لمن قال إجابات دينية حمقاء بينما أنه لم يقرأ شيئا في القصة التي ينسبها لنا، نقول له ما هي نصوص تحريم التبني في الإسلام؟ وكيف كانت العرب تعامل الولد المتبنى؟

ونظرا لأنه لم يقرأ، ولعله يستصعب القراءة، فسنجيب لله وللرسول ولمن أراد الفائدة من الناس،

تبنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زيدا بن حارثة قبل تحريم التبني، وكان ينسب له ويعد في الذروة من العرب هاشمي النسب من صليبة هاشم، وفيه ما فيه من العز والافتخار، وكانت العرب تعد المتبنى والصلبي شيئا واحدا حينذاك، يرث ويورث، ويتولى على ولاية ضعفاء قومه وسفهائهم، ويعد من المحارم لبنات من تبناه وأمهاته، إلى آخره من شؤون النسب.

حرم الله تعالى التبني في المدينة حين بدأت الشرائع تنزل تترى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال في محكم كتابه في سورة الأحزاب
[Quraan]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا*1* وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا*2* وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا*3* مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ الَّلائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ*4* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا*5* النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا*6*[/Quraan] الأحزاب

ثم أتى حديث الأحزاب وشغل الناس عن التزوج والتبني والتطليق حتى هزم الله الأحزاب وحده، وأنجز وعده رسله.

فعاد اسم زيد بعد تحريم التبني ليصير زيد بن حارثة، وصار بعد أن كان سيدا من هاشم ابنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو من هو في هاشم وقريش والعرب، صار بعد ذلك مولى لهاشم من قبيلة عربية ممن تستضعف ويسترق أبناؤها ويمن عليها الهواشم بالعتق والفداء، حينذاك خطب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السيدة القرشية من بني أسد، وهم ممن يلون بني هاشم بالفخر في قريش، ومنهم خديجة بنت خويلد، ومنهم العوام والزبير، وفوق ذلك كله أمها أمية بنت عبدالمطلب الهاشمية، عمة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
أبت زينب وأهلوها أن تنكح لمولى وهي السيدة القرشية بنت عمة صاحب الأمر، ونلاحظ أنها بنت عمته، أي أنها يعرفها في صغرها وشبابها، ولم يشرع الله الحجاب بعد، فكان يراها مقبلة ومدبرة، في مفاتنها وتبذلها سواء كغيره من الناس، بل لعله للرحم بينهما أعرف من الناس بأمرها، إلا أن رسول الله خطبها لمولاه بدل خطبتها لنفسه. وكان تزوجها منه دون باقي الزيجات أمرا ربانيا لفسخ ما اعتادته الجاهلية من اعتماد الأنساب للكفاءة في النكاح، والذي لا يزال يطبق في أرجاء الجزيرة اليوم.
فقال تعالى
[Quraan]وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا*36* [/Quraan] الأحزاب

لو كان زيد معدودا ولدا لمحمد حين النكاح لما رفض القوم خطبته، فما دفعهم لرفضها كان وضاعة نسبه في زعمهم قبالة شرف نسبها.

أما بعد النكاح فصار بين الزوجين ما يستلزم من صراع ونزاع وشقاق استحالت معه الحياة الزوجية، وسعى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وآله أن يصلح بينهما رغم علمه بأن الطلاق واقع وأنها ستصير له.
أما قصة أنه رآها وما رآها، ليت شعري أي حجاب كان قبل نكاح المصطفى من أم المؤمنين زينب ليحول بينه وبين رؤيتها وهي بنت عمته يعرفها منذ ولدت؟

ثم بعد التطليق والفراغ من العدة، زوجها الله تعالى لرسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه، وأسبغ كرامته على زيد بعد أن ظنت الناس أن به أمر، فصار اسمه يتلى في المساجد في كتاب الله مع النبيين والصديقين والصالحين، فقال تعالى
[Quraan]وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا *37*[/Quraan] الأحزاب

أما من لا يعرف من الإسلام إلا اسمه، فنقول له ليعلم أن الله قد أنزل كتابه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منجما في آيات على الوقائع والأحداث، فلم تنزل سورة الأحزاب مجتمعة معا، لنقول أنه حرم التبني لينكح زوجة متبناه، بل نقول أن الله حرم التبني، ثم فرض زواج زينب من زيد، ثم رضي بالتطليق، ثم زوج زينب من رسول الله، ولا تعكس القصة.

كنت أظن أن من ينصف نفسه ويتقي الإساءة لها أن يعي هذا القول دون تبيان منا، لعله كان خيرا له وأكرم لمروءته!