أهلا أخي العزيز عمر، الحوار معك يسعدني، ولو كنت أفضل عدم فتح حوارات في هذا الموضوع، لكن مع هذا.. فهي فرصة لتبادل الآراء والدردشة، بانتظار آخر الاخبار عن الدكتور فضل..

***

ليس المورد مورد اطالة او تقييم لسير نضالية لأي فصيل فلسطيني، كما ولا أحب الدخول في تصنيفات من قبيل "قضية عادلة" أو "غير عادلة"، فقد أثبتت التجربة في عالم اليوم أن "العدالة" لها معنى واحد لا رديف له، الا وهو "القوة"، "كن قويا تكون عادلا" هذه هي المعادلة في المجتمع الدولي اليوم.. لكن لاح لي ان الخلاف في مقاربة كل منا لهذه القضية، وبقية القضايا العربية، لا يقتصر فقط على المفاهيم، بل يتجاوزه الى ما هو أبعد من هذا، وربما أخطر، بحيث يصب في إطار ما يمكن ان أصفه بـ"البوصلة" الاستراتيجية – ان صح هذا القول او هذا الوصف، او ان نال مشروعية ما على افتراض-، التي يتفرع من سهم اتجاهها تفاصيل ذات مصاديق تتبلور كمشاريع وخطط عمل يتبنى تصوراتها، أو جزء من هذه التصورات على مستوى أحادي أو تبعيضي كل منا من منطلقات ورؤى معينة، لها وجهها في الافتراق غالبا، ومن الاتفاق أحيانا.. لكن هذا بالطبع لا يمنع من الالماح الى وجهة نظري في البين بعد ان تفضلت بإبراز خاصتك..

يسهل على المرء أن يحمل كل من "حماس" و"حزب الله" و"القاعدة" في سلة واحدة، وهو الأمر المنعكس بما تفضلت بتقديمه، وليس لهذا الحمل من مبرر أو دثار غير استصحاب "الدين" بما يشكل من منطلق لكل منهم، لكن مع هذا عذرا ان وجدت بهذا الحمل نوع من عدم الدقة، فهم وان كانوا ممتدين من "جنس" واحد، فإن التفاوت والاختلاف يطرأ بحيز من المرحلية على مستوى التفصيلات، ويتجاوزها بحسب التجربة والواقع ليمس ليس فقط رؤيتهم الاستراتيجية، أو طبيعة مشاريعهم، بل حتى "جوهر" ذاتهم، هذا بالطبع فضلا عن كون كل منهم يتبع مدرسة دينية مختلفة بما تنتجه عن الاسلام اختلافا شبه كلي – وليس هذا محور حديثنا هنا-، من ينظر إلى تجربة "حزب الله" على سبيل المثال منذ البدايات الاولى لنشأة هذا الحزب، ويقارنها فيه اليوم، يخرج بنتيجة واضحة، ان الامس لم يكن كاليوم البتة، فالحزب الذي أعلن في وثيقته السياسية الاولى عام 1985 ان لم تخني الذاكرة، قيام الثورة الاسلامية في لبنان على النظام "الكافر"، قد بات له نوابه في هذا النظام، ومارس اللعبة السياسية، وتصدى للشأن العام مثله كمثل أي حزب أو تيار سياسي لبناني آخر.. قد يسارع بعضهم الى تصويب هذه النقطة من كلامي باعتبارها "تقية" او "باطنية سياسية"، او ضرورة فرضتها المرحلة، وبالتالي فهذا الحزب سيعود إلى كهفه الحجري خالعا "السموكن" معاودا ارتداء "جلد الأيل" عند أول فرصة سانحة، ليقلب الطاولة على الجميع، ويعلنها "ولاية" أو "إمارة" إسلامية، لا بل قد يكون هذا قد بات سهلا أكثر مع إستيلاء "حماس" على السلطة في القطاع.. واقعا مثل هذه المقاربة تستدعي الكثير من المطولات التي يسبقها الكثير من التمهيدات سعيا لتوحيد الرؤية بإزائها، لكن مع هذا سأحاول الالماح ايضا ..

لا أريد أن أختصر كثيرا كي لا أكون مبهما ولا تسطيحيا، لكن واقع "المداخلة" يفرض نفسه، ... بذا وعلية، على الرغم من وجود أسباب أخرى، فقد لعب منطق الفعل ورد الفعل دوره في خلق وتكثيف دور الحالات الاسلامية في البلاد العربية، تبعا لمعطيات وظروف ذاتية وموضوعية عديدة، وكان لمفاهيم "الدولة" و"الاحتلال" و"المقاومة" وغيرهم دور في تشكيل ما قد يصح وصفه بالفعل المؤدي لرد الفعل الذي تمثل بالحالات الاسلامية.. "الدولة" و"الاحتلال" قد تصح مقاربتهما من هذا المنظار في موضوع آخر، "المقاومة" وعلى وجه السرعة، كمفهوم له واقع موضوعي ومصاديق محددة، كان يحمل في طياته على الاغلب بعدين، الاول: المشروع المرتكز على أفق ايدولوجي فكري، متوائم ومتوافق مع "الدولة \ النظام"، او متخالف معها.. الثاني: العمل المباشر باعتبار رد الفعل على الاحتلال.. وآتى هذا ثماره مع منظمة التحرير، مع الحزب الشيوعي اللبناني، مع الكثير من الاحزاب السياسية التي انبثقت من مشروع "المقاومة" أو تبنته.. بهذا، ولأجيال عديدة كان العربي عندما يرى حالة مقاومة أمامه غالبا ما يلتصق البعدين في وعيه التصاقا وعلى نحو التبادر ..

اتابع بعد قليل