عزيزي Enki:

لو كنت ماركسي حقاً كما تقول لقرأت التاريخ قراءة مختلفة. هل الإسلام هو الدين الوحيد الغازي لبلدان أخرى أم أن هناك سيف قيصر والذي صار المتحدث الرسمي بإسم المسيح؟ بشكل أو بآخر، الغزو العربي كان سيحدث ولكنه وجد من "الدين" مظلة تحفز وتدفع على حدوثه. عندما دخلت المسيحية مصر يا عزيزي Enki قامت بتشويه مريع لتراث مصر الفرعوني وسعت بكل الطرق لطمس معالمه بزعم أنها معابد فرعونية بها أرواح شريرة مثلما عملوا مع معبد سيرابيس ومثلما عملوا مع عالمة الرياضيات الفيلسوفة هيباتيا إلخ والقائمة طويلة. يمكن أن تذهب لأماكن مسيحية اليوم وتجد أنهم قاموا ببتر الجزء الفرعوني ونقش الصليب بدلاً منه. أهذه هي الحضارة؟ أهذا هو التسامح؟ أهذا هو صليب ابن الله؟ هناك صراع حضاري كما قال صموئيل هنتنغتون في كتابه صراع الحضارات حيث أمم تقوم وأمم تقعد في عملية قيام وسقوط طبيعية كما ذكر جيبون في كتابه عن قيام وسقوط الحضارة الرومانية. الرومان كانوا شعب بربري بكل المقاييس وكما قامت حضارتهم فكذلك هوت. لا تظن أني أدافع عن الإسلام فأنا مرتد عن دين الإسلام ولي الفخر ولكني يجب أن أقول الصدق والصدق كما قال نبي العرب نفسه "منجاة". لا تنظر إلى نغمة المسكنة والاستضعاف التي تظهر من حين لآخر من أقباط الانترنت تلقي باللائمة على الإسلام فإني أؤكد لك إن الإسلام لم يظهر بين ظهرانيهم إلا بسبب فتورهم ومشاحناتهم وتكفيرهم لبعضهم لبعض في وقت كان أي إنسان يشذ عن المألوف ولو شعرة واحدة كانوا يعتبروه هرطوقي. ولذلك لما جاء الإسلام قام القديس يوحنا الدمشقي في غباء مطلق واعتبر الإسلام هو "الهرطقة المائة" وفاته أن الإسلام ليس هرطقة ولكن هو "دين جديد" متفرد بذاته وله كيان مستقل بذاته. هذا يشبه إنسان منشغل بأمر ما كل الانشغال وانهمك به فصار لم ير في الدنيا سواه. هذا كان حال نصارى الشام في ذلك الوقت وجاء الإسلام ووجد أرض خصبة وتمت الاستعاضة بمشاحناتهم فيما بينهم وبين بعض بمشاحنات جديد عن أيهما يمتلك "الحق المطلق" وأيهما أحق بالله دون الآخر. ومع كل هذا والإنسان لا يتعظ يا عزيزي فما زال بطاركتهم يمارسون تكفيرهم لبعضهم لبعض وتسمع بين الفينة وأختها عن "شلح" الأب فلان لأنه شذ ولو ميلليمتر واحد عن "عقائد الكنيسة" وما أدراك ما عقائد الكنيسة والتي يتحدثون عنها وكأنها كانت في اللوح المحفوظ. يا للوقاحة! تسمع عن حرمان فلان وطرد فلان وتكفير فلان بشكل لا يختلف بالمرة عما يحدث من مشايخ السلف الصالح من المسلمين، والهم طايل الكل بصراحة.

وما أجمل قول القرآن في مناسبة ما "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة". التعدد هو سنة الحياة والإنسان سيظل يبتكر طرق متنوعة للوصول إلى المعبود وبلوغ الطمأنينة وربما نحر أخاه الإنسان على معبد هذا الإله يتقرب به إليه لعله ينال الحظوة ويكون من ورثة الفردوس.