السعودية مع عزلة شاملة لسوريا !

-30-

تحدث المسؤول المهم نفسه الذي يتعاطى ملفات المنطقة بأزماتها ومشكلاتها في "الادارة" الاميركية الثانية المهمة جداً عن الاسباب التي تجعل سوريا بشار الاسد مطمئنة، رغم كل الضغوط الممارسة عليها، قال: "اميركا تضغط على سوريا في استمرار وكذلك الدول العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية. وهذه تريد من موقفها السلبي من سوريا ومن القمة العربية التي ستنعقد (انعقدت) فيها اظهار عزلتها عربياً واقليمياً، علما انها (اي سوريا) معزولة دوليا".
ولكن ما دامت اميركا واسرائيل لا تريان بديلاً من نظام بشار الاسد وترفضان تغييره فإنها ستبقى على مواقفها وسياساتها وستستمر في القيام بما يحلو لها. علّق: "هذا صحيح من جهة. ولكن من جهة اخرى لا تنسَ ان هناك المحكمة الخاصة بلبنان ذات الطابع الدولي. هذه المحكمة ستقوم وستعمل وستنتج وسيكون لها تأثير على سوريا. على كل حال يبدو بشار الاسد من جهة واثقاً بنفسه، ومن جهة اخرى خائفاً ومضطرباً وشديد الشك في الآخرين".
كيف ترى الوضع اللبناني الآن، سألت. اجاب: "انت كيف تراه؟" اجبت: متجه نحو الكارثة. لا انتخاب رئيس للجمهورية، وربما لا انتخابات نيابية في السنة المقبلة، واحتمال حصول اضطرابات قد تتحول فتنة او حرباً اهلية. طبعاً ايران والسعودية لديهما قرار بعدم نشوب حرب سنية – شيعية في لبنان. لكن الامور قد تفلت في لبنان وخصوصاً في ظل شبح المحكمة الدولية الذي يقض مضاجع كثيرين. علّق: "انت اكثر خبرة مني في الموضوع اللبناني. من قتل عماد مغنية في رأيك؟ طبعاً سمعنا روايات تفيد ان اسرائيل قتلته وذلك حقها، او اميركا. وسمعنا روايات اخرى تتهم سوريا بقتله او ربما "حزب الله" لاخفاء حقائق خطيرة كثيرة. لكنني لا اميل الى الاعتقاد ان سوريا هي القاتلة. فما هو رأيك انت؟". اجبت: كتبت مقالاً فور حصول الاغتيال اعربت فيه عن اعتقادي ان سوريا لم تقتل مغنية ليس لأنها لا تفعل اموراً كهذه، بل لأنها لا تدفع مقدماً ومن دون مقابل. لو كانت قريبة من التوصل الى صفقة معكم او مع اسرائيل حول امور كثيرة منها المحكمة الدولية لكان مفهوماً ان تقتله سوريا فتدفن اسراره معه. لكن لا شيء من ذلك حاصل الآن. اعتقد ان قتل مغنية اقلق سوريا لأنه انطوى على احتمال ان يكون هناك اختراق ما للأمن السوري. علّق: "هذا ما يبحث عنه "حزب الله" ايضاً لانه يريد ان يعرف اذا كان مخترقاً من احد ما او من جهة ما. هل تعتقد ان حرب 2006 او بالاحرى العملية العسكرية التي نفذها "حزب الله" داخل حدود اسرائيل وقتل بنتيجتها ثمانية جنود وخطف اثنان اخران - هل تعتقد ان قرار هذه الحرب كان سورياً او ايرانياً؟ انا اعتقد انه كان قراراً سورياً". اجبت: انا لا اعرف حقيقة. اعرف من مصدر موثوق به جداً لا شك في صحة معلوماته ودقتها ان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لم يكن عارفاً بالعملية العسكرية المذكورة وفوجىء بها. ربما هذا ما دفعه الى التصريح لاحقاً: لو عرفت لما اتخذت القرار. لكنه سواء عرف أو لم يعرف فقد ادار المعركة بعد ذلك بمهارة فائقة باعتراف الجميع اعداء واخصاماً واصدقاء وحلفاء. علّق: "لماذا لم يغضب الشيعة على "حزب الله" لتسببه في تدمير بيوتهم وقراهم بعد تحرير الاراضي المحتلة من الجنوب والبقاع الغربي عام 2000؟". اجبت: قال لي مرجع شيعي كبير قريب من الحزب بعد التحرير عام 2000 ان اي استدراج لإسرائيل لتشن حرباً على لبنان سيؤدي الى تدمير بيوت الشيعة في الجنوب وخارجه. وسيدفع ذلك اهل الجنوب الى اللحاق بالحزب بالاحذية. لكن ذلك لم يحصل والاسباب كثيرة اهمها ثلاثة. الشعور بالكيانية الشيعية الموحّدة في بلد الطوائف والمذاهب. النصر في حرب تموز 2006 ومبادرة الحزب وايران الى دفع مبالغ طائلة لاسكات الناس او على الاقل لتخفيف اي شعور ضمني بالغضب بسبب تدمير القرى والمنازل. الفشل وحده يتسبب بمشكلات. سأل: "ما هو رأيك في احمد الاسعد (إبن الرئيس كامل الاسعد)"؟ اجبت: زار واشنطن اخيراً. تابعت زيارته. عندما التقى الغادري (زعيم "حزب" سوري معارض في المنفى) قلت في نفسي انه قد يفشل. ما كان عليه مقابلته. وما كان على من رتّب زيارته الاميركية ان ينصحه بذلك. انه شجاع وجريء، لكنه يعمل وحيداً ويسعى ربما الى احياء زعامة اقطاعية في وقت توحد الجنوبيون من زمان ضد الاقطاع. علّق: "انت محق. والده كانت له سمعتان. واحدة وطنية لبنانية ممتازة، واخرى اقطاعية سلبية".
هل هناك من يدفع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى الحوار مع سوريا؟ سألت. اجاب: "دائماً ترى اناساً يدفعون في هذا الاتجاه مثل بايكر ودجيرجيان وغيرهما. لكن رايس لم تستجب وكذلك الادارة الاميركية كلاً لأن سوريا وبشار الاسد تحديداً لم يبديا اي تجاوب مع مطالب اميركا واحبطا كل اميركي حاول فتح حوار معهما او سعى الى ذلك. فضلا عن ان قرار الضغط على سوريا هو عند الرئيس جورج بوش شخصياً. هل رأيت كيف وضعنا رامي مخلوف قريب بشار على لائحة تجميد الاموال؟ وهناك آخرون غيره سيلحقونه على هذه اللائحة قريباً. كما ان هناك اجراءات اخرى ستتخذ. على كل حال اقول لكم: انتظروا المحكمة".
ماذا عن فلسطين؟ سألت. اجاب: "هناك مشكلات معقدة، مثل حق العودة. لن يعود اللاجئون الى اسرائيل، لاستحالة ذلك. انهم يعرفون ذلك، لكنهم يريدون الاحتفاظ بحق العودة واسرائيل تريد دولة يهودية".
قيل انكم ضد المبادرة العربية لحل الازمة الصعبة في لبنان. ردّ: "لسنا ضدها. انها الوحيدة المتوافرة الآن، نريد ان نراها تنجح. انها وحدها على الساحة. وليست هناك فرنسا وتصرفاتها التي "تخربط" ولا اي شيء آخر".
ماذا في جعبة مسؤول رفيع خبير بلبنان والمنطقة في الادارة الاميركية الثانية المهمة جداً نفسها؟

سركيس نعوم