حكمة اليوم : كلامُ الليـلِ يمحوه النهـار. ‏

قصة الحكمة :
قيل ان الرشيد هجر جارية له ثم لقيها في بعض الليالي في القصر سكرى وعليها رداء خز وهي تسحب اذيالها من التي، فراودها، فقالت يا امير المومنين هجرتني في هذه المدة، وليس لي علم بموافاتك، فانظرني حتى اتهياء للقائك واتيك بالغداة.
فلما اصبح قال للحاجب لا تدع احدا يدخل علي ،وانتظرها فلم تجئ، فقام ودخل عليها وسألها انجاز الوعد، فقالت يا امير المومنين كان ذلك الوعد في الليل وكلام الليل يمحوه النهار، فضحك وخرج إلى مجلسه.
فقال‏:‏ من بالباب من شعراء الكوفة
فقيل له‏:‏ مصعب والرقاشي وأبو نواس‏، فأمر بهم فأدخلوا عليه فلما جلسوا بين يديه.
قال‏:‏ ليقل كل واحد منكم شعراً يكون آخره‏ "كلام الليل يمحوه النهار"

فقال الرقاشي
اتسئلوها وقلبك مستطار *** وقد منع القرار فلا قرار
وقد تركتك صبا مستهاما *** فتاه لا تزور ولا تزار
اذا ما زرتها نفرت وقالت *** كلام الليل يمحوه النهار

وقال مصعب
اما والله لو تجدين وجدي *** لما وسعتك في بغداد دار
اما يكفيك ان العين عبرى *** وفي الاحشاء من ذكراك نار
واين الوعد سيدتي فقالت *** كلام الليل يمحوه النهار

وروي ان مصعب قال :
اتعذلني وقلبي مستطار *** كئيب لا يقر له قرار
بحب مليحة صادت فؤادي*** بألحاظ يخالطها احورار
طلبت الوصل منها جاوبتني *** كلام الليل يمحوه النهار

واتفق الجميع على ما قاله أبو نواس، وهو :
وخود اقبلت في القصر سكرى *** ولكن زين السكر الوقار
وقد سقط الردا عن منكبيها *** من التخميش وانحل الازار
وهز الريح اردافا ثقالا *** وغصنا فيه رمان صغار
فقلت لها عديني منك وعدا *** فقالت في غد منك المزار
لماجئت مقتضيا اجابت *** كلام الليل يمحوه النهار

فقال الرشيد قاتلك الله يا ابا نواس كأنك كنت ثالثنا وأمر لكل شاعر بخمسة الاف درهم ولابي نواس بعشرة الاف درهم وخلعة سنية

يماثله في المعنى المثل الشعبي :
كلام الليل مدهون بزبده