتوقع أن يصل عدد السكان الي نحو100 مليون نسمة عام2020, أما اذا اكتفت الأسرة المصرية في عام2008 بطفلين فقط فسوف يصل عدد السكان الي نحو100 مليون نسمة بحلول عام2029, وفي حالة تحقق هدف الاستراتيجية القومية للسكان بأن يصبح لدي كل أسرة في المتوسط طفلان بحلول عام2017, فإن عدد سكان مصر سوف يبلغ100 مليون بحلول عام2027.
ـ إن اكتفاء الأسرة المصرية بطفلين لا يعني أن عدد سكان مصر سيظل ثابتا وانما سيزيد بمعدل محدود.
ـ بلغ عدد التلاميذ في التعليم الابتدائي عام(2006/2005) نحو9,8 مليون تلميذ, وفي حالة ثبات متوسط عدد أطفال الأسرة المصرية عند ثلاثة أطفال, فإنه من المتوقع أن يصل هذا العدد الي نحو14 مليون تلميذ بحلول عام2030.
ـ في عام1960 بلغ عدد سكان كوريا الجنوبية نحو26 مليون نسمة وهو تقريبا نفس عدد سكان مصر في ذلك الوقت, وفي عام2006 بلغ عدد سكان كوريا الجنوبية نحو48 مليون نسمة بينما وصل عدد سكان مصر الي نحو76,5 مليون نسمة, وبالتالي علينا أن نري ماذا حققت كوريا من نتائج تنمية مبهرة؟
أما اذا انتقلنا الي مراجعة الاستراتيجيات الإعلامية التي تعاملت مع هذه القضية المزمنة فسوف نتوصل الي خلاصات أتصور أنها تمثل مدخلات أي استراتيجية متكاملة قادمة وهذه الخلاصات هي:
* نسبة كبيرة تصل الي حد الأغلبية سواء من المتعلمين أو غير المتعلمين, يرون أن الزيادة السكانية تمثل مشكلة في ادارتها وتعامل الدولة معها أكثر من كونها مشكلة زيادة أو مشكلة مواطن, وكثيرا ما تحدث مقارنة بين حجم السكان في مصر وبين دول أخري كالصين والهند وما شابه ذلك, للتدليل علي أنها مشكلة للدولة وادارتها, وهذه التفسيرات غير مبررة أو منطقية أمام خصوصية الواقع المصري, مما يعني غياب عمق الإحساس بالمشكلة لدي بعض مثقفي مصر.
* الربط بين معدل الزيادة السكانية غير المخطط وبين محدودية الموارد سبق طرحه ولكن بأسلوب مخاطبة لم يتسم بالوضوح الكافي في بعض الأحيان, وبالتالي لم يكن مفهوما في أغلب الأحيان للمستويات الاقتصادية والتعليمية المتوسطة أو المنخفضة, فضلا عن أنه يأتي في إطار خطاب رسمي تقليدي مما أفقد الجهود السابقة سمات الوضوح والبساطة.
* المخاطبة الإعلامية السابقة ربطت بل أحدثت تداخلا بشكل مباشر بين المشكلة السكانية وبين تنظيم الأسرة أو بالتعبير الدارج تحديد النسل, الأمر الذي جعل تنظيم الأسرة ووسائله هو الهدف والغاية في آن واحد وكأنه الأسلوب الأوحد للتعامل مع المشكلة السكانية مما أفقد الناس, ادراك التأثير السلبي للانفجار السكاني علي التنمية وبالتالي جودة الحياة.
* اتسمت المعالجة الإعلامية وبعيدا عن تركيزها علي مفهوم تنظيم الأسرة بعدم الاستمرارية المحسوبة أو المخططة, يضاف الي ذلك جدولة البث غير المركزة التي جانبها الصواب في التوقيتات فضلا عن غيبة التكامل في وسائل الاتصال من ناحية, والتكامل المستمر بين الإعلام العام والاتصال الشخصي المواجه.
* الطبطبة الي حد الاستجداء, كانت هي النغمة السائدة في المخاطبة الأمر الذي عمق تبرير الاحساس بسلبية المواطن إزاء هذه المشكلة الخطيرة, بعبارة أدق غابت المواجهة والمصارحة في الوقت الذي ينبغي أن تصل المصارحة فيه الي حد إصدام الرأي العام. وغاب العمق في التعامل مع المدركات والقيم السلبية مثل التواكلية والموروثات التقليدية مثل الرزاق هو الله, والأولاد عزوة, والأبناء مصدر دخل, وتحديد النسل مخالف للدين.
* الربط بين قدرة أمة علي التقدم اذا امتلكت شعبا صحيا, عفيا, قادرا علي الإنتاج, يتمتع بحياة لها جودتها وبين استمرار معدل الزيادة الذي يفوق قدرات البلد.. لم يكن واضحا بشكل أو بآخر أي أننا لم نؤكد أننا بزيادتنا غير المحسوبة نقف ضد أنفسنا.
أمام هذا الواقع وأمام دعوة الرئيس لوضع هذه القضية علي أجندة العمل العام, يصبح السؤال المهم: ماذا نحن فاعلون سياسيا واجتماعيا وصحيا وإعلاميا؟.[/quote]