[[ نشرت الموضوع في منتدى صديق و أجريت عليه بعض التعديل ]]
على اعتبار أن المنتدى هو أشبه ما يكون بعينة إحصائية من المجتمع ككل فالموضوع محاولة بسيطة لإسقاط نظرية العقد الاجتماعي على هذا المجتمع الصغير...و لنبدأ..
حين تذكر جان جاك روسو فسيصل الحديث بطبيعة الحال لأشهر أفكاره [ العقد الاجتماعي].
مجمل الفكرة أن الإنسان يجب أن يجد صيغة يوفق فيها بين ما يريد [حرية] و ما يسمح له المجتمع بفعله [ تقييد] .
و هذا التقييد هو نتيجة طبيعية لاجتماع البشر الذي ينتج عنه تعارض في المصالح و اختلاف في الآراء , الأمر الذي يستدعي التوفيق بين ما سبق بإيجاد صيغة [ قانون] ينظم العلاقة بين هذه الفئات المختلفة دينياً و عرقياً و مصلحياً...
و ما يحدث في المنتديات من خلاف ثم حل هو ربما يكون بداية بسيطة لشئ من هذا النوع..مجرد بداية . -

و من الأفكار التي تستحق الوقوف عندها لأهميتها في التعايش بين مختلف الأطياف فكرة يطرحها روسو و هي تابعة للعقد الاجتماعي , و هي مهمة خاصة في النقاشات الحساسة و خاصة الدينية منها..فبرأيه ليكن الحديث عن النواحي الإيمانية العامة من إيمان بوجود الله و إيمان بالحساب و الجزاء على فعل الخير و الشر و غير ذلك من الأسس العامة , أما خصائص كل دين فهي مما بين الإنسان و ربه , و هذا ما يقابله في الموروث الشعبي : كل من على دينه الله يعينه..حكمة أوجدها أبناء المجتمع كصيغة طيبة للتعايش الطبيعي المنسجم بدون مشاكل.[ لأن المشاكل بهالناحية مو مزحة..و العراق خير دليل]
فالصحوة الدينية كما كان ينبغي أن تكون هي المنحى العام من تشجيع للسلوك الحسن و إعلاء لشأن الضمير و إتقان العمل و هي على هذا الأساس دعوة جيدة بل رائعة , أما إن كانت وسيلة لجرنا نحو السعودة مثلاً أو نحو ولاية الفقيه على النمط الإيراني فهذا مما أرفضه بشدة لأن قبولي به يعني بكل بساطة وضع عقلي و إنسانيتي على الرف و هذا ما لا يمكن بحال من الأحوال
..
نعود لروسو ..روسو ليس مثالياً بمعنى أنه ذو شطحات خيالية , لكنه رجل مبدأ و يظهر هذا في حياته الفقيرة و رفضه لتلقي راتب من أحد كما كان الكثير من معاصريه من الفلاسفة و الأدباء..
, فهو الإنسان الفذ و الفيلسوف الفرنسي الذي عاش في الفترة(1712 - 1778). و الذي أسس لتنوير متوازن يراعي العقل والروح.

روسو كما أراه هو فيلسوف و صوفي و علماني تنويري بنفس الوقت !!..
تقرأه فتكاد عيناك تدمع أمام نقاء كلماته و صفائها ..يسحرك حين يتحدث عن المساواة بين البشر و كأنه يتكلم بإيحاء من حالة إلهام صوفي عميق..و يكبر الرجل في عينيك أكثر سيما إذا عرفت أنه عاش فقيراً بائساً و محارباً لكنه ظل لآخر يوم في حياته نظيف ذات اليد ..
كونت عنه هذه الصورة على قلة المصادر المتاحة للاطلاع على كتاباته و كتابات غيره من الفلاسفة كالغالي على قلبي ديكارت أو كانت أو هيجل أو نيتشه و الذين تفتقر مكتبتنا العربية لكتاباتهم ..عدا عن ذلك يجد المرء بقايا كتب قديمة لماركس و لينين و تروتسكي و لودفيغ فورباخ و هي من بقايا مد يساري عرفته منطقتنا في مرحلة سابقة..

أعود لمنطق روسو في التنوير , فالرجل يؤسس لتنوير يسير فيه الجسد و الروح ..العاطفة و العقل جنباً إلى جنب..
و يرى بعض الباحثين أنه لو ساد هذا الاتجاه لتجنبت البشرية كوارث جمة كحربين عالميتين طاحنتين حصدتا عشرات الملايين من أرواح البشر..
و من أشهر ما جاء به جان جاك روسو هو نظريته في العقد الاجتماعي و التي خالف فيها لوك و من قبله هوبز حيث يرى هوبز مثلاً أنه في العقد الاجتماعي يتنازل الشعب للحاكم عن كل حقوقه فيكون حكمه مطلقاً و هوبز كان مؤيدأ للنظام الملكي , بينما لوك يرى أنه يتم التنازل عن بعض الحرية المطلقة في سبيل نوع من النظام حتى لا تتضارب المصالح , أما روسو فهو قريب للوك فيما عدا انه يتحدث أيضاً عن إرادة جديدة تظهر نتيجة ما سبق هي إرادة الجماعة و هي ربما مرحلة من المبكر جداً جداً الحديث عنها في ظل الخلافات و النزاعات على مستوى مجتمع صغير كالمنتدى فما بالك بما هو أكبر...

أما عن إيمان روسو فأسوق هذه الحادثةالطريفة :
جاء في قصة الحضارة للكاتب ول ديورانت أنه في إحدى المرات كان فلاسفة التنوير مجتمعين في صالون «البارون دولباك» فراح بعضهم يستهزئ بالمعتقدات العليا، وعندئذ هددهم روسو بالخروج من الجلسة إذا ما قالوا كلمة إضافية واحدة ضد الذات الإلهية! ومعلوم عن روسو انه نهض في عزّ عصر التنوير لكي يطلق صرخته المدوية: لا لعلم بدون أخلاق، لا لحضارة بدون ضمير![ فلذلك طلب للشباب الطيبة خاصة الزميل بيوتيفل مايند : خففوا حدة النقد بالمواضيع الدينية شوي لأن الغاية هي الحوار و ليس فرط العقد الاجتماعي..]
بانتظار مشاركاتكم...(f)